الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المزارعون الأفغان... والقنب الهندي

المزارعون الأفغان... والقنب الهندي
17 نوفمبر 2007 23:59
وسط الإحباطات الكثيرة لجهود محاربة المخدرات في أفغانستان، كثيرا ما يشار إلى إقليم ''بالخ'' الشمالي باعتباره نجاحا مبهرا ونادرا في آن واحد· فقبل عامين، انتشرت في الإقليم المتاخم لـ''أوزبكستان'' و''طاجيكستان'' زراعة نبتة الخشخاش التي يستخلص منها الأفيون -نحو 27000 فدان، أي ما يناهز ضعف مساحة مانهاتن-،أما الآن وبعد الحملة المكثفة التي خاضها حاكم الإقليم ضد زراعة الخشخاش، فقد تخلى مزارعو ''بالخ'' عن زراعة هذا المحصول؛ وأُعلن الإقليمُ منطقةً خالية من الخشخاش، ووُعدت الحكومة الإقليمية بملايين الدولارات من المساعدات المخصصة للتنمية مكافأة للإقليم· غير أن الأمر الذي لم ينتبه إليه الكثيرون وسط غمرة الاحتفال، هو حقيقة أن الكثير من المزارعين في ''بالخ'' انتقلوا من زراعة الخشخاش إلى زراعة محصول آخر غير قانوني هو القنب الهندي: النبتة التي تستخلص منها الماريجوانا والحشيش· فبينما كانت الحكومات الأفغانية والغربية تركز على مشكلة ارتفاع إنتاج الأفيون الأفغاني، ارتفعت زراعة القنب الهندي بـ40 في المائة عبر البلاد، وحسب تقرير للأمم المتحدة هناك نحو 173000 فدان مزروعة بهذه النبتة· ورغم أن الحشيش أقل غلاء من حيث الوزن مقارنة بالأفيون أو الهيرويين، كما أن زراعته تدر على المزارع أكثر مما يدره الخشخاش لأن غلته أكثر، وزراعته تتطلب مجهودا أقل· ونتيجة لذلك -كما يقول تقرير الأمم المتحدة محذرا- ''فإن المزارعين الذين لا يزرعون الخشخاش قد يلجأون إلى زراعة القنب الهندي''؛ وهو ما حدث بالفعل في إقليم ''بالخ''، وذلك حسب عدد من المسؤولين والسكان؛ ونتيجة لذلك، فإن الإقليم يمتلك اليوم واحدا من أهم محاصيل القنب الهندي في البلاد· في وقت متأخر من نهار أحد أيام أكتوبر، كان ''محمد عيوض'' -مزارع في الثلاثين من عمره- يستعد للانتهاء من عمله اليومي بالقطعة الصغيرة التي يزرعها في هذه البلدة الفقيرة غير بعيد عن مدينة ''بالخ''، وكانت قطعته الأرضية مغطاة بغابة من نبتة القنب الهندي، التي يصل ارتفاع بعضها إلى تسعة أقدام، فقال مشيرا إلى نباتاته الطويلة ''هذا لا شي· لو أعطيتها أسمدة حقيقية، لرأيت مدى طولها''، كان محصول ''عيوض'' يرتكز في معظمه على أفيون الخشخاش في السابق· غير أن محصوله أُتلف من قبل المسؤولين الحكوميين خلال حملة قادها الحاكم الإقليمي ''عطا محمد نور''، الذي سَجن العشرات من المزارعين لأنهم لم يطيعوه، وقام بالمشي وسط حقول الخشخاش شخصيا، مدمرا سيقان الخشخاش بعصاه· هذا العام زرع ''عيوض'' القنب الهندي بدلا من الخشخاش، إضافة إلى بعض القطن من باب الحيطة في حال نفذت الحكومة وعودها باستئصال المحاصيل غير القانونية؛ يقول ''عيوض'' إن ذلك يشكل عودة لتقاليد العائلة، وهو يعلم أن زراعته تخالف القانون، ولكنه يبقى المحصول الوحيد الذي يمكن أن يدر عليه مدخولا يكفيه لإطعام وإعالة أسرته، فليس لديه شيء آخر يزرعه؛ غير أن المسؤولين الحكوميين يرون أن الفرق من حيث العائد كبير، فالقنب الهندي يعود بأرباح تمثل ضعفَ أرباح محصولٍ قانوني مثل القطن· يقوم المزارعون في هذه المنطقة بزراعة القنب الهندي منذ أزيد من 70 عاما؛ وحسب تقديرات عدد من سكان ''بالخ''، فإن نصف السكان الذكور البالغين على الأقل يدخنون الحشيش· وكان حشيش المنطقة -يسمى شيراك مزار، أو حليب مزار- يعتبر من قبل المدخنين عبر العالم الأعلى جودة، وإن كان تفوقه قد تراجع منذ ذلك الوقت بسبب منافسة وظهور أنواع أخرى في بلدان أخرى· ويعالج المزارعون القنب الهندي في منازلهم، ثم يبيعونه لمروجي المخدرات الذين يأتون إلى منازلهم لتسلمه، وحسب السكان هنا، فإن أجود أنواع الحشيش تُصدر، في حين يتم استهلاك الأنواع ذات الجودة الأقل على صعيد محلي· يقول ''عطا'' -حاكم الأقليم-: إن لديه مخططا للقضاء على القنب الهندي في الموسم الزراعي المقبل؛ وفي حوار معه في أكتوبر الماضي في مزار الشرف، قال: ''الماريجوانا، وخلافا للخشخاش، ليس من الصعب السيطرة عليها''، مضيفا: ''من السهل استئصالها، موضوعها بسيط جدا''، ولكنه استدرك ذلك بالتنويه إلى أنه مازال ينتظر أموال التنمية التي كانت الحكومة المركزية والمجتمع الدولي قد وعدا بها ''بالخ'' مقابل تخليه عن زراعة الخشخاش؛ وقد تم تخصيص المال -الذي قال إنه يبلغ 5 ملايين دولار، في حين يقول المسؤولون في الحكومة المركزية إنه يقارب 3 ملايين دولار- لإنجاز مجموعة من المشاريع مثل برامج التنمية الريفية قصد تشجيع بدائل زراعية تخلف الخشخاش والقنب الهندي· وقد حذر عطا من أنه إذا لم يصل المال بسرعة، فإنه لا يستطيع ضمان أن يتخلى المزارعون عن الخشخاش إذ يقول: ''إن تحسين مستوى حياة المزارعين هو مسؤولية الحكومة المدنية والمجتمع الدولي، ولكنهما لا يقومان بذلك''، وأضاف ''سنبذل قصارى جهودنا كي لا يزرعوا الخشخاش، غير أن ذلك لن يكون دون مشاكل''· كيرك سيمبل وخواجا غولاك-أفغانستان ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©