الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

سليمان العلي: أبحث عن سيرة جديدة للمعرفة!

سليمان العلي: أبحث عن سيرة جديدة للمعرفة!
18 نوفمبر 2007 00:03
يخوض الفنان التشكيلي الفلسطيني سليمان العلي فيما يسميه الحالة اللونية الخالصة، التي تقوم على فكرة اللون وإمكاناته الكامنة، والبحث عن علاقات لونية تغني المُشاهد عن الحالة المعرفية، التي اعتاد عليها في معظم التجارب التشكيلية· ويقول: عندما نذهب إلى معرض فإننا نبحث دائماً كمتلقين عن معرفة تشابه معرفتنا الخاصة، فنبحث عما هو واضح المعالم ومقروء، لكنني أبحث عن سيرة جديدة للمعرفة، هي مسألة الإحساس، وكيف يمكن للمشاهد أن يحس باللون، بعيداً عن الحالة الرمزية· بمعنى أن يحس بحزن اللوحة دون أن يرى إنساناً حزيناً، أو يلمس حالة الفرح دون أن يراه صريحاً في تفاصيلها· الواقعية الرمزية تستند تجربة سليمان العلي الفنية إلى أساس واقعي، انتقل بعده إلى الواقعية الرمزية، ومن ثم إلى حالة شبه تعبيرية، ليستقر في الحالة اللونية· ولهذا فإنه كثيراً ما يعود إلى الواقعية برسوماته الصغيرة، وفي ''البورتريهات''، فهو يرى أن الواقعية تغني الحالة التجريدية· لكن الواقعية عنده لا تعني حيثية المطابقة، يقول: القراءة الواقعية ليست قضية مطابقة للأشياء، فهناك أمور أخرى، مثل قيمة اللون المتجاور، والبعد المتجاور، والنسب، والحالات ذات المدلول الواقعي، وما أسميه الفهم الواقعي لدرجة اللون، بمكنونه الذاتي، أي اللون الذي يتكلم بصمت عن حالته، ويتحاور مع المشاهد من خلال الإحساس· فسليمان العلي يرى أن مهمته هي في تقديم رؤية خاصة وجديدة لما هو مشاهد من قبل الجميع؛ لأن الخصوصية في الرؤية والملاحظة هما ما يميز الفنان عن غيره، لخلق مشهدية جديدة، تتضمن قيمة جمالية· وهو بذلك يقف في منتصف الطريق بين الواقعية والتجريد· الحالة الوجدانية ويعتقد العلي أن انتقاله من مدرسة لأخرى يعود إلى مجموعة عوامل داخلية وخارجية لها علاقة بإحساسه الفني، وفلسفته في العمل، وفهمه الخاص للوحة ودوره فيها· وفي المرحلة الحالية من تجربته عمل على استبعاد العنصر تماماً، للوصول إلى الحالة الوجدانية، فالبحث الفني عنده هو بحث في المدلولات البصرية للّون، ومع ذلك فإن بعض الشخوص والعناصر والرموز تعود لتظهر في لوحته، إنما لتأكيد الحالة اللونية، وليس لإبراز حضورها الذاتي· سليمان العلي فنان أكاديمي، لكنه خرج من سطوة المنهجية، ليحلق في ميادين التجريب، ولهذا فإن لوحاته تشرع أبوابها على رؤى وأفكار وتقنيات حرة ومتحررة من كل القيود، ليعبر عن حداثة تعبيرية متميزة، فهو يستخدم تقنيات متنوعة، ويعتمد في تصويره أساليب عديدة· يقول: مرت تجربتي بمجموعة مراحل، لم أتبع فيها أسلوباً محدداً، بل كنت أعتمد مجموعة أساليب، وهذا برأيي أمر مشروع للفنان؛ لأن الحالة التي يعيشها تختلف من فترة إلى أخرى، ولا سيما عندما يكون في حالة بحث مستمر لتطوير نفسه· ينتقي سليمان العلي ألوانه بحساسية عالية، وينوع في استخدام الزمر اللونية الحارة والباردة، التي تنعكس على مضمون اللوحة الدافئة والحالمة· فهو يستنطق اللون في خدمة الفكرة· ويعتمد على الضربات اللونية المهتزة والشفافة، ليبث الحركة في الصورة، وينأى بها عن الجمود، مستخدماً الفرشاة أحياناً وسكين الرسم في أحيان أخرى· التصوير والكاريكاتير أقام عبر تجربته الفنية سلسلة من المعارض، قدم من خلالها تقنيات وموضوعات إنسانية مختلفة، أما الطبيعة فكانت ومازالت مصدراً مهماً لإلهامه· كما رسم مدينة دمشق القديمة، بما تعكس من تناغم لوني جميل، لكنه تجاوز الشكل التقليدي لحاراتها، مبتعداً عن تفاصيل معروفة أو زائدة عن جمالية المشهد· ورصد في لوحات أخرى أوضاعاً إنسانية غارقة في التأمل، فبدا رومانسياً، يعتمد أسلوباً تقريرياً واقعياً، ومشحوناً بالعاطفة، بالإضافة إلى تجريديته البحتة في تجاربه الأخيرة· بدأ تجربته الفنية في أوائل الثمانينات، وعمل في مجالين بشكل متلازم: التصوير والكاريكاتير، لكنه تفرغ للتصوير فيما بعد وهجر الكاريكاتير نهائياً بعد سنوات من احترافه، بالرغم من أنه يحن إليه بين حين وآخر، يقول: الكاريكاتير صديق حميم ودافئ، لكنه مزعج، عندما تعمل به إلى جانب التصوير؛ لأنه يتطلب متابعة دائمة، وتيقظاً مستمراً لالتقاط الفكرة، بينما تتبلور فكرة اللوحة التشكيلية ومضمونها في جو من الأريحية· فالكاريكاتير عالم قائم بذاته، ويختلف عن عالم التصوير· وقد وجدت في اللوحة حالة تقترب مما أريد قوله أكثر منه، مع احترامي الشديد لهذا التخصص، فتركته خشية على تخصصي التشكيلي·
المصدر: دمشق
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©