الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أريحوهم بالتعب

17 ابريل 2016 23:05
كثيراً ما نطلب من إنسان مسن التقاعد وتسلم المعاش دونما جهد يبذل، ظناً منا أن الوظيفة تجهده وتؤثر سلباً على صحته، فلا بد والأمر كذلك من أن يمكث في بيته، لا يقوم بمجهود ولا يبذل طاقة، وهو الأمر ذاته حتى بعد التقاعد أو مع المرأة غير العاملة، فنستاء عند دخول المسنات المطبخ لتحضير أكلة أو مساعدة خادمة، فعمرها لا يسمح بأكثر من متابعة التلفزيون، وما تجلبه القنوات في جلسة أشبه بالقالب المجمد، حتى الصلاة نشفق عليهم من أداء حركاتها كما ينبغي، فنسعى لمزيد من التجميد بجلب كراسي الصلاة ليؤدوا الفريضة دونما عناء أو جهد، وهي الأمور التي تؤكد لهم من حيث لا نشعر أنهم بلغوا العجز، ولم يعد بإمكانهم القيام بأقل الأمور جهداً. إن سعادة الإنسان على وجه العموم وبلا استثناء منذ الإدراك وحتى يلقى ربه، تكمن في الإنجاز مهما صغر شأنه، وليس أقسى على العاقل الذي اعتاد العطاء من يوم يمر من عمره دون أن يحقق شيئاً ولو نبتة يزرعها مسن، أو أكلة تحضرها جدة، ففي هذه أو تلك الأمل الذي يحتاج إليه الإنسان ليستمر سوياً، لا يعاني خللاً في صحته النفسية، ولا يشكو مللاً من يومه الطويل، ولا يحسب أيام عمره وينتظر الموت بعدما أدى واجباته، ولم يعد لديه ما يقوم به. بل علينا حث أولئك الذين يظنون أنهم لم يعودوا قادرين على فعل شيء بأنهم ما زالوا يمتلكون القدرة على فعل العديد من الأمور، لا سيما أن خبراتهم الحياتية وتجاربهم الغنية، ستميز كل ما يقومون به من عمل، ومن الضرورة مساعدتهم في البحث عما يستطيعون تأديته، لينتجوا منتجاً يرضيهم ويمكن الاستفادة منه، فالعمل ينقذهم من أمراض الشيخوخة وأوهامها، ويحرك الدورة الدموية في أبدانهم، ويساعدهم على التمتع بصحة النفس والبدن. العلاج النفسي لمن يعاني الاكتئاب والاضطرابات النفسية من كبار السن أو الشباب الذين ما زالوا مقبلين على الحياة، أن يتعرف الإنسان ما العمل الذي يسعده القيام به، ليمارسه ويقضي في تأديته جل وقته، فجميعنا بحاجة إلى تأدية ما ينفع أوطاننا وأسرنا وأبناءنا، وهذا بالطبع ما سيحقق لنا الراحة والسعادة، أما راحة الجسد فما هي سوى سم في العسل.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©