لعل أكثر ما يذكرنا بلحظات طفولتنا تلك الرسوم المتحركة أو الكرتونية التي كنا نتابعها وننتظرها على أحر من الجمر أثناء سنوات عمرنا الأولى· وأكاد أجزم إنه لا يوجد أحد منا أو من أطفالنا إلا وتعلق قلبه بأحد أبطال أو شخصيات المسلسلات الكرتونية· وللوهلة الأولى قد يظن المرء أنها عمل عادي وسهل، ولكنها في الحقيقة من أصعب الأمور التي تعرض على الشاشة، لما تحتاجه من مهارة إبداعية لا تتوفر لأي فرد، إلا إنها توفرت لدى الشابة الإماراتية منيرة عبد الرحمن التي بذلت جهوداً كبيرة في سبيل المحافظة على موهبتها وإظهارها إلى العيان، وتنميتها بالدراسة·
منذ صغرها امتلكت منيرة مواهب عدة بدءا من الرسم ومروراً بالتصوير الفوتوغرافي، وانتهاء بالتصميم الجرافيكي الذي شمل تصميم الشعارات والكتيبات الارشادية ومواقع الانترنت وتصميم الرسوم المتحركة، حيث بدأت برسم بعض الشخصيات والأشكال الكرتونية المحببة للأطفال، جمعت فيها بين الملامح العربية والإماراتية، وهذه أفضت إلى ابتكار مسلسل تعليمي للأطفال بطريقة الرسوم المتحركة أسمته ''شعبية مفاليع''، ومن خلاله حصدت إعجاب الجميع رغم بساطه المسلسل وقصر مدته الزمنية·
منيرة فتاة محظوظة بأن ولدت لأسرة تقدر الفن وتشجعه، حيث تشربت أصول الرسم من عمها، وهو الذي شجعها كثيراً على ولوج هذا العالم، وما إن أتقنته حتى تحولت إلى التصميم الجرافيكي كنوع آخر من الفنون، الأمر الذي أتاح لها فرصة التوسع في الأفكار· لكنها فضلت أثناء دراستها في كلية التقنية العليا ـ الشارقة التوجه نحو نوع آخر من الفن هو الرسوم المتحركة، وعلى الرغم من عدم معرفتها الجيدة بأصول وبرامج هذا الفن إلا أنها أصرت على خوض التجربة والنجاح فيها·
تقول: ''لم يكن لدي رغبة في دراسة الفن كتخصص لأنني أعتبره موهبة وهواية، بالإضافة إلى قناعتي بأن الرسم أصلا يندرج تحت إطار التصميم الجرافيكي، والفرق بينهما هو أن الرسم عادة يتم باليد بينما يتم التصميم الجرافيكي باستخدام الكمبيوتر''·
وتحدثنا عن مشروع ''شعبية مفاليع'' الذي يخاطب الأطفال بلغتهم البسيطة، فتقول: ''شعبية مفاليع'' كان عبارة عن مشروع تخرجي في الكلية، وقد استفدت الكثير من هذه التجربة رغم أنها المرة الأولى التي أعمل فيها على الرسوم المتحركة، ومن خلالها تعرفت على الكثير من البرامج الخاصة بتصميم الرسوم المتحركة''· ولكن إلى أي حد شعرت منيرة بالصعوبة في إنجاز هذا المسلسل، حول ذلك تقول: ''صعوبة الموضوع كانت في الجزء التعليمي، فقد كنت مضطرة إلى تعلم كل شيء بنفسي، سواء من حيث البرامج وطريقة استخدامها، أو تاريخ الرسوم المتحركة، أو الأصوات وتركيبها على الصور وغيرها الكثير، ولكن التحدي الأكبر كان في الوقت، إذ لم يكن لدي سوى ثمانية أسابيع لإنجاز المشروع وتقديمه، ولكن بفضل الله تمكنت من التغلب على ذلك وتقديمه بصورته النهائية خلال المدة المحددة، وحالياً أطمح إلى تطوير المسلسل بحيث يكون أطول ويتناول قضايا تعليمية مختلفة للأطفال''· وتهدف منيرة من خلال مشروعها ''شعبية مفاليع'' إلى إثبات أن الفتاة الإماراتية قادرة على الإبداع في مجالات عدة، إلى جانب تقديم رسوم متحركة جديدة مستوحاة من واقع البيئة التي نعيش فيها وتتوافق مع عادات وتقاليد المجتمع العربي عموماً· لا تنكر منيرة جهود المحيطين بها، فالكل كان يقف إلى جانبها لإنجاز هذا المشروع، لكنها رغم ذلك حاولت الاعتماد على نفسها في كل شيء يخص المشروع·
تفضل منيرة الفن التجريدي، الذي يعطي للمشاهد فرصة مشاركة الفنان في لوحته، كما تعتبر التصوير الفوتوغرافي، فناً لا تدركه إلا عين خبير، بحيث ترى الأشياء من منظور مختلف عن الآخرين·
لم تكتف منيرة التي تخطط لتأسيس شركة دعاية وإعلان خاصة بها بالهواية، بل استثمرت هوايتها في العمل، حيث قامت بتصميم الشعار الخاص بتلفزيون دبي، وكذلك بعض فقرات الربط أو الفواصل بين البرامج التي تعرض على محطة ''وَنْ تي فيدخ شض''، كما تعاونت مع قناة دبي الرياضية في تطوير الشعار الخطي الخاص بها·
عدد اليوم
