الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قصر الحصن.. هبة البحر

قصر الحصن.. هبة البحر
20 فبراير 2014 11:06
من حجارة مرجانية، هي هبة البحر، بني قصر الحصن. ومن رمل البحر وصدفه علت جدرانه. البحر الحاضر في كل مفردات الحياة الإماراتية القديمة.. الذي وهب الغواصين والصيادين سبل الحياة مجسدة في اللؤلؤ والأسماك.. البحر نفسه، مارس كرمه أيضاً مع الإماراتيين فمنحهم حجارته وصدفه ورمله، كمواد للبناء بها علا القصر، وبدوره كان سبباً لكي تخرج الجزيرة القفراء، من الغياب الأبيض إلى الحضور الأخضر. لا ينبئك القصر بكل مباهجه إن لم تدخل عليه بروحك. إن لم تتقصَّ تفاصيله العتيقة بشغف وتمسح على شروخها بحنان لن تحظى إلا بما يحظى به البصر السريع، مكان قديم، يبدو في بعض جوانبه متهالكاً، ولا يكاد يبين. لكن قراءته بعين البصيرة، تأخذك إلى كتابه لتمر على صفحات التاريخ وترحل في الزمن إلى قرنين ونصف القرن وربما أزيد قليلاً. وحدهم قراء الحجر والعارفون به، المنغمسون حتى القلب، في مدلولاته ومرموزاته وإشاراته، يعرفون أي مكان هو قصر الحصن. بوح الحجر يقول القصر في جملة ما يبوح به للخلّص من مريديه إن أبوظبي نشأت حول البرج القديم، برج الحصن. لم يكن في هذه الأرض حياة. لم يكن بشر. كان الرمل الأبيض بفعل الملح يملأ المكان، حتى سميت جزيرة أبوظبي «مليحة» كما يقول أغلب المؤرخين الذين كتبوا عن نشأة أبوظبي، قبل أن تأخذ اسم أبوظبي الذي يعني في ما يعنيه أرض الظبي. بدأت الحكاية كما يعرف الجميع من قرار الشيخ ذياب بن عيسى نقل حكم قبيلة بني ياس من ليوا إلى الجزيرة التي تحتوي على الماء. الماء كان في تلك الأيام، ولا يزال، شريان حياة البدوي. أينما وجده وضع رحاله وأناخ جماله. ويذهب المؤرخون، لا سيما الغربيون، إلى التركيز على النشأة السياسية للبرج، بمعنى أن الشيخ ذياب أراد أن يجد مكاناً آمناً في وقت كثرت فيه النزاعات والحروب، فوجد في جزيرة أبوظبي الملاذ، غافلين عن سيرة البرج التي تؤكد أنه كان ملاذا لكل الناس لا سيما في أوقات النزاع أو الأمراض وليس فقط للأسرة الحاكمة. ما إن بني البرج حتى بدأت البيوت تتناثر من حوله. وبكلام الآثاريين وعلماء الأنثروبولوجيا كان البرج هو الأساس لبداية ظهور المستوطنات البشرية. ما يسمح لنا بالقول إن وجود البرج جعل الحياة تدب في المكان. وقفت أحدق في البرج العالي. أتأمل جدرانه التي تساقط عنها الجير وأزيلت الطبقات في مناطق متعددة لتبرز حجارته المرجانية القديمة لتبوح بأسراره الأولى. ولتشهد على نوع من العمارة التقليدية التي مارسها الأجداد بكل مهارة، فبنوا أماكن صديقة للبيئة منذ مئات السنين. بنوها بروح حيّة تعانق روح الطبيعة، وتنفتح على السماء والفضاء. وبطريقتهم الذكية في تدبير العيش استخدموا ما وفرته لهم البيئة لكي يصنعوا أشياء حياتهم كلها، بما في ذلك بيوتهم التي استمعت إلى همس المواد، واحترمت خصائصها فأطلقت قدراتها إلى مداها الأقصى. ما أكثر ما يثير في الذهن مشهد الحصن. الحصن الذي يقف شاهداً على ذاكرة المدينة، حارساً لأحلامها، حاملاً خبايا رحلتها الممتدة في الزمان. الحصن الذي ظل يرقب المكان وهو يسير إلى ذاكرته الجديدة مخفوراً بالشواهق والسوامق من البنايات، فيما هو يحمي في داخله الأحداث الماضيات ويضيف إلى دفتره الحاضرات. بدت لي جدران القصر حبلى بحكايات البنائين الذين نزفوا شيئاً من أرواحهم على حجارتها، وهم يبنون في الحر والرطوبة على إيقاع أهازيج تثير فيهم الحمية. وبما أن لا أحد سجل تلك التفاصيل الصغيرة، يظل هذا الصوت الذي تردد في سمعي قادماً من أرض الخيال الشعري. لكن التفاصيل المعمارية للبرج الأول ليست خيالاً على الإطلاق، فهذه يمكن الذهاب إليها من خلال شهادات المعماريين والباحثين المتخصصين الذين كتبوا عن القصر واتفقوا على ملامح وسمات لهذا النوع من العمارة، ومواد بنائها، وطريقته. الكتب التي وضعت عن الأبراج كثيرة، وردت في عشرات المؤلفات، لكن الكتاب الجامع المانع، الذي رصد تفاصيل الحصن في جوانبه المعمارية والزخرفية ونمط العيش وغير ذلك، هو كتاب الباحثة ريم المتولي، التي أنجزت دراسة مستفيضة، عايشت فيها روح المكان، ورصدته بعين المحب الشغوف. ويبدو أن القصر لمس هذا الشغف، فنصحني حين سألته عن الطريقة الكفيلة بالتعمق فيه، بأن أذهب إلى ريم المتولي. صدقت القصر، ويممت وجهي شطر ريم. وجدتها تنتظرني، بروحها الدافئة التي لمستها منذ التقيتها أول مرة في المجمع الثقافي عام 1984، على باب البيت. البيت الذي يمكن القول إنه متحف وليس منزلاً، فأينما نظرت صافحتك اللوحات الفنية، والمشغولات الفضية والذهبية، والأنتيكات، والسجاجيد، والتحف الخشبية والتماثيل وغيرها مما يضمه أي متحف صغير. بريق الذاكرة بذاكرة خضلة، تختزن جماليات عديدة، بحب لا يخفى تحكي ريم عن قصر الحصن. ولا عجب، ففي هذا المكان - كما قالت - عاشت جزءاً من طفولتها، وربت بين جنباته. شهدت جدرانه شقاواتها وبين أروقته ركضت.. ربما تسلقت الشجرة القديمة، التي يقول خبير الترميم مارك كيفن إن عمرها يفوق المئة عام، وإنها لا تنبت في الإمارات مرجحاً أن أحدهم أحضرها من مكان آخر وزرعها هنا، وعابثت طيورها. ولهذا، سرعان ما امتلأت عيناها بالدهشة حين سألتها عما يعنيه لها القصر، وهتفت: «يكفي أن أقول لك إن هذا المكان هو أبرز ما بقي في روحي من شواهد الطفولة. لي فيه ذكريات وأحداث ولي معه قصة طويلة. لقد ظلت مفاتيحه طوال خمسة عشر عاماً في جيبي. أزوره كل يوم تقريباً. أنا أعرف كل جزء في القصر. أستعيد روائحه ووجوه من سكنوه كلما مررت به. إنه جزء من روحي وتكويني النفسي وحتى الأكاديمي. يعيش في أعماقي. وما زال طازجاً في ذاكرتي. يصعب عليَّ وصف ما أكنّه لقصر الحصن في روحي وقلبي. مهما قلت لا تسعفني الكلمات». تقلب ريم كتابها باحثة عن صورة توضح لي أول بناء للحصن (أفتح قوساً، خلسة، لأكتب أن صوتها تهدج ولمعت عيناها ببريق لافت وهي تحكي عن طفولتها في القصر ثم أغلق القوس)، لأبدأ في حديث علمي لا يخلو أيضاً من محبة خفية. تقول الدكتورة ريم في تبرير قلة الكتب المتخصصة التي وضعت عن قصر الحصن إن هذا الأمر ينسحب على الآثار بشكل عام، حيث «توجد آثار مبان قديمة في جميع أنحاء الإمارات، التي تغيرت جذرياً منذ اكتشاف النفط فيها، ولكن للأسف لم تُعد دراسة لهذه المباني فيما سبق، معظمها فُقد وما تبقى منها لم يسجل بصورة علمية أو معمارية، لقد تم نشر بعض المؤلفات في الفترة الأخيرة بكلتا اللغتين العربية والإنجليزية، ولكن لسوء الحظ لم تذكر الحصون فيها إلا كجزء من نظرة عامة للمباني في الخليج أو كمسح سطحي غير متعمق». وترى الدكتورة ريم أنها كانت محظوظة إذ وجدت في دراستها عن الحصن دعماً من كل من قابلتهم، ولعل أهم ما حصلت عليه هو قيام الشيخة عوشة بنت شخبوط التي كانت تسكن في القصر حينما كان منزلاً للشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان في ستينيات القرن الماضي بمصاحبتها إلى القصر، تقول: «تجولنا في القصر. دخلناه غرفة غرفة فيما هي تصف لي كل غرفة، وتتحدث عن ذكرياتها، وتذكر الأشخاص الذين كانوا يسكنون في كل غرفة. وبناء على وصفها هذا وضعنا المخطط الذي يوجد في منتصف الكتاب الذي يبين للقارئ كل غرف القصر وأسماء ساكنيها. والذي يظهر غرفة الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان، وما تحتويه من أثاث. أما الشخص الثاني فهو الشيخ طحنون بن سعيد الذي رافقني أيضاً إلى القصر أكثر من مرة وأكد ما روته الشيخة عوشة، وكان في تلك الفترة أصغر سكان القصر من حيث العمر». وتشير الدكتورة ريم إلى الأهمية الاستثنائية للزخارف التي تزين جدران القصر وغرفه، كون هذه القطع مجهولة تماماً للناس، ولم تصور إلا في الكتاب. لا سيما في الجناح الجنوبي والشرقي من حصن الشيخ شخبوط، وأهمها قطعة زخرفية كتب عليها (1359هجرية/ 1938م) وهي السنة التي بني فيها الجناح. ومنها، نعرف أن الجناح الكبير بني في هذه الفترة الزمنية. (انظر الصورة رقم 2). وتذهب الدكتورة ريم إلى أن مواد بناء الحصون اعتمدت على ما كان موجوداً محلياً مثل المرجان والحجر الرملي والأحجار البحرية من الإقليم الساحلي لجزيرة أبوظبي، بينما استخدم في المناطق البرية (الطوب) الطين وحجر الكلس كقوالب مفردة مع الجص لجميع حصون إقليم العين. وتذكر من هذه المواد: «البيم» ومفردها بيمة وهو ما يطلق محلياً على المرجان، العنصر الأساسي للبناء في منطقة الساحل، و«الجص» الذي استعمل أساساً لغرض تغطية الجدران وإعطائها الشكل النهائي، ولتغطية الطرابيش (مفردها طربوش وهو ما يطلق على النتوءات مثلثية الشكل، وهناك نوعان من الجص: أولهما «جص البحر» ويؤتى به من البحر، ويتم صنعه بحرق خليط من أحجار المرجان والمحار ثم سحقها معاً فتكون مسحوقاً متجانساً. والثاني يتكون من الحجر الكلسي (الجيري). وهناك «الصاروج» وهو نوع آخر من أنواع المواد الكلسية لكنه يتكون من طين (صلصال) شديد النقاوة، لا يحتوي على أجزاء رملية، و«مدر» الاسم المحلي للطين (الصلصال)، والخشب المأخوذ من أغصان شجرة المنغروف أو النخيل أو الغاف. عيون القصر تنفتح أقواس القصر على معلومات شتى كلها تلقي الضوء على نموذج من العناصر الزخرفية للهندسة عرفتها المنطقة، وقد وجد منها الكثير في معظم الحصون. النوع الأول هو الأقواس مسننة الرأس التي عادة ما تكون محاطة بإطار مستطيل الشكل، إما بارز أو داخلي (فجوي)، والثاني تكون مدببة أكثر من سابقتها لدرجة أنها تشكل مثلثاً في رأسها، والثالث هو قوس شبه دائري أو كما يسمى بـ «قوس بغدادي» يكون في بعض الأحيان أيضاً محاطاً بإطار مستطيل الشكل إما بارز أو داخلي. والرابع هو «تاج الأسقف» ويستخدم فقط على بعض من المداخل أو الفتحات ذات النقوش وتسمى محلياً (جالي)، والخامس هو متعدد الفصوص الذي يكون إما ذا فصوص كبيرة كما في الجدار الخارجي، أو ذا فصوص صغيرة معقدة كتلك الموجودة في الجناحين الجنوبي والشرقي في قصر الحصن، والسادس هو الموجود فقط في الجناحين المذكورين سابقاً في قصر الحصن، ويتناوب مع القوس متعدد الفصوص، كما تستبدل الفصوص الصغيرة الموجودة على القوس متعدد الفصوص بفتحات مثلثية الشكل أو بما يشبه «ناب الكلب». النوافذ عيون البيوت، وفي القصر تبدو أكثر من ذلك. فهي صلته مع العالم الخارجي. طريقته في الاحتفاء بالشمس والهواء. وأسلوبه الخاص في التجمل. يتجمل القصر بأشكال هندسية بسيطة تماثل تلك المحفورة على الأبواب، وتستبدل في بعض الأحيان القضبان الحديدية بأخرى خشبية ذات نحت جميل وبسيط في الوقت ذاته، أما ألواح الجص المنقوشة، فنجدها مكررة لتملأ حيز النافذة بأكمله. وتحمل هذه الزينة مسميات عديدة، من بغدادي «يتألف من أقواس صغيرة مترابطة» إلى لوزي الذي يتخذ شكل اللوزة، إلى أثر الذيب الذي يشبه آثار مخالب الذئب، إلى فنجان الذي يتألف من دوائر مجوفة ويأتي اسمه من فنجان القهوة العربية، إلى سمبك الخيل الذي يشبه حافر الفرس. وقد تأتي هذه الزخارف مستقلة، أو تتعانق معاً في نافذة واحدة وهناك أيضاً بعض النوافذ مستطيلة الشكل التي تجمع بين مصاريع خشبية والجالي. ورغم أن جدران الحصون تترك غالباً عارية، مجردة من الزينة إلا أن قصر الحصن هو الاستثناء الوحيد لهذه القاعدة، وذلك من خلال ما وجد في الطابق الأرضي من الجناح الجنوبي للقصر. تسلسل تاريخي في جزيرة أبوظبي، التي ربطتها باليابسة يوماً مخاضة المد والجزر بين بعض من البيوت المتقوضة المشيدة من أحجار المرجان وما يقارب مائة كوخ مشيدة من سعف النخيل، بُني قصر الحصن، مقابلاً لشاطئ البحر بمسافة مأمونة. وعاشا حالة جوار وعناق امتدت لسنوات. وجاء ذكره في وثيقة من أوائل الوثائق البريطانية . لم يبق الحصن على حاله، ولحقه الكثير من الإضافات والتجديدات وهنا عرض للتسلسل التاريخي للمبنى كما أوردته الدكتورة ريم في كتابها (مع التصرف): يعتقد أن المبنى الأصلي كان قد تم بناؤه بأمر من المرحوم الشيخ شخبوط بن ذياب آل نهيان الذي حكم أبوظبي في الفترة بين 1793 وحتى 1816 وحوّل مركز السلطة لعائلته من ليوا إلى جزيرة أبوظبي. كان الحصن أساساً مربع الشكل بمدخل وحيد يقابل البحر من جهة الشمال، كان حصناً نوذجياً ذا برجين مربعين وآخرين مدورين. وسيشكل هذا «المرحلة الأولى». ويعتقد أيضاً أن أقدم إضافة للحصن حدثت خلال فترة حكم المرحوم الشيخ سعيد بن طحنون (1845-1855م). الإضافة الرئيسة الثانية حدثت عام 1939م خلال فترة حكم المرحوم الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان (1928-1966م)، وتم بناء الإضافة سالفة الذكر، أي «المرحلة الثانية»، التي كانت تشمل مركز الوثائق والدراسات، حوالي عام 1940م أو1941م. في عام 1949م - 1950م، بدأ التنقيب عن النفط وفي حوالي 1960م - 1962م اكتشف النفط في المنطقة، ومنذ ذلك الحين أصبح المرحوم الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان يستقبل ضيوفاً ومستشارين مهمين، لذا تطلب الأمر وجود مكان مخصص للاجتماعات أو «المجلس» مع مساحة مخصصة لمكتب، حيث تتم فيه إدارة الأعمال. كان الجزء القديم من الحصن مخصصاً لهذا الغرض بينما كانت العائلة تسكن في الأجنحة الجديدة. ولكن تبين أن الحصن القديم كان قد جار عليه الدهر فحدث أن أُعيد بناؤه لمحاذاة الحصن الأصلي مع إضافة مساحات جديدة لغرض بناء المكاتب والإدارة. وبعد مرور سنوات قليلة، وفي عام 1964-1965م بالتحديد، أضاف المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان دارين إلى ساحة المبنى لأغراض إدارية، واعتبرت هذه هي «المرحلة الثالثة». استعملت هاتان الداران من قبل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حاكم أبوظبي ورئيس دولة الإمارات العربية المتحدة وقتذاك بعد تسلمه مقاليد الحكم عام 1966م، حيث خُصصت إحدى الدارين لتكون ديواناً للحاكم، وكانت تستخدم كمكاتب إدارية بينما احتل مركز الوثائق والدراسات الدار الأخرى. وكان للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، الفضل في تحسين وضع أجنحة المرحلة الثانية وتم اختيار الطابق العلوي للجناح الجنوبي من المبنى ليكون مخصصاً للأرشيف، وكان ذلك عام 1976م-1977م. وقد أُنيطت ببلدية أبوظبي مهمة تجديد مباني المرحلة الثانية وفعلاً بدأ العمل عام 1978م. وخلال فترة تجديد المباني عام 1976م-1977م، رُدم القوس الثاني من كل قوسين متتاليين لتقليل تأثير أشعة شمس الظهيرة، واستخدمت بعض النوافذ المواجهة لجهة الشرق في احتواء وحدات مكيفات الهواء (واحدة لكل غرفة)، والبعض الآخر منها أُغلق تماماً بالخشب الرقائقي مما دعا إلى فتح كوة صغيرة مثلثة الشكل فوق كل نافذة لدخول الضوء إلى الغرف. واستمر استخدام هذه الكوى كنوافذ حتى بعد الانتهاء من حملة الإصلاحات والبناء، وكان ذلك بين عامي 1979م و1985م. بالإضافة إلى ذلك استخدم الخشب الأسود لتحويل النوافذ الأصلية والكوى المتبقية إلى دواليب ظناً منهم أنهم بذلك يستفيدون منها كأماكن تخزين، لكنه وللأسف كان ظناً خاطئاً لأنه نتج عن ذلك ازدياد درجة الحرارة في الغرف، بالإضافة إلى فقدان السمة التاريخية للمبنى. ونظراً لتوارث هذه الأخطاء، التي وظّفت لتتماشى مع ضروريات ذلك الوقت، استحدثت أخطاء أكبر الأمر الذي أوجد مفردات غريبة عن الحصن الأصلي. في عام 1979م أمر المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بضرورة تجديد بناء المبنى المخصص لسكن العائلة الحاكمة (أي الحصن الذي بناه المرحوم الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان)، خوفاً من انهياره وفعلاً بدأ العمل بمشروع اشتمل على تجديد وإعادة بناء جميع أجزاء الحصن واستمر العمل حتى عام 1984-1985م، وهي «المرحلة الرابعة». وفي عام 1983م تم إنجاز مشروع التصميم الداخلي للمبنى، وكانت هذه هي «المرحلة الخامسة» للبناء. والآن، أظن أن قصر الحصن يشعر في أعماقه بارتياح عميق، لأن عمليات الترميم التي تجري فيه ستراعي روحه، وتعيد له وجهه القديم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©