الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

تدفق الأموال على أسواق السلع يرفع أسعار الأغذية

تدفق الأموال على أسواق السلع يرفع أسعار الأغذية
3 ابريل 2008 21:40
تلاحقت ارتفاعات أسعار الأغذية في مختلف أنحاء العالم، واللوم أو بعض اللوم على الاقل يقع على عاتق المستثمرين الذين حولوا أموالهم الى أسواق السلع الأولية في السنوات الخمس الاخيرة بحثاً عن عوائد أعلى مما يحصلون عليه من أسواق الاسهم والسندات· فقد شهدت صناديق الاستثمار العالمية أن الارباح التي يمكن تحقيقها في السلع الاولية تفوق بكثير أرباح سوق الاسهم وبدأت منذ عام 2002 تدخل سوق النفط ثم أسواق المعادن فالحبوب، وغذى هذا الاتجاه انخفاض أسعار الفائدة في الدول الكبرى الأمر الذي جعل الاستثمارات ذات الدخل الثابت أقل إغراء وساهم بنصيب في ذلك أيضا ضعف الدولار الذي يعمل على رفع سعر الاستثمارات المقومة بالدولار مثل أغلب الحبوب· وجذب هذا بدوره مستثمرين لا صلة لهم بسوق الحبوب أو تربطهم بها صلة واهية وغالباً ما يعرفون بالمضاربين فرفعوا أسعار الذرة والقمح وفول الصويا إلى مستويات جديدة تماما· وفي مارس سجل سعر الذرة في المعاملات الاجلة 5,88 دولار للبوشل وسعر فول الصويا 3/4 15,86 دولار في بورصة مجلس شيكاجو للتجارة التي تمثل مقياسا للاسعار العالمية، وبلغ سعر القمح في بورصة مجلس شيكاجو أعلى مستوى عند 3/4 13,49 دولار للبوشل في فبراير· وفوجئت شركات صناعة الاغذية بارتفاع تكاليف النقل من جراء ارتفاع أسعار النفط الى مستويات قياسية فنقلت بعض الزيادة في أسعار الحاصلات الى المستهلكين مما أدى الى احتجاجات في العديد من الدول، بل إن بعض الدول منعت تصدير الحبوب حتى تضمن تغطية الطلب المحلي· ويقول المستثمرون إن الاسعار المرتفعة تدعمها عوامل أساسية متمثلة في العرض والطلب مثل زيادة استهلاك البروتين في قوى اقتصادية ناشئة مثل الصين والطلب على الوقود الحيوي المستخلص من الذرة وفول الصويا وزيت النخيل؛ لكن الاقتصاديين يقولون إن المستثمرين يتحملون بعض المسؤولية على الاقل· وقال تشاد هارت خبير الاقتصاد الزراعي لدى مركز التنمية الزراعية والريفية بجامعة ولاية ايوا: ''الفكرة هي أن هناك الكثير من اللاعبين الجدد في لعبة المعاملات الاجلة في السلع الاولية وهؤلاء اللاعبون الجدد ليست لهم بالضرورة مصلحة راسخة في السوق باستثناء مصلحة المضاربة''، وقال إنه رغم أن السلع الزراعية تتداول وفقاً للعوامل الاساسية مثل تقارير المحاصيل فقد تزايدت حدة التقلب فيها بسبب تدفق أموال استثمارات جديدة· وقال جاري كالتباوم الذي يدير صندوق تحوط باسم كالتباوم اند اسوشييتس أوف أورلاندو بولاية فلوريدا ويستثمر أمواله في الحبوب: ''مما يؤسف له في اعتقادي أن الناس عندما تتعامل في السلع الاولية لا أعتقد أنهم يبالون بالاثر الاجتماعي''، وأضاف متحدثاً عن المستثمرين من أمثاله: ''ما يفعله هؤلاء هو الاستثمار وعملهم هو تحقيق الربح· وإذا اعتقدوا ان شيئاً سيرتفع سعره فيتجهون لتداوله· ولا يقلقهم أي تداعيات أخرى''· ومع احتدام الحديث عن الكساد في الولايات المتحدة يقول البعض إن التوقعات قد لا تكون مبشرة للاسهم والسندات بقدر ما هي مبشرة للسلع الاولية، وقال توم فرنانديز المدير لدى شركة جرينهافن لإدارة الاصول في اتلانتا تستثمر في المحاصيل الغذائية ومحاصيل الوقود الحيوي: ''من المرجح أن يتوقع المستثمرون ناتجاً محلياً اجمالياً سلبياً من هنا ولديهم ما بين 65 و95 في المئة من أصولهم مستثمرة في الأسهم وأصول ذات عائد ضعيف·'' ويضيف أنهم ليس أمامهم خيار سوى تخصيص جزء من استثماراتهم لاصول مربحة فما كان منهم الا ان اتجهوا لتكوين مراكز دائنة في السلع الأولية، والمركز الدائن رهان على أن الاسعار سترتفع بينما يمثل المركز المدين رهاناً على أن الاسعار ستنخفض· وقال متعاملون إن ثقل المستثمرين من أصحاب المراكز الدائنة شغل المساحة بين المنتجين والمستهلكين في أسواق الحبوب وهي أسواق أصغر من أن تتحمل التدفقات المالية الضخمة، فإجمالي حجم التعاملات في يوم واحد في الذرة وفول الصويا والقمح ببورصة مجلس شيكاجو أقل من واحد في المئة من ثلاثة تريليونات دولار تتداول يومياً في سوق الصرف الأجنبي العالمية· وبلغت القيمة الاجمالية لمحاصيل الذرة وفول الصويا والقمح الاميركية في العام الماضي 92,51 مليار دولار· وللمقارنة فإن اجمالي قيمة سندات الخزانة الاميركية الصادرة ولم تستحق حت الان يبلغ نحو 4,6 تريليون دولار كما أن القيمة الاجمالية لاسواق الاسهم الاميركية تبلغ نحو 16 تريليون دولار· وقال بيتر كوردل رئيس سليبكا فاينانشال بارتنرز وهي شركة للوساطة في التعاملات الآجلة في السلع الاولية في مينيابوليس: ''استوردت الولايات المتحدة ما قيمته 36 مليار دولار من النفط الخام الشهر الماضي· وإذا استخدم مصدرو النفط هذا المال في شراء قمحنا فسيكون لديهم ما يكفي لشراء المحصول الاميركي بالكامل''، ويقول المستثمرون إن القطاع الزراعي يتحمل جزءاً من اللوم لعدم الاستثمار بما يكفي في الانتاج خلال السنوات الخمس الاخيرة· ومع تفاقم الأزمة الائتمانية الاميركية يوماً بعد يوم تتزايد صعوبة حصول المزارعين على قروض في الولايات المتحدة أكبر مصدر للحبوب في العالم، كذلك فإن الشركات التجارية التي تشتري الحبوب من المزارعين وتعيد تسويقها تسجل خسائر لانها التزمت بتوريد الحبوب بأسعار أقل كثيراً من أسعار اليوم، وقال فرنانديز من شركة جرينهافن: ''شركات الحبوب نفسها ليست كبيرة بما يكفي من وجهة نظر حجم السوق للتعامل مع هذه الأسعار المرتفعة بسرعة''· وكان سوء الاحوال الجوية مشكلة أخرى إذ أثر كثيراً على حجم المحاصيل، ففي استراليا وهي من كبار مصدري القمح أشعلت موجة جفاف حادة السوق· ثم جاء السباق لاستخلاص الوقود الحيوي من الحبوب ليزيد الطين بلة، فقد التزمت الولايات المتحدة بانتاج تسعة مليارات جالون من الايثانول المصنوع من الذرة هذا العام وعشرة مليارات جالون في عام ·2009 وقد لا يكون من الانصاف توجيه الاتهام في ارتفاع أسعار السلع الاولية لصناديق التحوط والمضاربين نظراً لتعدد العوامل المؤثرة في الأسعار· وقال جافن ماجواير المحلل لدى شركة أيوا جرين في شيكاجو والتي تتخصص في التعاملات الآجلة في الحبوب الأميركية: ''إن تحرك أسواق الحبوب نحو الارتفاع في صالح هذه الصناديق لكنها ستسعد بالقدر نفسه إذا كانت هذه الأسواق تسير في اتجاه نزولي لان بوسعها تحقيق مكسب من بيعها على المكشوف''، ويتفق كالتباوم مع هذا الرأي إذ يقول: ''هذه الأشياء يمكنها أن تحقق مكسباً في أي من الاتجاهين· وسيأتي الوقت الذي تنخفض فيه الأسعار''·
المصدر: نيويورك
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©