الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الاستثمارات الأجنبية في آسيا تؤثر سلباً على الأنشطة التجارية المحلية

الاستثمارات الأجنبية في آسيا تؤثر سلباً على الأنشطة التجارية المحلية
12 فبراير 2013 23:20
رغم أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة ساهمت في نمو معظم اقتصادات الدول الآسيوية، إلا أن الأمر لا يخلو في ذات الوقت من الآثار السلبية على النشاطات التجارية المحلية، التي ربما تعاني انخفاضاً في مبيعاتها وتراجعاً في معدلات نموها. وعلى الرغم من الدور الهام الذي تلعبه هذه الاستثمارات، إلا أنه يترتب على صانعي القرار الاهتمام بأولوية نمو الصناعات والمنتجات المحلية. وظلت الاستثمارات الأجنبية المباشرة تشكل مصدر دخل دائم للعديد من الدول في آسيا، التي تكتسب أهمية كبيرة، خاصة في دول جنوب شرق القارة نظراً لمساهمتها في دفع عجلة النمو هناك والاستفادة من الموارد البشرية والمادية لإنتاج السلع بغرض الاستهلاك المحلي أو التصدير. ومن الممكن أن تدعم الشركات الأجنبية متعددة الجنسيات في توفير الوظائف أيضاً. وتسعى معظم هذه الاستثمارات لدخول أسواق الدول الآسيوية بغرض تأمين الحصص السوقية وطرح منتجات جديدة للمستهلك. وتؤكد معظم الشركات متعددة الجنسيات التي توفر هذه الاستثمارات، على جلب عمليات إنتاج وطرق تسويق متطورة لتتمكن من الهيمنة على صناعات معينة مثل المواد الغذائية. وفي المقابل، لا تملك الأعمال التجارية المحلية المصادر أو الخبرات التقنية التي تمكنها من منافسة هذه الشركات، ما يجعلها تحل في المرتبة الثانية من حيث المبيعات والمنافسة. وتلعب الحكومات دوراً بارزاً في هذا الوضع. وعملت الحكومة الهندية على سبيل المثال، على جذب الاستثمارات الأجنبية في قطاع السيارات من خلال تقديم الإعفاءات الجمركية وتخفيف الرسوم. وهناك مقايضة بين النهوض بهذه الاستثمارات ودعم الأعمال التجارية المحلية بالمال. ويتركز الاهتمام على الاستثمارات الأجنبية الواردة التي تستخدمها الشركات الأجنبية الكبيرة، لإنتاج سلع تساعد على الاكتفاء الذاتي للمستهلك المحلي. وكذلك حول ما إذا كان على السياسات الإقليمية في آسيا، الاهتمام بتوسيع دائرة الصناعات والأعمال التجارية المحلية أو الاستمرار في جلب الاستثمارات الأجنبية. ومنذ اندلاع الأزمة المالية في آسيا في 2007، أصبحت هذه الاستثمارات مهمة بالنسبة لخلق الوظائف في العديد من الدول الآسيوية مثل إندونيسيا وتايلاند والفلبين بإنشائها للمصانع ومكاتب الشركات. وبقيامها بذلك، لا تستفيد هذه الشركات من الاقتصاد المحلي ببناء البنية التحتية فحسب، بل باستخدام العمالة الرخيصة أيضاً. معدل البطالة وفي الفلبين مثلاً، أعلنت البلاد عن انخفاض معدل البطالة نسبة لتجديد الشركات الأجنبية لعقودها الاستثمارية في أعقاب أزمة 2008، حيث تراجع عدد العاطلين من 2,87 مليون في العام الماضي إلى 2,8 مليون. وارتفعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة في البلاد بنسبة قدرها 9,4% إلى 44,1 مليار بيسو من واقع 40,3 مليار بيسو في العام الماضي. وتُعزى الزيادة في نسبة هذه الاستثمارات لجعل شركات مثل “نستله” و”يوني ليفر”، العديد من البلدان النامية مراكز إنتاج لسلع معينة يتم توزيعها في ما بعد لبقية دول المنطقة ولأسواق في الشرق الأوسط. ويعتبر تعهيد العمليات التجارية من العناصر الأساسية في هذا النوع من الاستثمارات، نظراً لجذبه للاستثمارات ولربطه بين العمالة والصناعة وبين الوكالات الحكومية. وتعهد معظم الشركات الأجنبية الكبيرة ببعض العمليات التجارية مثل التوزيع والحسابات، لشركات محلية بغية تقليل التكاليف اللوجستية. وبذلك، لا يعود التعهيد بالفائدة على هذه الشركات فحسب، لكنه يقوي الأعمال التجارية المحلية القادرة على توفير الخبرات التي تفي بالطلب. وأصبحت بلدان كثيرة مثل الصين والفلبين وإندونيسيا، جاذبة لعمليات التعهيد من مختلف أرجاء العالم، لامتلاكها للموارد التي توفر منتجات عالية الجودة دون الحاجة لتكاليف كبيرة. كما جعل انخفاض التكلفة، هذه البلدان بمثابة البؤرة لوظائف التعهيد التي تتطلب الخبرة والإلمام بتقنية المعلومات والتسويق والتمويل والاتصال. ويشكل تعهيد العمليات التجارية قطاعا بالغ الأهمية في الفلبين، حيث ساعد في تقوية الاقتصاد وتوفير الوظائف حيث تقدر عائداته المتوقعة بين 11 إلى 13 مليار دولار وتوظيف نحو 900 ألف شخص. كما تمثل هذه العمليات وخدماتها 51,4% من القوة العاملة في البلاد ليصبح القطاع الأكبر في استيعاب العمال. ونتيجة لاختلاف متطلبات القوة العاملة وتخصصاتها بالنسبة لمختلف الشركات العالمية الكبيرة، اتجه تعهيد العمليات التجارية إلى تنويع النشاطات لاحتواء أكبر عدد ممكن من القطاعات. وتعهد الشركات العاملة في مجال الأدوية والقانون بخدماتها لشركات محلية خارج بلدانها، بهدف إعداد وتسليم وإرسال تقاريرها الطبية بالإضافة إلى تقارير المستشفيات والعيادات. وتعتبر خدمات وتوزيع المواد الغذائية من أكبر القطاعات في العديد من الدول الآسيوية، حيث يترتب على قطاع خدمة المواد الغذائية الإيفاء بطلب العدد المتصاعد من سكان القارة. وتعتمد شركات كبيرة عاملة في الأغذية والمشروبات الغازية مثل “يوني ليفر” و”كوكا كولا”، على الصناعة وشركات التوزيع المحلية لتخزين أو تعبئة منتجاتها. وبظهور عصر تقنية المعلومات، ظلت الشركات في مختلف بقاع العالم تبحث عن أعمال تجارية متخصصة في تقنية معلومات الاتصال والانترنت لمساعدتها في تنظيم عمليات إدارية معينة. رواد الأعمال ويواجه العديد من رواد الأعمال تحديات في توسيع دائرة نشاطاتهم في دول آسيا النامية نتيجة لقلة عمليات البحث والتطوير وصعوبة الحصول على التقنيات المطلوبة، تلك المزايا التي تتوفر لدى الشركات الأجنبية الكبيرة. ويشكل التمويل أكبر اهتمامات المؤسسات الصغيرة منذ مواجهة رواد الأعمال الذين يبدؤون أعمالهم التجارية في أسواق تتميز بالمنافسة، صعوبة في الحصول على التمويل اللازم ومعاناة عدم توفر الاستشارات السوقية المناسبة. وينبغي أن تدرك الحكومات أن ريادة الأعمال تساعد على رفع مستويات المعيشة ودفع عجلة التنمية بالإضافة إلى توفيرها سوق واسعة للمنتجات المحلية. ويحث تقديم برامج التحفيز والدعم من خلال خفض ضريبة الشركات وتوفير برامج القروض المستدامة والمساعدة في عمليات امتلاك الأراضي، على إنعاش النمو والاستثمارات المحلية ما يؤدي في المقابل إلى توسعة السوق. وعموماً، عندما تصحب الاستثمارات الأجنبية المباشرة والشركات الأجنبية متعددة الجنسيات عمليات التعهيد، تعم الفائدة المتبادلة، لكن عندما يطغى جانب على الآخر نتيجة التحفيزات أو المساعدات الحكومية، يبرز تدخل الأسواق بصورة أكثر. وربما تكون فائدة الشركات المحلية دون نظيراتها الخارجية التي استحوذت على حصص سوقية أكبر. ويمكن القول إن هذه الاستثمارات تساعد على تقوية وتطوير الصناعات المحلية أكثر من تقويضها. ومن أجل التصدير للأسواق العالمية، يترتب على المستثمرين الأجانب شراء المُدخلات من الخارج أو من الأسواق المحلية. وتعتمد أكثر قطاعات التصدير نجاحاً في دول اتحاد جنوب شرق آسيا على الواردات، تلك العلاقة التي حدت من تأثير تخفيض قيمة العملة على صادرات هذه الاقتصادات. وتسعى المؤسسات الأجنبية لزيادة مستوى المنافسة والخبرة والابتكار في الاقتصادات المحلية التي ربما لا تكون لها المقدرة على القيام بذلك بمفردها. وتمكن هذه الإستراتيجية كلا الطرفين من قطف الثمار المالية والفنية، حيث يكون المستهلك الأسيوي هو المستفيد الأكبر. نقلاً عن: «2 بوينت 6 بلايين» ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©