السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اللبنانيون أمام خيارين... أحلاهما مر

اللبنانيون أمام خيارين... أحلاهما مر
18 نوفمبر 2007 23:29
شاركت ''ميري عدس'' هذا الأسبوع في مسيرة جابت وسط بيروت ورفعت خلالها شعارات تطالب ''حزب الله'' بإنهاء احتلاله لوسط المدينة التجاري والذي بدأ منذ نحو العام؛ فقد عانى متجرها - وهو محل للحلي والمجوهرات، يقع على بعد خطوات من مخيم الحزب- خسائر فادحة نتيجة للصراع على السلطة الدائر بين ''حزب الله'' والحكومة، والذي تسبب في شل العاصمة وتوتر الأوضاع السياسة اللبنانية منذ عام تقريبا· وعلى غرار معظم اللبنانيين، تنتاب ''ميري'' مشاعر قلق جديدة في وقت يتواصل فيه العد العكسي لانتهاء المهلة الخاصة باختيار رئيس جديد للبلاد؛ إذ يتواجه ''حزب الله'' والائتلاف الحاكم الموالي للغرب في لعبة تصعيد حول اختيار رئيس الدولة، من دون إحراز تقدم حقيقي على مدى شهرين من المفاوضات التي بدأت منذ اجتماع البرلمان من أجل انتخاب رئيس في الخامس والعشرين من سبتمبر، والذي سرعان ما انفض لعدم اكتمال النصاب القانوني (ثلثا الأعضاء)· وعلى غرار العديد من السياسيين والمحللين في بيروت، تخشى ''ميري'' أن تأتي مهلة الجمعة بإحدى نتيجتين سيئتين: إما اتفاق يمدد حالة التوتر الحالية؛ وبالتالي، يطيل فترة الركود والكساد، أو صدام كارثي بين الائتلاف الحاكم والمعارضة التي يتزعمها ''حزب الله''· يوم الخميس الماضي قام أمين عام الأمم المتحدة ''بان كي مون'' بزيارة إلى بيروت، دعا خلالها إلى مزيد من المحادثات بين الجانبين، وفي وقت سابق من الماضي، قام وزير الخارجية الفرنسي ''بيرنار كوشنر'' بزيارات مكوكية بين الزعماء اللبنانيين في محاولة لعقد صفقة تنهي أكبر أزمة سياسية يُبتلى بها هذا البلد المتوسطي منذ الحرب الأهلية التي انتهت في ·1990 اللافت أنه حتى فترة قصيرة، كان شعور روتيني غريب يسود الأوساط السياسية في لبنان، ولم تبــدأ النخبـــة السياسيــة في التحرك بطابــع مستعجــل سوى مؤخرا، ذلــك أن الرئيس ''إيميل لحـــود'' يجـــب أن يتنحى عــن الرئاســـة يوم الجمعــة، فيما من المقرر أن يعقد البرلمان جلسة لانتخاب خلف له يوم الأربعاء المقبل؛ غير أن التشـــاؤم هو السائــد في أوساط اللبنانيين بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق حتى الآن، وذلك رغم المفاوضات المكثفة التي أجريت مؤخرا مع العديد من المسؤولين الأجانب الذين زاروا بيروت مؤخرا· الواقع أن المفاوضين يستطيعون إيجاد أو صياغة مخرج دستوري يمدد ولاية ''لحود'' الذي يعد حليفا لـ''حزب الله'' ولحكومة رئيس الوزراء فؤاد السنيورة الموالية للغرب، غير أن الحكومة، التي تمتلك أغلبية قليلة في البرلمان، هددت بانتخاب رئيس جديد بأغلبية بسيطة، في حالة عدم توصلها إلى اتفاق مع ''حزب الله''؛ ولكن المحللين اللبنانيين يتوقعون أنه في حال حدوث ذلك، فإن المعارضة قد تخرج إلى الشوارع، أو تعين حكومة منافسة، أو تحمل السلاح ضد الحكومة· ''ميري'' -البالغة 25 عاما- تتساءل كل صباح ما إن كان اليوم سيحمل حلا أو يدفع المدينة نحو الفوضى، وتقول: ''أريد أن أعرف إن كنت سأعود إلى البيت الليلة أم لا''، مضيفة أنها تخشى أن يتسبب الصراع في عزل الأحياء بعضها عن بعض مثلما حدث خلال 15 عاما من الحرب الأهلية· وهي لا تجد في نشرات الأخبار الإذاعية ما يدفعها إلى التفاؤل، ورغم ذلك فهي حريصة جـــدا على الاستمــــاع إلى هـــذه النشــــرات كـــل 15 دقيقة بمتجرها· ينظر المراقبون إلى الأزمة اللبنانية باعتبارها صراعا على السلطة بين المعارضة بزعامة ''حزب الله''، المدعوم من قبل إيران وسوريا، والائتلاف الحاكم، المدعوم من قبل الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية· أما الحكومة، فتنظر إلى المعركة الرئاسية كسؤال بخصوص مدى التأثير الذي ينبغي أن يكون لسوريا على السياسة اللبنانية، وبالمقابل، يجادل ''حزب الله'' وحلفاؤه، ومنهم الزعيم المسيحي الماروني ميشيل عون، بأن المأزق الحالي إنما هو في الواقع حول ما إن كان يتعين على لبنان أن يقف في وجه إسرائيل ويحارب الفساد! بيد أن الصراع الأكبر هو حول المستقبل السياسي للبلد؛ فهل تستطيع الأحزاب الحالية -التي تسيطر عليها في معظم الحالات عائلة واحدة- أن تستمر في الهيمنة على الحياة السياسية؟ وما حجم التأثير الذي ينبغي أن تمارسه البلدان الخارجية على الحكومة؟ وهل ينبغي أن يُسمح لـ''حزب الله'' بأن يتوفر على مليشيا خاصة به ومستقلة عن الجيش اللبناني؟ أحد قرارات مجلس الأمن الدولي يدعو جميع المجموعات العسكرية اللبنانية إلى نزع سلاحها؛ وتقول الولايات المتحدة والحكومة اللبنانية إن أي رئيس جديد ينبغي أن يلتزم بقرارات الأمم المتحدة· غير أن زعيم ''حزب الله'' الشيخ حسن نصر الله أعلن في خطاب الأسبوع الماضي أن الحزب لن يتخلى عن أسلحته رغم المطالب الدولية، كما أكد برلمانيون من الحزب والأحزاب الأخرى المتحالفة معه، إنهم لن يوافقوا على مرشح رئاسي، إلا إذا تعهد بعدم نزع أسلحة الحزب - وهو ما يمثل مطلبا رئيسيا للحكومة، تدعمه قرارات الأمم المتحدة· وفي هذا السياق، يقول ''مروان فارس'' -عضو في المعارضة البرلمانية-: ''إن رئيسا من أجل تنفيذ القرارات الدولية لن يفيد لبنان''· أما ''ساطع نور الدين'' -كاتب العمود بصحيفة ''السفير'' الموالية للمعارضة- فيرى أن الطريقة التي سيحل بها لبنان الأزمة الرئاسية، هي التي ستحدد كيفية تسييره لوضعه الهش كساحة معركة إقليمية في حرب بالوكالة تجمع الغرب بإيران· يقول نور الدين: ''إن السؤال اليوم هو حول السماح للبلاد بالسقوط من جديد تحت الهيمنة السورية أو مقاومته بأي ثمن''، مضيفا ''إن ذلك سيخلق تغيرا كبيرا في المنطقة، وسيحدد معالم العلاقة بين الغرب وإيران وسوريا''· ندى بكري - بيروت ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©