الثلاثاء 14 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العراقيون إلى أميركا... طريق الإحباط والسأم

العراقيون إلى أميركا... طريق الإحباط والسأم
18 نوفمبر 2007 23:31
في كل مناسبة، يُخرج هؤلاء العراقيون صورا التقطت لهم إلى جانب جنود أميركيين، صورا كانوا يخشون اقتسامها مع الغير في بلادهم، ويُظهرون شهادات تقدير وشكر من قادة عسكريين أميركيين، وبطاقات دخول السفارة الأميركية انقضى أجلها؛ ومع ذلك، مازالوا يحتفظون بها في محفظاتهم الجيبية· اليوم، يسعى آلاف العراقيين الذين سبق أن عملوا مع الشركات الأميركية وأرغموا على الفرار إلى هذه العاصمة خوفا على سلامتهم، إلى الاستفادة من علاقاتهم الأميركية لدخول الولايات المتحدة، غير أن معظمهم يعانون منذ أشهر من حالة عدم يقين بيروقراطية ونفسانية؛ وفي هذا الإطار، تقول ''انتصار إبراهيم'' -53 عاما، وهي مهندسة غادرت العراق قبل عامين-: ''نحن هنا بسبب عملنا مع الأميركيين''، مضيفة ''إن عليهم واجب مساعدتنا، ولكننا حتى الآن لم نر أي مساعدة''· بعد أكثر من أربع سنوات على الغزو الأميركي للعراق، يعرف عدد العراقيين الذين تم توطينهم في الولايات المتحدة ارتفاعا ملحوظا، وإن كانت الأعداد صغيرة والوتيرة بطيئة، ذلك أن العراقيين الذين عملوا مع الحكومة أو الجيش الأميركيين بشكل مباشر - وهي نسبة صغيرة من اللاجئين- هم فقط المؤهلون لعملية هجرة سريعة، أما الـ100000 عراقي أو نيف الذين عملوا مع الشركات الأميركية - من تنظيف المكاتب إلى الوظائف عالية المهارة- فلا يتمتعون بالأولوية، رغم أنهم يواجهون أخطارا مماثلة وخضعوا لعمليات مراقبة وتدقيق صارمة في خلفياتهم· حين كانوا في العراق، دفع هؤلاء العاملون ثمن تحالفهم مع الولايات المتحدة، فقد كانوا يعيشون حياة مزدوجة يلفها الكذب والسرية، والكثير منهم قُتل؛ أما المحظوظون الذين تمكنوا من النجاة بجلدهم واللجوء إلى الأردن، فقد وجدوا أن الحياة كلاجئ مزرية وصعبة· فمصير هؤلاء العراقيين متأثر بالمخاوف الأمنية لمرحلة ما بعد الحادي عشر من سبتمبر، وتضاؤل حساباتهم البنكية، ونفاد صبر جيران العراق بسبب تدفق المهاجرين، ولذلك، فهم يخشون أن يضطروا للعودة إلى العراق، والعيش في سرية، والموت المؤكد، كما يرون· ويتساءل ''محمد أمين'' -40 عاما، وهو مهندس في مجال الكمبيوتر جاء إلى أميركا قبل 20 شهرا-: ''كم من الوقت ينبغي عليّ أن أنتظر؟'' بين الأول من أكتوبر 2006 والخامس عشر من أكتوبر الماضي، تم توطين 1636 عراقيا في الولايات المتحدة، وذلك في وقت كان فيه معدل 1000 شخص يفرون من العراق يوميا، وقد أعلنت الولايات المتحدة الشهر الماضي أنها تعتزم استقبال 12000 عراقي على مدى العام المقبل؛ غير أنه بالنظر إلى حقيقة أن 2,2 مليون عراقي هم اليوم في عداد اللاجئين، فإن منظمات حقوق الإنسان وبعض أعضاء الكونجرس ينتقدون هذا العرض ويصفونه باللفتة الرمزية· هذا في حين استقبلت الولايات المتحدة مليون لاجئ من الفيتنام، و600000 من الاتحاد السوفييتي السابق، و157000 من كوسوفو والبوسنة· ويرى ''رفيق تشانن'' -مدير مكتب ''المنظمة الدولية للهجرة'' في الأردن والتي تشرف على برنامج التوطين الأميركي-، أن على الولايات المتحدة مسؤولية استقبال أعداد أكبر من العراقيين ممن ساهموا في المجهود الحربي الأميركي، ويضيف ''إذا عرضتَ حياة شخص ما للخطر، فإن قولك له ببساطة ''شكرا وإلى اللقاء'' لا يكفي''، مضيفا: ''إنهم أناس متعلمون جدا؛ إنهم من أفضل المهاجرين، والأمر لا يشبه استقبال أشخاص سيعيشون عالة على الضمان الاجتماعي لبقية حياتهم''· السيدة انتصار إبراهيم، التي كانت تضع وشاحا بنفسجيا على شعرها البني، حملقت في صمت إلى رسالة تشكرها لـ''تفانيها الاستثنائي وجهودها'' في إعادة تأهيل أماكن عمل وعيش الجيش الأميركي· والرسالة التي يعود تاريخها إلى السابع عشر من نوفمبر 2003 كانت موقعة من قبل ''تشارلز ويليامز'' -قائد السرية الأولى لفوج الخيالة التابع للفرقة المدرعة الأولى-، ابتسمت ''انتصار'' وتذكرت حين فازت بعقد العمل من شركة ''كي بي آر''، وهي شركة هندسية يوجد مقرها في ''هوستن''، وحكت كيف أن مدراء الشركة كانوا يعاملونها بمساواة، ويكافئونها على العمل الجيد بمزيد من العقود، وأثناء حديثها، أخرجت ''انتصار'' من حقيبتها بطاقة عملها مع الشركة والتي انقضى أجلها· وقالت: ''لقد كنت أشعر دائما كما لو أنهم كانوا أفرادا من عائلتي''، مضيفة ''كل موظفيّ كان يعجبهم العمل مع الأميركيين، تلك كانت أفضل سنوات حياتي!''· بحلول 2004 بدأت ''انتصار'' تحمل مسدسا في حقيبتها، ووظفت حارسا شخصيا، وعندما كانت تدخل المنطقة الخضراء، حيث يوجد مقر سفارة الولايات المتحدة والشركات الأميركية المتعاقدة، كانت تصل مرتدية عباءة سوداء تغطيها من رأسها إلى أخمص القدمين، ولكنها بمجرد ما تدخل، كانت تقوم بارتداء سروال جينز وحذاء رياضي· لاحقا وفي أحد أيام الجمعة، تعرض حارسُها الشخصي للاختطاف، وبعد بضعة أيام، اتصل خاطفوه بعائلته يسألون عن مكان ''انتصار''، فقد كانوا يعلمون أنها تعمل مع الأميركيين· وطيلة ثلاثة أيام، لم تغادر ''انتصار'' وأفراد أسرتها المنزل، وكانوا ينامون والمسدسات بالقرب من أسرتهم· وبعد بضعة أسابيع، فروا إلى عَمان· حدث ذلك قبل عامين، ومنذ ذاك التاريخ، رأت انتصار أعدادا من الزملاء والأصدقاء الذين عملوا مع الشركات الأميركية يفرون من العراق، وتقول: ''لم أسمع أبدا بأن شخصا ما قد ذهب إلى الولايات المتحدة''· سودارسان راغافان- عَمان ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©