الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قراءة حرة زهرة النار

قراءة حرة زهرة النار
30 ابريل 2009 00:50
زهرة أخرى فتنت الشعراء هي «الأذريون» وهي كلمة فارسية معربة معناها زهرة النار، وهي طبقا لابن البيطار «ورد أصفر، نواره ذهبي، في وسطه رأس صغير أسود» لهذا فقد منح الشعراء فرصة مواتية لاختبار قدراتهم في الوصف وفي تمثيله وتشبيهه. فابن المعتز يقول: سقيـــــا لروضـــــات لنــــــــا بكــــــل نـــــوْرٍ حاليــــــــــة عيـــــــــــــــــون أذريّونهـــــــــــا والشمـــــــس فيهـــا كاليــــــة مداهــــــــــن من ذهــــــــــــــبٍ فيها بقايا غالية وهنا يعبق الشعر بطيوب الحياة التي كان ابن المعتز خير من يجيد رسمها بكلماته في نسق بديع الصياغة، فهو يدعو بالسقيا للروضات التي تتبرج بكل أنواع الزهر والنور، ويخص أذريونها بأنه يتوهج في ضوء الشمس مثل مداهن الذهب التي تفوح منها بقايا المسك الأسود. ويبدو أن (الأذريون) هنا يشمل أيضا زهرة عباد الشمس، فالمصنف يعقب على أبيات ابن المعتز بقوله: وفي الباب ضروب تستقبل الشمس وتدور معها حيث دارت، ومعرفة العرب بذلك معرفة عيان ومشاهدة، وفيه يقول الشاعر: شموس لها في حين مطلع شمسها طلوع وفى حين الغروب غروب تفتَّحُ إن لاحت سرورا بضوئها كما سُرَّ بالرأي المصيب مُصيبُ وتنضم إن جاء الظلام كأنها رقيب عليها، والضياء حبيبُ فهي تطلع مع الشمس وتغرب بغروبها، تتفتح بالبهجة والسرور إن غمرها الضوء، وتنغلق على ذاتها إن اقتحمها الظلام، فهي عاشقة للنور واجفة من رقابة الظلام. لكن ابن الرومي يضفي قدرا من الحيوية الدافقة على وصفه لهذه الزهرة بقوله: وضحكتها كالورد جاءته ديمةٌ بكت فوقه حتى تضاحك عابسه تصلي لقرن الشمس ميلا رؤوسها إليه إذا لم يتبع الريحَ مائسه فهي إنسية لعوب، تضحك عندما تستقبل دموع السحاب، وهي تقية زاهدة تصلي وتركع برأسها لقرن الشمس في تناغم مع الشمس أو زهرة النار في قوله: آذريون لاح في الحدائقِ ملتهبا التهاب البارقِ كأنه عند ذرور الشارقِ نقطة مسكٍ فوق خد العاشق أو جزعة في ذهب المخانق تبسم الشمس ابتسام الوامق سرور مشتاق بقرب شائق ووجه مهجور بطيف طارق ثم سرى عند الظلام الغامق منقبضا كمثل طرف خافق أو كحبيب من رقيب رامق وليس هناك بعد هذا التتبع لحالات العشق وأشكال الزهر من شك في أن حدقة الشاعر قد رأت الطبيعة نبض الحياة الإنسانية وما تحفل به من أشواق ومواجد، مما يمزج الطبيعة المنظورة بالحياة البشرية في معاناتها المقدورة، في سبيكة شعرية رائقة تتناقلها الأجيال المتعاقبة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©