غالبا إن لم يكن دائماً، تولد إنجازاتنا من رحم المعاناة والمشاكل، التي تعيشها مختلف ألعابنا ورياضاتنا المختلفة، وتكون مشاركاتها وإنجازاتها فرصة للظهور ولكشف حقيقة الواقع المرير الذي تعيشه، وإذا كانت بعض الألعاب قد حصلت على الفرصة وعرفنا همومها، أو بالأحرى قادتنا الظروف كما هو حاصل حالياً لمعرفتها فبالتأكيد هناك العديد من الألعاب والرياضيين الذين لم تتح لهم فرصة التعبير والكشف عن المشاكل والصعاب التي يواجهونها، والبيروقراطية التي تعيشها بعض ألعابنا، وتحرمنا من إنجازات وميداليات تسجل للإمارات وتدعم حضورها وتواجدها في المحافل الإقليمية والقارية والعالمية·
وأحدث معاناة نكتشفها هي معاناة منتخب الشراع، الذي قاده قرار فردي من أمين عام الهيئة العامة لرعاية الشباب والرياضة للمشاركة في الدورة العربية الحادية عشرة، وهو من حصد لنا أول الذهب فكسب ذهبيتين وفضية من مشاركة متواضعة جداً لم تتعد الستة لاعبين فقط، وتعود تفاصيل مشاركة الشراع الى عد أشهر عندما أخطرت الهيئة العامة لرعاية الشباب والرياضة الإتحادات الراغبة بالمشاركة في الدورة، ولما كان فريق الشراع وتحديداً فريق نادي تراث الإمارات فرض نفسه على الساحة من خلال مشاركاته الدولية والعربية العديدة والإنجازات التي يعود بها، أصرت الهيئة على إتاحة الفرصة لهؤلاء الشباب والفريق للمشاركة والتواجد بالدورة، دعماً للجهود الحثيثة التي تبذلها ليكون تمثيل الدولة مشرفاً بالدورة، وبالفعل تمت مخاطبة معالي عبدالرحمن العويس وزير الشباب وتنمية المجتمع الذي دعم القرار وتحمس له، ومنه انطلق ابراهيم عبدالملك لضم فريق الشراع للبعثة المشاركة في الدورة العربية، وبدأ بالاجتماع المباشر مع مسؤولي نادي تراث الإمارات لوضع تصور المشاركة والفريق الذى يمثلنا وقد تكفل النادي ببرنامج الإعداد، والهيئة بنفقات المشاركة، ودارت بين الطرفين أربعة اجتماعات تمخضت عن ترتيب كافة الأوراق بعيدا عن اتحاد الرياضات البحرية!!
وقد لمس الأمين العام للهيئة العامة لرعاية الشباب والرياضة حرص المسؤولون بنادي تراث الإمارات على المشاركة وجاهزية الفريق للدورة، وعن هذه الملابسات والأحداث قال إبراهيم عبدالملك بالتأكيد أولاً انا جداً سعيد بتشريف أبناء الإمارات وطنهم ورفع علمنا الغالي في هذا المحفل الرياضي العربي الكبير، بعد الإنجاز الكبير الذي حققه منتخب الشراع الذي رافقت مشاركته بعض الصعاب ولكننا في الهيئة تجاوزناها، فالأهم هو حضور أبنائنا ومشاركتهم في البطولة، وهو ما جعلني أتبنى موضوع مشاركة منتخب الشراع، فكان قراري وبحكم مسؤوليتي بمشاركة الفريق، وهو الآن المنتخب الوحيد بين الثلاث عشرة رياضة تمت مشاركته بشكل مباشر وبالتنسيق بين الهيئة ونادي تراث الإمارات، وقال عبدالملك: لما استشعرت أهمية مشاركة فريق الشراع بعد السمعة التي أكتسبها والإنجازات التي حققها في مختلف البطولات رأيت مشاركته حتمية وواجبة لإعطاء الفريق فرصة للظهور بالدورة ومشاركة الأشقاء في هذه التظاهرة، مع ثقتي بأن الفريق سيحقق نتيجة طيبة، وبالفعل شرفنا أبناء الشراع وكسبوا ميداليتين ذهبيتين وهما أول غيث الذهب الذي تحققه البعثة في الدورة العربية، وأضاف عبدالملك إن الشراع رياضة أوليمبية وأبطالنا قادرون على الوصول بها للدولية لذلك يجب الاهتمام بهم ومساندتهم ودعمهم بشتى الأنواع للبروز وتأهيلهم التأهيل الصحيح لتشريف الدولة في المحافل الدولية التي يشاركون بها، وأضاف أنه في غاية السعادة لهذا الإنجاز الكبير الذي انتزعه أبطال الشراع من منافسيهم من مصر والجزائر وسجلوا حضورهم القوي من أول مشاركة·
وكان الذهبي سعيد الزيدي بطلنا في فئة الاوبتسمت والذي يبلغ من العمر 13 سنة أول من حمل لنا بشائر الخير والذهب بل أن زملاءه من دول البحرين وقطر هنأُوه قبل الختام بيوم على الذهب، وقال سعيد: لقد خضت منافسة الخليج منذ مدة وتغلبت عليهم جميعهم وكان لدي شعور كبير بالفوز حتى بعد البداية المتعثرة !
وبعد ذلك اعتمدت اللجنة البطل وأرسلته لإجراء الكشف الخاص بالمنشطات والذي يعد للفائزين كمرحلة نهائية قبل الإعلان الرسمي عن الفائز ولكن وخلال الفترة المسموحة لتلقي الاعتراضات فوجئ الجميع بوجود اعتراض جزائري اضطر معه الحكام إلى العودة إلى كافة النتائج خلال الجولات السابقة للنظر في هذا الاعتراض فوقفت معها فرحتنا التي تجاذبتها اطراف عدة خاصة وأنه في حينها لم يكن قد حسم أمر بطلنا الاخر عادل ·
وبعد مرور اكثر من ساعتين ونصف قضاها لاعبنا بالداخل إثر التحقيقات في مسألة الاعتراضات بصحبة الدكتور موسى عباس وإداري المنتخب عيسى عبد الله والحكم عبدالله العبيدلي والمدرب عمر محمد وانضم لهم لاحقاً إسماعيل القرقاوي ليطمئن بنفسه على مجريات ما يحدث ، قبل أن يخرج ليعلن القرار النهائي بفوز بطلنا سعيد الزيدي بالذهب بعد ان نالت لعبة الاعصاب منا ما نالت !
وتلقى أبطالنا التهاني من كافة المتواجدين بالإضافة إلى نقل الدكتور موسى عباس هاتفه لهم لتلقي التهاني من قبل قاسم سلطان رئيس الوفد ومن الإمارات كما قدم أحمد الفردان النائب الثاني لرئيس اللجنة الاولمبية الوطنية لهم التهنئة والعديد من المسؤولين الذين حرصوا على متابعة نتائج الأبطال منذ انطلاقة المسابقة نظراً للتحدي الكبير الذي كان في هذه المشاركة·
جاء الإنجاز بعد أن تسلح أعضاء منتخبنا بالصبر والعزيمة في ظل منافسة شرسة مع أبطال أفريقيا ولكنهم فاجأوا الجميع بحصدهم لألقاب المسابقة في فئتين هما الاوبتسمت والراديال من أصل ثلاثة شاركوا فيها بالإضافة إلى فضية الفرق في فئة '' الاوبتسمت '' ·حيث احتل لاعبنا عادل خالد المركز الاول بجدارة في فئة الراديال بعد أن كان متأخرا حتى نهاية الجولة قبل الأخيرة بفارق كبير نسبياً وضعه ضمن المرشحين للمركز الثاني او الثالث بحد أقصى ولكن بالعزيمة وهدوء الاعصاب نجح عادل بقلب التوقعات والتفوق وعانق الذهب وسط فرحة كافة المسؤولين وأعضاء وفدنا الرسمي المتواجدين في قلب الحدث مبكراً على رأسهم إسماعيل القرقاوي نائب رئيس وفد الدولة المشارك في الدورة وعبد الملك جاني مدير الوفد الرياضي ونائبه الدكتور موسى عباس الذي تواجد منذ الصباح الباكر وقبل انطلاقة الجولة الاخيرة ·
أما الذهبية الأخرى فكانت من نصيب الفتى المتألق سعيد الزيدي الذي كان قد حقق فضية الفرق في فئة الاوبتمست وعاد لينتزع ذهبية الفردي في نفس الفئة بكل جدارة واستحقاق رغم أنه كان متأخراً بفارق كبير عن المركز الأول في الجولة الأولى من عمر البطولة ووصل ترتيبه بعض الاحيان للمركز السادس ولكنه عوض في الجولات التالية كافة النقاط و تغلب على كافة المتنافسين مع العلم أنه بطلنا الصغير الذي لم يتجاوز سن الثالثة عشرة لم يكن بحاجة إلى خوض الجولة الأخيرة حيث حسم اللقب له بعد نهاية جولة يوم الجمعة وكانت اللجنة المنظمة قد علقت علم التأجيل يوم أمس الأول السبت بسبب ضعف التيار الهوائي على أن يتم إلغاء الجولة اذا استمر الوضع لفترة أطول إلا أنها عادت وأعلنت انطلاق الجولة بعد ذلك وعاد اللاعبون للمنافسة قبل أن يحسمها سعيد الزيدي ويعانق شراعه الصغير الذهب العربي الكبير ·
القرقاوي :
أبطالنا يستحقون الذهب
أعرب إسماعيل القرقاوي عن بالغ سعادته بهذا الإنجاز مقدما التهنئة إلى صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ونائبه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وحكام وشعب الإمارات مؤكداً أن ثقة الوفد الرسمي بهذ المنتخب كانت في محلها والذي يضم جيلاً صغيراً يحمل آمالاً كبيرة استحقوا الذهب عن جدارة وكانوا أبطالاً حقيقيين حيث ضحوا بوقتهم وتغربوا رغم صغر سنهم بالإضافة إلى تضحيتهم بدروسهم نظراً لكونهم جميعا طلاب مدارس وها هم يحققون أول ذهبية رسمية على صعيد مشاركتنا في الدورة الحالية مؤكداً انهم مازالوا يملكون العديد لكي يقدموه لبلدهم وشعبهم وما هذه سوى البداية مشيراً إلى أن هناك العديد من الابطال في هذه الرياضة لازالوا متحفزين للحصول على فرصتهم بالمشاركة ولكن اللجنة المنظمة لهذه البطولة الحالية قامت بتقنين عدد فئات المسابقة ولم تشارك سوى بفئات معينة في حين أننا نملك العديد من المواهب في كافة الفئات والدليل حصولنا على المركز الأول في فئتين من ثلاث فئات شاركنا بها ·
وعلى ضوء هذه النتيجة أكد نائب رئيس الوفد أن الألعاب الفردية أثبتت جدارتها بكل استحقاق وأنها جديرة بالاهتمام من قبل الجميع فهي تعد منجماً للأبطال والميداليات خاصة وأن ألعاب الشراع والتجديف ألعاب أولمبية تستحق منا كل الدعم والرعاية ويكفي أن نعرف ان لعبة التجديف مثلا تمنح في كافة فئاتها 34 ميدالية تقريبا وأشار إلى ضرورة الاهتمام بهذه اللعبة ومسابقاتها المحلية وتطويرها وذلك لن يكون إلا بوجود اتحاد مستقل لها ، وأضاف القرقاوي أن هذا الإنجاز سيجعلنا نقف على أرض صلبة في المشاركات المقبلة ونشارك فيها بقوة وباستعدادات أكبر فهذا الإنجاز هو فخر لنا جميعا ويستحق أبطاله اعلى مستويات التكريم فهو لا يقل أبدا عن إنجازات كرة القدم في الخليج أو غيرها ·
محافظ الإسكندرية
يكرم الأبطال
حضر حفل التكريم الذي أقامه نادي اليخت بالاسكندرية مقر إقامة البطولة اللواء عادل لبيب محافظ الاسكندرية والشيخ خليفة آل خليفة رئيس الاتحاد العربي للشراع وأعضاء وفدنا إلى جانب نائب رئيس الوفد إسماعيل القرقاوي وكل من عبد الملك جاني مدير الوفد الرياضي لبعثتنا الأمين العام لمركز إعداد القادة والدكتور موسى عباس نائب مدير الوفد الرياضي مدير اللجنة الأولمبية الوطنية وعبد الله عبد الكريم أمين سر اتحاد السلة وإبراهيم النمر أمين السر المساعد لنادي الشارقة المدير المالي لاتحاد اليد وعبدالله جاسم المدير المالي لاتحاد السلة·
تكريم فوري للأبطال
قامت إدارة وفدنا بتكريم أبطال الشراع فور انتهاء مراسم التتويج حيث تسلم أصحاب الميداليات الذهبية مبلغ 2000 دولار كمكافأة فورية على الانجاز بغض النظر عن المكافآت التي تنص عليها لوائح اللجنة الأولمبية كما تسلم أعضاء فريق الاوبتسمت أبطال الفضة في منافسات الفرق مبلغ 1500 دولار لكل منهم ، ولكن إدارة الوفد أصرت على تكريم بقية أفراد المنتخب بالكامل كنوع من التحفيز ومشاركة بقية زملائهم فرحتهم ·
عادل خالد: أنا الأول
أدهش الذهبي عادل خالد ذو العشرين ربيعا صاحب المركز الأول في فئة الراديال الجميع منذ خروجه من البحر يحمل قاربه وهو مبتسم ويتلقى التهاني من الجميع بسلامة الوصول هو وباقي زملائه من بقية الدول الشقيقة وتوجه بعدها إلى لوحة النتائج المعلقة في نادي اليخت في الاسكندرية ، و قال وهو مبتسم وبكل هدوء '' أنا الأول '' ، رغم أن النتائج النهائية للجولة الاخيرة لم تكن قد سجلت بعد وبناء عليها وقبل الجولة الاخيرة كان من المفترض أن يحسم أمر البرونزية او الفضية وهذا ما كنا نعتبره إنجازا، وبعد أقل من ساعة حسمت لجنة التحكيم القضية وكان بطلنا '' الأول '' !!
عيسى عبدالله: نعدكم بالمزيد
أعرب عيسى عبد الله إداري منتخبنا للشراع عن بالغ سعادته بهذا الإنجاز الذي تحقق بعد جهد كبير من قبل الجميع موجها تهنئته لرئيس الدولة ونائبه ولشعب الإمارات وواعدا الجميع بمضاعفة الجهد في سبيل مواصلة مشوار البطولات ·
كما قدم شكره لإدارة الوفد على كل ما بذلوه في سبيل توفير أكبر قدر من المناخ المناسب لحصد مثل هذه البطولة ومتابعتهم اليومية وزياراتهم المستمرة لأفراد منتخب الشراع ودعمهم بكل السبل وكل ذلك كان بلا شك أحد اهم عناصر النجاح وتحقيق هذه البطولة الكبيرة·
العبيدلي: الشراع بحاجة الى اتحاد
وجه حكمنا الدولي عبدالله العبيدلي الحكم المرافق لبعثة منتخبنا للشراع التهنئة إلى سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء الداعم والمتابع لكل أبطال نادي تراث الإمارات على هذا الانجاز الكبير الذي تحقق بفضل رؤيتهم ودعمهم غير المحدود لكل أبناء الدولة في شتى المجالات حتى يصلوا إلى أعلى المراتب والمراكز ·
كما تقدم بالشكر للجنة الأولمبية متمثلة بإبراهيم عبد الملك الأمين العام للجنة الأولمبية الذي وصفه بأنه الرجل الذي كان وراء هذا الإنجاز بصفة مباشرة وأضاف : لقد أخذ هذا الرجل على عاتقه مشاركة منتخب الشراع وتحمل المسؤولية كاملة فإننا بدورنا نهديه هذا الإنجاز ونتقدم له بخالص الشكر والنقدير على ثقته بنا ·
وتقدم العبيدلي بالشكر لمدرب المنتخب عمر محمد علي الذي كان له دور كبير في هذا الانجاز حيث وصل به الامر إلى عدم الراحة مطلقاً طوال أيام البطولة واستمر في تدريب ابطالنا في كل الظروف وبكل ما يملك من خبرة واسعة في هذا المجال·
واختتم العبيدلي حديثه متسائلاً : أما آن الأوان ليتم إشهار اتحاد خاص بالشراع والتجديف أسوة ببقية دول العالم ؟ مؤكداً أن ذلك هو السبيل الوحيد للمحافظة على مكتسبات هذه البطولة والإنجاز الكبير الذي تحقق ·
عدد اليوم
