الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوبك: لا لتسييس السلعة الأهم في العالم

أوبك: لا لتسييس السلعة الأهم في العالم
20 نوفمبر 2007 00:05
كان من المتوقع أن يركز الاجتماع النادر لرؤساء دول منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) في السعودية خلال نهاية الأسبوع الماضي على موضوع الأسعار، لكن السعر الذي هيمن على المناقشات لم يكن ذلك المتعلق بالنفط، بل بسعر صرف الدولار الذي وصل إلى أدنى مستوياته· وفيما تتأرجح أسعار النفط على عتبة المائة دولار تعم العالم موجة من القلق المتصاعد على مستقبل الاقتصاد العالمي في ظل الأسعار المرتفعة، حيث يتوجس بعض الخبراء من التأثير السلبي على الاقتصاد واحتمال تراجع معدلات النمو العالمي· بيد أن المنظمة التي نشأت في الستينيات لضمان استقرار أسعار النفط، لم تعد قادرة على التأثير في الأسعار، أو تحديدها كما كان في السابق· فقد مر الوقت الذي كانت فيه الدول الثلاثة عشر المنضوية تحت منظمة الأوبك تتحكم في الأسعار فقط بالحديث عن نيتها في ضخ المزيد من النفط الخام في الأسواق العالمية· لكن اليوم يقول قادة دول المنظمة إن الطلب العالمي المتنامي على النفط، لا سيما من الصين والهند، والخوف من هجوم أميركي محتمل على إيران يدفع الأسعار إلى الارتفاع ولا يترك للأوبك مجالا للتدخل· يوضح هذا الدور المتراجع للأوبك في السيطرة على أسعار النفط ''مصطفى العاني'' - الباحث في مركز الخليج للأبحاث في الإمارات العربية المتحدة- قائلا: ''مازالت أوبك قوة رئيسية، لكنها بالتأكيد أصبحت أقل تأثيراً مما كانت عليه في السبعينيات والثمانينيات''، مضيفاً: ''إن ما رأيناه في قمة أوبك الأخيرة هو تقديم ضمانات بالحفاظ على استقرار الإمدادات النفطية· لكن باستطاعتهم القيام بذلك فعلا؟ هذا ما لا نعرفه على وجه اليقين''· فمن جهتهم أعلن كبار المنتجين في أوبك-السعودية وجيرانها في الخليج- أنهم يريدون للأسعار أن تنخفض قليلا، لكنهم، في الحقيقة، يقتربون من الطاقة القصوى للإنتاج، الأكثر من ذلك أن عملات الدول الخليجية مرتبطة بالدولار، وأي ضعف يلحق بالاقتصاد الأميركي سيلقي بظلاله السلبية عليهم· ورغم ما يقوله الخبراء من أن السعودية تستطيع ضخ مليون برميل إضافي في اليوم، فإن ذلك سيشكل زيادة بنسبة طفيفة لن تتجاوز 3 بالمائة من إجمالي إنتاج أوبك من النفط الذي يبلغ 31 مليون برميل في اليوم· لقد كانت الحقائق الماثلة أمام المنظمة المتمثلة أساساً في تراجع تأثيرها على الأسعار، كفيلة بتحريف النقاش إلى مواضيع أخرى ثانوية خلال الاجتماع الوزاري من قبيل تسعير النفط بالدولار الأميركي، والتغيرات المناخية ومساعدة الدول النامية· وقد حاول الخصوم السياسيون للولايات المتحدة- إيران وفنزويلا- الدفع في اتجاه تحويل أسواق النفط من الدولار إلى اليورو· وفيما يستبعد الخبراء حدوث ذلك في المستقبل القريب، إلا أن مجرد الاهتمام بهذه الأمور، بدل التركيز على الموضوع الأساسي الذي يشغل العالم والمتمثل في أسعار النفط، يعكس بوضوح تغير دور أوبك على الساحة الدولية؛ في هذا الإطار يؤكد ''صامويل بودمان'' -وزير الطاقة الأميركي- أنه طلب من أعضاء الأوبك الرفع من إمداداتهم النفطية إلى الأسواق العالمية، لكن يبدو أن طلباته ذهبت أدراج الرياح· الواضح أن كل من كان يأمل من القمة الأخيرة لمنظمة الدول المصدرة للبترول، الحد من ارتفاع أسعار الغاز -التي قفزت بنسبة 25 بالمائة خلال السنة الجارية، ليصل سعر الجالون الواحد في الولايات المتحدة إلى ثلاثة دولارات- سيصاب بالخيبة· وفي يوم الجمعة الماضي ارتفع سعر البرميل الواحد من النفط بنحو دولار ليتجاوز سعر البرميل 95 دولارا، بعدما أعلن وزير النفط الفنزويلي ''رافائيل راميريز'': أن ''أوبك لن تقوم بأي شيء إزاء الأسعار، لأنه يوجد ما يكفي من النفط في السوق''·وقد حاولت فنزويلا، التي يسعى رئيسها ''شافيز'' إلى مواجهة الولايات المتحدة -بعد تورطها في مساندة انقلاب ضده قبل خمس سنوات- إلى الدفع في اتجاه رفع الأسعار بمساندة من إيران، فضلا عن دعوته للتحول من الدولار إلى اليورو· لكن البلدين فشلا في مسعيهما بعدما عارضت السعودية -التي تنتج ما يناهز 30 بالمائة من إجمالي إنتاج أوبك- الاتجاه نحو تسييس السلعة الأهم في العالم· فقد حث الرئيس ''شافيز'' قادة الدول الأعضاء في أوبك على توظيف ثروتهم النفطية ليصبحوا ''فاعلين سياسيين نشطين'' على الساحة الدولية، كما حذر من أن أسعار النفط ستصل إلى 200 دولار للبرميل إذا ما هاجمت الولايات المتحدة إيران· لكن الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز عارض ذلك قائلا ''لا يتعين علينا تحويل النفط إلى أداة للصراع والعواطف''، مضيفاً ''إن الذين يرغبون في تحويل أوبك إلى منظمة للاحتكار والاستغلال ينكرون الحقيقة''· وجاء البيان الختامي الذي صدر عن القمة وتأكيده على ضرورة الحفاظ على ''استقرار الأسواق العالمية'' ليعكس رفض الاقتراحات الفنزويلية والإيرانية· ولم تقتصر دعوة ''شافيز'' على رفع الأسعار، بل دعا البلدان المنتجة إلى بيع النفط بأسعار مخفضة إلى الدول الفقيرة لا تتجاوز خمس سعرها في السوق، وهي فكرة لم تلقَ صدى من باقي الأعضاء، اللهم إلا من رئيس الإكوادور اليساري ''رفائيل كوريا''· ولم ينجح حتى الرئيس الإيراني ''محمود أحمدي نجاد'' في دعم اقتراحه تجاه الدول الفقيرة· ورغم الوعود التي قطعها الرئيس الإيراني على نفسه أمام الشعب الإيراني بتوزيع مداخل النفط على الإيرانيين بصورة عادلة، إلا أنه لم يفِ بتلك التعهدات في ضوء المصاعب التي يواجهها الاقتصاد الإيراني والمشاكل المرتبطة بارتفاع معدل البطالة وتزايد نسبة التضخم· الواقع أنه رغم إعلان أوبك بوضوح أنها ليست في موقع يؤهلها لخفض أسعار النفط، إلا أن الولايات المتحدة خرجت مع ذلك بانتصار تمثل في إجهاضها لجهود ''شافيز'' في خلق جبهة شعبوية داخل منظمة أوبك العتيدة· دان مورفي-القاهرة ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©