الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الهروب المنظم... الكوريون بعيدا عن العناء إلى الجنوب

الهروب المنظم... الكوريون بعيدا عن العناء إلى الجنوب
20 نوفمبر 2007 00:05
ينهمك الوسطاء في العاصمة الكورية الجنوبية سيؤول في تسويق ما يطلقون عليه ''الهروب المنظم'' من كوريا الشمالية؛ فبحصولهم على ما يكفي من المال يستطيع الوسطاء تهريب أي شخص خارج الدولة الستالينية الديكتاتورية التي يصفها نشطاء حقوق الإنسان بالسجن الأكبر في العالم· وفي حين تكلف عملية هروب خطرة -تضطر الشخص إلى عبور الصين ومن ثم تايلاند قبل الوصول إلى سيؤول مع ما يصاحب ذلك من متاعب الطريق كعبور الأنهار والمشي لفترة طويلة، فضلا عن الإقامة في السجون التايلاندية لعدة أسابيع- أقل من ألفي دولار، يكلف الهروب المريح الذي يحصل بموجبه الشخص على جواز سفر صيني مزور وتذكرة طائرة من بكين إلى سيؤول أكثر من 10 آلاف دولار· في هذا السياق، ازداد الضغط على شبكة السكك الحديدية التي تربط شمال كوريا بجنوبها بفضل الاستعداد الكبير الذي يبديه حراس الحدود وصغار مسؤولي الأمن لتلقي الرشاوى والسماح بمرور الفارين؛ فمع تفكك الاقتصاد الشيوعي في كوريا الشمالية وقرب انهيار نظام توزيع الغذاء على السكان الذي تديره الدولة، أصبحت الفئات الشعبية الواسعة من خارج النخبة الحاكمة في حاجة ماسة إلى المال لتوفير الغذاء وباقي المواد الضرورية· وبعد أن هيمنت الجماعات الدينية على تجارة تهريب الأشخاص من كوريا الشمالية لفترة طويلة، تحولت هذه التجارة إلى الهاربين من ضباط الجيش السابقين في كوريا الشمالية الذين أصبحوا هم أنفسهم مهربين· ويلجأ النوع الجديد من وسطاء التهريب المستقرين في ''سيؤول'' إلى استخدام علاقاتهم الشخصية واتصالاتهم القديمة لتجنيد مرشدين من كوريا الشمالية وتقديم رشاوى إلى المسؤولين؛ ويتصل المرشدون سراً بالراغبين في الهرب ليتم مرافقتهم إلى الحدود الصينية، التي هي في غالب الأحيان عبارة عن نهر يتم قطعه سباحة في الصيف ومشياً في الشتاء عندما يتجمد، ينتظرهم على الجانب الصيني من الحدود مرشدون آخرون يتحدثون الصينية· ''لم أكن أعرف أن الأمور تتم بهذه السرعة''، تقول إحدى الهاربات من كوريا الشمالية التي دفعت 12 ألف دولار لتهريب ابنها البالغ 11 عاماً· ولم تشأ المرأة الكشف عن اسمها لأنها تتهيأ مع أسرتها خلال هذا الشهر لدفع تكلفة إضافية لتهريب أمها بالطريقة نفسها، وتضيف: ''لم يستغرق الأمر أكثر من خمسة أيام لتهريب ابني عبر النهر إلى الصين''، مشيرة إلى أنه بعد أسبوعين كان في كوريا الجنوبية· لسنوات اقتصر الهروب من كوريا الشمالية إلى نظيرتها الجنوبية على مجموعة صغيرة من الرجال في الثلاثينيات، أو الأربعينيات من عمرهم والذين يتولون عادة مناصب دبلوماسية في الخارج، أو يقومون بمهام أمنية، فكان هروبهم سهلا نسبياً ولا يحتاج إلى مساعدة· وحتى العام 1995 لم يهرب إلى كوريا الجنوبية سوى 41 شخصاً طلبوا اللجوء السياسي، لكن منذ ذلك الوقت ارتفع عدد الهاربين بفضل شبكات التهريب التي انتشرت هي الأخرى في كوريا الجنوبية، وحسب المسؤولين الحكوميين في ''سيؤول'' استقر أكثر من ألفي شخص في كوريا الجنوبية خلال السنة الماضية فقط· ومع ارتفاع أعداد الهاربين من كوريا الشمالية تنوعت أيضا أعمارهم وأجناسهم، فتزايدت أعداد النساء والعائلات -وذلك حسب مسؤولين في وزارة الوحدة بكوريا الجنوبية-· ولا تشمل تلك الأعداد المتنامية -التي تدخل كوريا الجنوبية كل سنة- الأعداد الأخرى الأكبر منها، التي تظل عالقة في الصين لعدم اتصالهم بالوسطاء الذين يستطيعون تهريبهم إلى كوريا الجنوبية· وحسب تقديرات منظمة العفو الدولية التي تتخذ من نيويورك مقراً لها، يصل عدد هؤلاء الذين مازالوا على الجانب الصيني من الحدود إلى 100 ألف شخص تشكل النساء جزءاً كبيراً منهم· لكن رغم المساعدات التي يقدمها بعض موظفي الدولة في كوريا الشمالية إلى الهاربين مقابل الرشاوى تبقى عملية الهروب عبر شبكة السكك الحديدية التي تربط الشمال بالصين صعبة للغاية وتنطوي على خطورة كبيرة· وفي هذا السياق يقول ''لي جيونج-يون'' -ضابط في الجيش الكوري الشمالي نجح في الهرب عام 1999-: ''من الممكن تهريب الناس، لكن لا يمكن القول بأنها عملية سهلة''، مضيفا أن العديد من الوسطاء والمرشدين يتعرضون للاعتقال، وفي هذه الحالة ''يواجهون عقوبة الإعدام التي شاهدتها شخصيا في الكثير من المرات''· ولا يقتصر الخطر على الوسطاء والمرشدين، بل يمتد أيضا إلى الأشخاص الذين يحاولون الهرب؛ فقد رصدت منظمة ''هيومن رايتس ووتش'' تشديداً صارماً للعقوبات التي تطال المواطنين الساعين إلى الهرب، بحيث مازالت القوانين تنظر إلى الهاربين على أنهم خونة· فحتى العام 2004 كانت الحكومة في كوريا الشمالية تنزل عقوبات مخففة على المواطنين الذين يحاولون الهرب خارج البلاد، حيث لا يتعدى الأمر إخضاعهم للاستنطاق، أو إرسالهم إلى معسكرات العمل لبضعة أشهر قبل أن يطلق سراحهم، لكن منذ ذلك الوقت شددت الحكومة العقوبات المفروضة لتصل إلى خمس سنوات سجناً؛ وخلال الشهور الأخيرة كثفت كوريا الجنوبية من إجراءات المراقبة الإلكترونية على حدودها مع الصين، ومدت المزيد من الأسلاك الشائكة، كما أقامت جداراً لمنع الهاربين من اجتياز الحدود· ومع أنه لا يفترض بالصين إرجاع المتسللين عبر حدودها إلى كوريا الشمالية، إلا أن سلطاتها الأمنية لا تترد في إرجاعهم وهو ما يعرض حياتهم للخطر· بلين هاردن- سيؤول ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©