الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نفط البرازيل... تحول دراماتيكي في القارة اللاتينية

نفط البرازيل... تحول دراماتيكي في القارة اللاتينية
20 نوفمبر 2007 22:43
مع اقتراب أسعار النفط من 100 دولار للبرميل، يأتي اكتشاف حقل بترول بحري قبالة الساحل الجنوبي الشرقي للبرازيل ليحمل في طياته إمكانية تحويل البرازيل إلى دولة كبرى في مجال إنتاج الطاقة، وهو ما يمكن أن يساهم في تغيير قواعد اللعبة السياسية في قارة أميركا اللاتينية، التي تعاني من نقص شديد في الطاقة· وعلى الرغم من مضي عام تقريبا على اكتشاف الحقل المعروف باسم '' تيوبي'' فإن شركة ''بيتروباس'' البترولية الحكومية لم تنته من تقييمها لإمكانيات الحقل بالكامل سوى منذ أيام وذلك عندما أعلنت في الثامن من نوفمبر الحالي أن الحقل يحتوي على 5 مليارات برميل من البترول الخام و8 ملايين برميل من الغاز الطبيعي· وقد لفت الإعلان عن اكتشاف وإمكانيات الحقل اهتمام جميع الدول سواء في أميركا اللاتينية أو ما وراءها، خصوصا وأن حقلا بهذا الحجم - يعد الأكبر منذ اكتشاف حقل ضخم في ''كازاخستان'' عام 2000- يمكن أن يتحول ليصبح أداة محتملة لتغيير قواعد اللعبة السياسية ليس في البرازيل فقط وإنما في القارة بأسرها· يتوقع أن تصبح البرازيل خلال السنوات الخمس القادمة قادرة على تجاوز كل من المكسيك وكندا من حيث احتياطياتها من البترول، لتصبح الثانية بعد فنزويلا والولايات المتحدة في إنتاج الطاقة في الأميركتين· وهذه كلها تمثل أخبارا سارة للبرازيل خصوصا التي لم تتحول إلى دولة مُصَدّرة للطاقة إلا في العام الماضي، وذلك بعد تحقيقها لزيادة كبيرة في إنتاج ''الإيثانول'' المستخرج من قصب السكر، وإنتاج الطاقة الهيدروكهربائية المولدة من القوة المائية· يعلق ''بيتر حكيم'' -رئيس مجموعة الحوار بين دول أميركا اللاتينية، وهي مجموعة سياسية مقرها واشنطن- على ذلك بقوله: ''لقد تحولت البرازيل فجأة إلى قوة منتجة للطاقة''، مضيفا ''فأي شيء قاموا بتطويره بدءا من الطاقة المستخرجة من فول الصويا، إلى الطاقة المستخرجة من قصب السكر أصبح ناجحا فعلا، لقد كانوا محظوظين للغاية''· ليس هناك من شك في أن اكتشاف هذا الحقل قد منح البرازيل نفوذا جديدا في مواجهة لاعبي الطاقة الكبار في القارة مثل ''بوليفيا'' و''فنزويلا''، ليس فقط في مجال الاقتصاد وإمدادات الطاقة، ولكن في مجال السياسة أيضا· والشيء الذي سبب للأميركيين الكثير من الكدر هو أن الرئيس الفنزويلي ''هوجو شافيز'' قد استخدم ثروة بلاده البترولية بشكل استفزازي في الترويج لأجندة يسارية داخليا وخارجيا، وهو الأمر الذي يمكن أن يتكرر حدوثه مع البرازيل التي يمكنها الآن أن تستخدم هذا الحقل من أجل اكتساب المزيد من النفوذ والقوة لنهجها اليساري المعتدل· ودول القارة المحيطة بالمنطقة التي اُكتشف فيها الحقل لم تتأخر في استشعار التهديدات، والمنافع المحتملة؛ فإعلان تفاصيل الاكتشاف النفطي قبل اجتماع زعماء أميركا اللاتينية الذي عقد في ''تشيلي'' مباشرة، كان من المحتم أن يؤثر على مواقف الزعماء، وهو ما يتبين من تصريح الرئيس البرازيلي ''لويس إيناشيو لولا دا سلفا'' الذي اعترف فيه أنه شعر أثناء الاجتماع أنه كان ''يعامل بقدر معين من الاهتمام'' من قبل الزعماء الآخرين، ومنهم على سبيل المثال الرئيس ''الفنزويلي شافيز'' الذي مازحه واصفا إياه بأنه قد أصبح ''قطبا من أقطاب البترول''، كما لم يتأخر في أن يقترح عليه الدخول معه في شراكة لإنشاء منطقة أمازونية للتكامل في مجال الطاقة، مماثلة لمنطقة التكامل الكاريبي، والتكامل الإنديزي، التي يدعو ''شافيز'' إلى إقامتهما· يعلق على ذلك ''روبرتو تيكسيرا دا كوستا'' -الاقتصادي ببنك التنمية البرازيلي- بقوله: ''الآن أصبح لـ''لولا دا سيلفا'' أوراق يمكن أن يضعها على الطاولة جنبا إلى جنب مع الأوراق التي يمتلكها ''شافيز''، كما يمكن أن تمنحه المزيد من الثقة التي تجعله يشعر بأنه ند لـ''شافيز'' وصديقه الحميم والرئيس البوليفي ''إيفو موراليس''· يعد هذا التحول في وضع البرازيل في مجال الطاقة دراماتيكيا إلى حد كبير، وهو ما يرجع إلى أن الرئيس البوليفي ''موراليس'' كان قد أعلن -ومنذ عامين فقط- عن تأميم كافة المشاريع العاملة في مجال الطاقة في بلاده، وهو ما مثل في ذلك الحين صفعة بالنسبة للبرازيل التي كانت تستثمر أموالا ضخمة في بوليفيا· ويتوقع الخبراء في الوقت الراهن، أن يسمح اكتشاف الحقل الجديد للبرازيل، باتخاذ موقف أكثر تصلبا في مفاوضاتها مع بوليفيا بخصوص التوقيع على عقود غاز جديدة، وضخ استثمارات في قطاع الغاز البوليفي المؤمم· لم يخف ''دا سيلفا'' سعادته بالإمكانيات الجديدة المتعددة التي أصبحت متاحة أمامه، وهو ما بدا من تصريحه الذي اتسم بالجرأة النابعة من الثقة، والذي قال فيه: إنه من المرجح أن تنضم بلاده لمنظمة أوبك، وأن المنظمة يجب أن تعمل على تخفيض أسعار البترول· ولكن الرئيس ''دا سيلفا'' أعلن أيضا أن بلاده لن تتراجع ''ولا حتى ميليمتر'' واحد عن جهودها الرامية لترويج أنواع الوقود الحيوي، خصوصا وأنها تمتلك واحدة من أكثر المناطق اخضرارا في العالم، وهو ما يتيح لها إمكانية تخصيص مساحات لزراعة كميات هائلة من القصب المطلوب لتصنيع الإيثانول· وأدى اكتشاف الحقل البرازيلي الجديد، إلى ازدياد آمال الدول المجاورة في إمكانية تخفيف أزمة الطاقة التي يعانون منها وخصوصا الأرجنتين وشيلي التي تعاني من نقص شديد في إنتاج الغاز الطبيعي· ولاستخراج البترول من حقل ''تيوبي'' سوف يضطر المهندسون للحفر الى مسافة 16 ألف قدم تحت قاع البحر الذي يقع على مسافة 10 أقدام من السطح، وهو ما يعني أن عملية الاستخراج -حسب ما يقوله المختصون- ستمثل تحديا هائلا للتقنية المستخدمة في هذا المجال· اليكسندر باريونيويفو كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©