الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

الاعتصام بالكتاب والسنة.. أمر إلهي

1 مارس 2018 23:14
أحمد محمد (القاهرة) مرَّ رجل من اليهود بملأ من الأوس والخزرج، فساءه ما هم عليه من الاتفاق والألفة، فبعث رجلاً معه وأمره أن يجلس بينهم ويذكرهم ما كان من حروبهم يوم بعاث وتلك الحروب، ففعل، فلم يزل ذلك دأبه حتى حميت نفوس القوم وغضب بعضهم على بعض، وتثاوروا ونادوا بشعارهم وطلبوا أسلحتهم، وتواعدوا إلى الحرة، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأتاهم فجعل يسكنهم ويقول: «أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم؟»، فندموا على ما كان منهم، واصطلحوا وتعانقوا، وألقوا السلاح، ونزل فيهم قوله تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَى? شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَ?لِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)، «سورة آل عمران: الآية 103». ويقول المفسرون إن الآية مع ما قبلها وما بعدها تحذر المؤمنين من طاعة أهل الكتاب والسير في ركابهم، إذ ليس في طاعتهم إلا الضلال، وذلك أنهم يتربصون بالمسلمين الشر، ولا يرجون لهم الخير، بل ديدنهم رمي الفتن بينهم، فهذا شأنهم على مر التاريخ القديم والحديث، فجاءت هذه الآيات لتحذير المؤمنين من مغبة الوقوع في شَرَكهم، وتطلب منهم النأي بأنفسهم عن طاعتهم وعدم الركون إليهم. قال القرطبي، العصمة المنعة، وحبل الله هو القرآن، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن هذا القرآن هو حبل الله»، فإن الله تعالى يأمر بالألفة وينهى عن الفرقة، فإن الفرقة هلكة والجماعة نجاة، ولا تفرقوا في دينكم كما افترقت اليهود والنصارى في أديانهم، ولا متابعين للهوى والأغراض المختلفة، وكونوا في دين الله إخوانا، فيكون ذلك منعا لهم عن التقاطع والتدابر، ودل عليه ما بعده وهو قوله تعالى: (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا)، «الآية 103»، وليس فيه دليل على تحريم الاختلاف في الفروع، فإن ذلك ليس اختلافا إذ الاختلاف ما يتعذر معه الائتلاف والجمع، وأما حكم مسائل الاجتهاد، فإن الاختلاف فيها بسبب استخراج الفرائض ودقائق معاني الشرع، وما زالت الصحابة يختلفون في أحكام الحوادث، وهم مع ذلك متآلفون، فأوجب تعالى علينا التمسك بكتابه وسنة نبيه والرجوع إليهما عند الاختلاف، وأمرنا بالاجتماع على الاعتصام بالكتاب والسنة اعتقاداً وعملاً، وذلك سبب اتفاق الكلمة وانتظام الشتات الذي يتم به مصالح الدنيا والدين، والسلامة من الاختلاف، وأمر بالاجتماع ونهى عن الافتراق الذي حصل لأهل الكتابين، وأمر تعالى بتذكر نعمه، وأعظمها الإسلام واتباع نبيه محمد عليه الصلاة والسلام، فإن به زالت العداوة والفرقة وكانت المحبة والألفة، صرتم بنعمة الإسلام إخوانا في الدين. قال ابن كثير، أمرهم الله بالجماعة ونهاهم عن التفرقة، وقد وردت الأحاديث المتعددة بالنهي عن التفرق والأمر بالاجتماع والائتلاف، وقد ضمنت لهم العصمة عند اتفاقهم من الخطأ، وخيف عليهم الافتراق والاختلاف فقد وقع ذلك في هذه الأمة فافترقوا على ثلاث وسبعين فرقة منها فرقة ناجية إلى الجنة ومسلمة من عذاب النار وهم الذين على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه. وهذا السياق في شأن الأوس والخزرج، فإنه قد كان بينهم حروب كثيرة في الجاهلية وعداوة وضغائن طال بسببها قتالهم فلما جاء الإسلام صاروا إخوانا متحابين، ألف الله بينهم وكانوا على شفا حفرة من النار بسبب كفرهم فأنقذهم منها أن هداهم للإيمان.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©