السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السودان يكون أو لا يكون؟

21 نوفمبر 2007 22:48
دأب السيد الصادق المهدي رئيس حزب الأمة وإمام الأنصار في السنوات الست الماضية، على عقد ندوة سياسية صحفية كل أول أربعاء من الشهر تحت مسمى (بين السياسة والصحافة)، وقد أصبحت ندوة الأربعاء على مر الأيام منبرا محضورا مثل نافذة مفتوحة للتواصل بين السياسيين والمجتمع، تكتسب أهميتها في ظروف البلد الراهنة التي تضيق فيها النوافذ المفتوحة أمام القوى السياسية الساعية لاستعادة الديمقراطية الموعودة· انعقدت الندوة الأخيرة واختار منظموها العنوان إعلاه (السودان يكون ·· أو لا يكون) موضوعا للحوار والمناقشة، وتميزت بمشاركة وحضور كثيفين، فحضرها قياديون بارزون من كل الأحزاب السياسية (الحزب الشيوعي - المؤتمر الشعبي والمؤتمر الوطني - الاتحادي الديمقراطي - قوات التحالف - البعث - إلخ·· وفقط غاب عنها الأمين العام للحركة الشعبية الذي قبل الدعوة ووعد بالحضور والمشاركة كما أعلن منظمو الندوة)· لقد وجدت الندوة اهتماما ملحوظا قبل وبعد انعقادها، ليس على صفحات الصحف السيارة وأجهزة الإعلام الأخرى فحسب، ولكن على مستوى التجمعات الشعبية الاجتماعية التي تميز بها السودانيون، ربما كان مصدر أن العنوان الذي اختارته (السودان يكون أو لايكون؟) أصبح اليوم السؤال المرهق والمؤرق الذي يتداوله عامة الناس حيثما التقوا، ولأن الأجواء التي تسود السودان اليوم قد جعلت من هذا السؤال المصيري هما متجددا، اتفق عليه الناس وإن اختلفت رؤيتهم حول الإجابة على سؤال المصير· فكل الدلائل والمؤشرات تشير إلى أن البلد مقبل على مرحلة خطيرة ومؤثرة على مستقبله إن لم يكن قد دخل فعلا هذه المرحلة الموصوفة فعلا، بأنها حرجة وخطيرة على لسان الجميع؛ حتى السيد ''أحمد هارون'' الوزير والقيادي البارز في حزب المؤتمر الحاكم -الذي تحدث في الندوة مطولا- كانت النغمة الغالبة على حديثه قد توافقت مع النغمة التي سادت أحاديث جميع المشاركين· وسؤال المصير هذا، لم يعد ترفا فكريا يتبادله المثقفون والمتسيسون، ولكنه أصبح واقعا يراه الناس بأعينهم، ويكادون يلمسونه بأيديهم، وليس ذلك بسبب أزمة شريكي الحكم المتصاعدة، والتي عجز الشركاء حتى الآن عن إيجاد مخرج لها، حتى وصلت إلي التجميد الفعلي لمشاركة الحركة الشعبية في الحكومة المركزية، ولكنها تعدت ذلك إلى أزمة حقيقية تلوح في الأفق بين الحكومة والأمم المتحدة حول القوات الهجين ودارفور جعلت الامين العام للمنظمة الدولية وهو ''الدبلوماسي الهادىء الرصين '' يعرب أكثر من مرة عن قلقه، ودفعت الدول المؤثرة لتعلن صراحة عن تشككها في تعاون الحكومة السودانية مع الأمم المتحدة في دارفور؛ ولأن'' الأزمات'' تأخذ برقاب بعضها بعضا، فإن أزمة بين الخرطوم وجوبا، سينعكس صداها على الغرب وعلى الشرق، كما لن يسلم منها الشمال والوسط، وهو ماجعل سؤال السودان يكون أو لايكون؟ هو السؤال المركزي الذي لم يقتصر تداوله على ندوة دار السيد الصادق المهدي، وإنما انطلق محلقا في الفضاء السوداني الواسع مجددا ''الخوف القديم'' على وحدة السودان، الذي حسب الناس أنه قد انتفت بعض أسبابه بعد اتفاقية السلام الشامل ''نيفاشا'' التي وضعت حدا للحرب الأهلية المدمرة بين الشمال والجنوب· حول السؤال (السودان يكون أو لا يكون؟) الذي قدم له السيد الصادق المهدي تحليلا ووصفا موضوعيا للحالة السياسية الراهنة، معددا أبواب الأخطار المحدقة بالبلد، قد توافقت آراء معظم المتحدثين من قادة الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع الاهلي، أن المخرج من الحالة التي وضعت البلد كله على حافة الهاوية، لن يأتي من الخارج، مع الاعتراف بدور الخارج كمساعد على تثبيت السلام وتحقيق أهداف التنمية العادلة وإنما الحل كان وسيظل بأيدي السودانيين أصحاب الوجع؛ وأن المطلوب هو أن يتوافق السودانيون ممثلون بأحزابهم وهيئاتهم القائمة فعلا على مؤتمر قومي شامل (ولا يهم كيف يسمى) يطرح أمامه السؤال، وعند ذلك ستكون الإجابة، فلا طرفي نيفاشا وحدهما، ولا أحزاب المعارضة الديمقراطية وحدها، ستقدم الإجابة المطلوبة على سؤال المصير؛ والدعوة موجهة إلى حزب المؤتمر الوطني الحاكم وللحركة الشعبية، وبمقدورهما أن يجنبا الوطن المصير المظلم والبائس والمخيف، الذي لا يتمناه أحد للسودان· عبدالله عبيد حسن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©