الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

اللبنانيون يستغيثون: غول الغلاء ينهش الجيوب··ارحمونا

اللبنانيون يستغيثون: غول الغلاء ينهش الجيوب··ارحمونا
22 نوفمبر 2007 01:00
يعيش اللبنانيون بكل شرائحهم حالة من الاضطراب والقلق على المستقبل على وقع الخلافات المستعصية على الاستحقاق الرئاسي بين فريقي الاكثرية والمعارضة التي تحولت الى حرب اقتصادية شاملة تعتبر من اشرس ما عرفوه من حروب· ومع الاعتراف بخطورة المرحلة السياسية فإن الظروف الحياتية والمعيشية ليست أقل خطورة من تداعيات الاستحقاق الرئاسي، بعدما افلتت الاسعار الى حد جنوني وتحولت كل الاسواق التجارية الى اسواق حرة لا حدود لها ولا ضوابط· ويعاني اللبنانيون وبشكل خاص اصحاب الحد الادنى للاجور (300 الف ليرة) اي ما يوازي 200 دولار اميركي من حالة فقر مدقع خصوصاً مع تردي تقديمات الضمان الاجتماعي وانعدام حالات الاستشفاء الحكومي، وارتفاع معدلات البطالة من اصحاب اليد العاملة، والهجرة المتنامية، حيث تعج السفارات بعشرات الآلاف من طالبي الهجرة هرباً من الواقع الراهن· ''الاتحاد'' عاينت شرائح مختلفة من طبقات الشعب، وتلقت من افواه من التقتهم ما يشبه نداء استغاثة ورحمة، حيث اجمعوا على وصف الحالة الاجتماعية بـ''المأساة'' لا سيما اولئك الذين ينتمون الى طبقة العمال والموظفين، ولسان حال الجميع يشكو الغلاء الفاحش الذي وصفوه بـ''الغول'' الذي لا يرحم· واستبعد فادي عمر (23 عاما) حدوث حرب اهلية جديدة في لبنان، وقال ان شعب لبنان الذي عانى ويلات الحروب والفتن لن يعيد الكرة· واشار الى ان الوضع السياسي انعكس سلباً على جميع فئات الشعب التي يرهقها غلاء الاسعار، وتمنى ان يتوافق السياسيون لكي يتمكن الناس من العمل والعيش بأمن وسلام، لافتاً الى ان الحرب الاقتصادية هي اصعب من حرب القذائف والرصاص، لأنها تصيب كل الشعب والبلد· اما السيدة نظرت شاهين (33 عاما) فقد توقعت انتخاب رئيس جديد للجمهورية وفي حال عكس ذلك تكون البلد قد انتهت، وتساءلت لماذا لا يوجد رئيس وهو سيتعرض لـ''الشتيمة حتماً بعد وقت قصير، لأن من يصل الى كرسي الرئاسة لن ينال رضا الجميع· وحذرت من ''غول'' الغلاء المستشري ووجهت دعوة الى الشعب للنيل من ممثليهم في البرلمان والمطالبة بحقوقهم المشروعة، ودعت اللبنانيين الذين يحبون وطنهم الى الوعي ومن جميع الفئات، وقالت عليهم ان يحبوا ايضاً بعضهم رأفة بالشعب الذي لم يعد يستطيع الصمود اكثر، وتمنت ان يكون العام 2008 أفضل من العام الحالي، وطالبت جميع دول العالم برفع ايديهم عن لبنان· وتوقع عنان نادر (35 عاما) ان يسوء الوضع بشكل عام، في حال لم ينتخب الرئيس العتيد، وحذر من تنامي حركة الهجرة الى الخارج· وتمنى عدم حدوث اية اضطرابات امنية في حال عدم التوافق على الرئيس محملاً مسؤولية ما قد يحدث الى جميع زعماء لبنان دون استثناء، وقال اذا اتفق اللبنانيون فيما بينهم فإن الخارج يصبح عاجزاً عن التدخل في شؤونهم، وطالما هم (اي اللبنانيون) مختلفون فإن الخارج سيتدخل حتماً· ورأى ايلي عزراني (45 عاما) ان الاستحقاق الرئاسي مهم جداً للبنان، وان شاء الله يتفق النواب على اسم رئيس للجمهورية، لأن البديل هو الفوضى والخراب، وقال ''ان جميع مشاريعي مجمدة بانتظار انتخاب الرئيس والسبب يعود الى التشنجات السياسية، حيث ان تصريحا سيئا يعطل السوق، وأدت السجالات الاخيرة بين المسؤولين الى شل البلد''· وعزا سبب عدم تحرك الشعب في وجه الغلاء الى انشغال المسؤولين بمشاكلهم الخاصة، والناس خائفون من الاعظم، وهم لا يلقون آذاناً صاغية لصراخهم المدوي احتجاجاً على ارتفاع الاسعار لاسيما المواد الاولية والضرورية· ووصف احمد سيخو (25 عاما) الوضع في لبنان بالسيء جداً وقال ''يجب ان ينتخب الرئيس لكي يستطيع المواطنون العيش بأمن وسلام، ولكي تتحسن حركة العمل، ويجنب البلد الحرب المدمرة، مع العلم بأنه (اي الرئيس) لن يستطيع في ظل الظروف الراهنة تحقيق امنيات الشعب في العيش الرغيد''· وتمنى وسام غراوي (33 عاما) ان يصبح لبنان بألف خير كي يستطيع اللبناني ان يحقق بعض طموحاته، وطالما ان الوضع في البلاد على ما هو عليه فإن أحداً لا يستطيع ان يفعل شيئاً، خصوصاً أن تبادل الاتهامات بين الفرقاء ينعكس سلباً على الوضع العام في لبنان· واشتكى من الغلاء الذي لا يرحم احداً وقال ان راتبه لا يكفي لأيام قليلة، فضلاً عن الضرائب التصاعدية التي تستهلك نصف هذا الراتب، واضاف ان الازمة لا تطاق وفي حال بقي الوضع على ما هو عليه فإن الازمة الاقتصادية - الاجتماعية ستشعل اضطرابات قد تؤدي الى ما لا تحمد عقباه، وناشد المسؤولين الاتفاق والوفاق رأفة بالعباد والبلاد قبل فوات الأوان· وبادرت رندا ابراهيم (55 عاما) ''الاتحاد'' بالقول انا ام لأربعة اطفال وزوجي طرد من عمله بداعي افلاس الشركة التي كان يعمل فيها، ولا يوجد اي عمل بديل له، والاسعار باتت غير معقولة، اذ تضاعفت 4 او 5 مرات، ومثالاً على ذلك علبة حليب الاطفال كان سعرها 4 آلاف ليرة (حوالي 75,2 دولار) اصبحت اليوم 12 الف ليرة (8 دولارات) وكل شيء زاد اضعافاً مضاعفة· واشتكت ام جميل (70 عاماً) من عدم تمكنها من الحصول على دواء، وقالت ''كان سعره 15 الف ليرة (10 دولارات) صار اليوم (25 الفا) (66,16 دولار) فالحالة لا تطاق وكل شيء لحق طاله الغلاء، خصوصاً غذاء الاطفال والدواء والحاجات الضرورية، وخلصت الى القول إنها حرب من اشرس الحروب التي نعرفها· وحدهم التجار هم الرابحون والمحال التجارية رغم الغلاء فهي المستفيدة من فروقات الاسعار، ورغم ذلك هناك تهافت لشراء الحاجيات الضرورية، خوفاً من انقطاعها، في ظل الفوضى العارمة التي تعم البلاد· وقال ابو محمد صاحب حانوت صغير في احد الاحياء الشعبية ''لعن الله السياسة والسياسيين نحن الشعب ندفع الثمن غالياً وهم يتخاصمون على الكراسي، نحب ان نعيش بكرامة وهم (أي السياسيون) يجعلون من الشعب مطية لنيل مآربهم، فالغلاء لا يطاق والكل يشكو، ولكن ليس باليد حيلة، يأتي بعضهم يسأل عن الاسعار، ثم يخرج دون ان يبتاع شيئاً، لأن العين بصيرة واليد قصيرة''· الكل يترقب بحذر ما قد تحمله الساعات المقبلة ويعيش حالاً من الخوف من الآتي، فالشوارع تشهد حركة خفيفة تنعكس على حال المحال التجارية شبه الخالية من الزبائن، والكل يسأل عن حركة الاسعار، ولا يبتاع الاّ القليل الذي تضطر العائلة اليه· وسألت منى ابراهيم (40 عاما) سائق سيارة اجرة ''بكم التعريفة اليوم'' وهو شارد الى عالم المجهول وعندما علمت أنها اصبحت 2000 ليرة (35,1 دولار) تنحت جانباً وانتظرت حافلة ركاب عمومية، وقالت ''ماذا بعد·· كل شيء يرتفع بجنون والاسعار في تصاعد، ما دخلنا نحن الشعب··لعن الله السياسة والسياسيين جميعاً لانهم لا يجلبون لنا الاّ الشقاء والعوز فكيف نعيش''· اما سائق سيارة الاجرة ابو فادي (60 عاما) فهز برأسه، وهو يتمتم بكلمات غير مفهومة، وعندما سأل عن رأيه قال ''انا لا دخل لي بالسياسة، واعمل لأحصل على لقمة عيش لاطفالي، ولكن للاسف لم اعد استطيع تأمينها بسبب غلاء البنزين والازدحام في الشوارع''· وقال ''نحن على موعد مع بدء اضراب عام مفتوح لقطاع النقل العام في 28 نوفمبر ونأمل ان تتجاوب معنا الحكومة وتعيد سعر صفيحة البنزين الى 22 الف ليرة (15 دولار) لكي نستطيع توفير لقمة عيش اطفالنا (ارتفع سعرها الى 26 الف ليرة)·وامتنع أياد منذور (40 عاما) عن دفع سند مستحق لأحد المصارف، وبادر ''الاتحاد'' بالقول ''البلد ذاهب الى الخراب وهذا المبلغ رغم قلته يمكن ان يساعدني في الصمود لعدة ايام''، وقال ايلي ابو ريمون (33 عاما) ''لقد رفضت دفع ايصال فاتورة الكهرباء وابلغت الجابي أن على مصلحة كهرباء لبنان ان تعطل عدادي· وسالناه لماذا؟ اجاب بحسرة ''لأن الكهرباء مقطوعة ولم نعد بحاجة اليها بعدما عطلت جميع الادوات الكهربائية في المنزل فهي ان وصلت تصل بقوة اقل من 110 فولتات او تفوق 300 فولت فتقضي على كل شيء، ولذلك اعتمدت كهرباء المولد رغم كلفتها الباهظة (60 الف ليرة شهرياً) اي ما يعادل (40 دولارا)· هذه نماذج عن معاناة الشعب اللبناني الذي يعيش اجواء قلق على المصير والمستقبل ويرفع الصوت عالياً ''ارحمونا يرحمكم الله'' ولكن هل من مجيب؟
المصدر: بيروت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©