الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

زهير حرب: مشاكل النوم تسبب أمراض القلب والدماغ

زهير حرب: مشاكل النوم تسبب أمراض القلب والدماغ
14 فبراير 2011 21:11
للنوم أسرار لم يتكشّف إلا جزء يسير منها يتمّ التعامل معه طبياً ونفسياً وفق حالات معدودة، ولكن لم نعتد في العالم العربي على فكرة التخصص الطبي في مشاكل النوم على الرغم من وجود حاجة ماسة إليه. أسرار النوم، علم مرتبط بأجهزة ومختبرات لدراسة كهرباء الرأس أو الدماغ (المخ والمخيخ) وحركة العين (تحرّك البؤبؤ السريع في إحدى مراحل النوم) وما تكشّف إلى اليوم يعتبر جزءا يسيرا من عالم ينام فيه الدماغ فلا يخبر بشيء سوى الأحلام التي يتذكرها المرء حين يستفيق أو تتوه منه أو يعتقد أنه لم يحلم أبداً. (أبوظبي) - عالم من دون نوم كالعالم من دون الحلم، الأول يسبّب الأمراض وقد يقودنا إلى الموت الجسدي والثاني قاتل للروح. وفي الأول لابدّ أيضاً للجسد من الأحلام فهي كما يفسّرها الطبيب الدكتور زهير حرب مستشار الأمراض الرئوية والرعاية المكثفة وطب النوم: المرحلة التي يعمل فيها الدماغ على ترتيب الملفات وكل ما تلقيناه بحواسنا كلّها من معلومات وإشارات وأصوات وأحاسيس ومذاقات وأفكار تلقيناها أو صدرت عنّا، فيرمي ما يجده غير مجدٍ ويبقي ما يراه ضروريّا ويرتّبه في تلافيف الدماغ. ومن دون هذه مرحلة الأحلام والنوم العميق يضيع المرء بين التعب والنعاس وقلّة التركيز. البحث عن الأسباب ويجد الدكتور زهير حرب أنه من الضروري البحث لدى مقابلة المريض بشكل شمولي وعدم الاكتفاء بشأن واحد يعاني منه المريض وإهمال شؤونه الأخرى، فعند التوجه إلى الطبيب المتخصص بأمراض النوم، أو لأي طبيب عام من الضروري البحث عن الأسباب وعدم نسيان التدقيق بشمولية الحالة. وهذا يعني أنه إذا كان المريض يعاني من الربو، فهذا سبب ولكن قد يكون هناك مشاكل أخرى”. ويعطي مثالاً عن مريض أتاه يعاني من مشاكل في القلب ومنذ سنين وهو يتلقى علاجاً للقلب، ووجدنا أن لديه مشكلة في التنفس خلال الليل هي التي سبّبت له كل المشاكل في القلب”. لماذا ننام؟ ويقول د.حرب: “إن السؤال الأول الذي نطرحه، هو لماذا ننام في الأساس؟ هل لأن لدينا ثماني ساعات إضافية في اليوم لا نعرف ماذا نقوم به خلالها فننام! لا، إننا وخلال النهار وفي مرحلة الاستيقاظ نخزّن كل ما نتعرّض له، ولكن ليس لدينا في المحصّلة سوى سعة محدودة في الدماغ وعلينا أن نفرز الملفات في هذا الدماغ. ومثالاً، حين نشتري جهاز الكمبيوتر من الشركة نراه سريعاً جداً إنما بعد أن نمضي وقتاً -لنفترض بعد سنة - يصبح شيئاً فشيئاً بطيئاً ثم أبطأ. وحينها على مستخدم الجهاز أن يدخل إليه ويزيل الـ”كوكيز” وبعدها يقوم بعملية ترتيب وضغط الملفات في الجهاز.. وهكذا هو الدماغ خلال النهار، يدخل أمورا نراها نسمعها نحسّ فيها وأفكارا تعرض علينا وأفكارا تنطلق من دماغنا، بالإضافة إلى وظائف حيوية أخرى منها أن القلب يدقّ والتنفّس يسير وهذه الوظائف هي وظائف لسنا مضطرين للتفكير فيها.. فثمة جزء صغير في الدماغ هو الذي يتحكّم بهذه الأمور وليس بوسعنا أن نجعله ينام... وهذه القاعدة في الدماغ الموجودة في الجزء السفلي من الدماغ (المخيخ) هي المسؤولة عن استمرار هذه النشاطات في جسدنا. ولأن عمل المخيخ بطيء فهو لا يتعب كثيراً لذا لا يحتاج للراحة فهو يعمل ليل نهار بلا هوادة. بينما هناك جزء من الدماغ يقوم بالنشاطات السريعة التي تستهلك الكثير من الطاقة. وهذه الطاقة التي يستخدمها دماغنا هي عبارة عن حرق أمور واتصال الخلايا ببعضها حيث تبقى في المحصّلة فضلات كيميائية داخل الدماغ ولا يستطيع الجسم تفريغها كلّياً إلا حين يتاح للدماغ عدم الاهتمام بأي أمر آخر يتلقاه من الخارج أي عند النوم تفرغ هذه الفضلات وترتّب الملفات”. مراحل النوم وعن مراحل النوم التي تقودنا إلى النوم العميق، يقول “هناك النوم السطحي، وهو إغماض العينين مع بقاء الشخص صاحياً وهذه تكون المرحلة الصفر وهي لا تريّح الدماغ، ولكنّها تحضّره للنوم.. وهي مرحلة تشبه أيضاً التعرّض من الخارج لتحفيز متكرّر على نمط واحد كالقيادة على طريق لا تتغيّر معالمه، أو الاستماع إلى محاضرة تلقى بوتيرة صوت واحدة، تدفع بالدماغ إلى الفصل عن المحفزات الخارجية المحفزة له فينفصل عن العالم الخارجي ويتمكن الدماغ من النوم”. ويضيف “يبتدئ الدماغ في النوم في المرحلتين الأولى والثانية، وفي هاتين المرحلتين يكون النوم سطحياً. الفرق بين المرحلة الأولى والثانية أنه في الثانية ثمة إشارات في الدماغ ليجهّز الدماغ نفسه كي يصبح بطيئاً، كما لو أنه بدأنا بالضغط على فرامل السيارة على دفعات ومراحل وليس فجأة؛ ففي المرحلة الأولى يبدأ الدماغ بالاسترخاء وفي المرحلة الثانية تبدأ عملية الراحة للدماغ على مراحل.. وبعدها يصل إلى المرحلة الثالثة من النوم حيث يصبح عمل الدماغ بطيئاً جداً وتسترخي العضلات (إنما لا يزال العضل مشدوداً قليلاً ولكن ليس كما نكون في فترة الصحو). المرحلة الثالثة قصيرة نسبة للمراحل الأخرى، وتليها مرحلة الأحلام حين ترتخي العضلات وتشلّ كليّاً ويكون على الدماغ وبوقت قصير جداً أن يعمل وبسرعة كبيرة جداً لينظّف البيت الداخلي ويرتّب الملفات، وفيها نرى العضلات وقد شلّت فجأة وترتفع معدّلات كهرباء الدماغ لانشغاله بتنظيف الملفات”. مشاكل النوم وما هي مشاكل النوم؟ يقول حرب “نصل إلى مرحلة الأحلام والتي توصف بحركة العين السريعة أو حركة البؤبؤ السريعة، وأنا أنظر إليها كأن العين تسير أو تتوجه في كل الاتجاهات كأن العينين تجمعان المشاهد من كل الزوايا، كأنها تجمّع كل شيء مع بعضه البعض لتكوين الحلم، مثالاً رأيت فلاناً وتحدثت معه عن الصحيفة فيصبح لديّ حلم عن الجرائد.. وربما يدخل معه مشهد التلفزيون الذي رأيته في وقت آخر من النهار. وقد ذكرت أن في هذه المرحلة تُشلّ العضلات، واللسان عبارة عن عضلة كبيرة في جسدنا وثقيلة في وزنها وهي في مكان ضيّق كثيراً البلعوم، وفي الوقت نفسه سقف البلعوم (سقف الحلق) مرتبط بعضلات هي الأخرى تسترخي وتشلّ، ومعناها أنه في حالة النوم على الظهر أو حتى على الجنب يسترخي اللسان ويقع إلى الخلف... فيصبح المكان الذي يتنفّس منه المرء ضيّقاً جداً، وفي هذه الحالة نحاول شفط الهواء فنخلق فراغاً داخل البلعوم فيطبق ويتوقف دخول الهواء. وهنا الدماغ الذي يحاول الاسترخاء يصبح في مرحلة خطرة حيث توقف ضخّ الأوكسيجين إليه فيدقّ القلب بسرعة ويستفيق الدماغ، وهذا ما نسمّيه بتقطّع النوم”. ويشرح “كي يشبع الدماغ نوماً هناك عدة مراحل من الصفر إلى مرحلة الأحلام وكلّ من هذه المراحل تؤلف دائرة هي في الإجمال تمتدّ لساعتين. النوم الذي يستمرّ لثماني ساعات يتألّف من أربع دوائر أو خمس، ثمة دورة مثلاً لمن ينام من العاشرة إلى السادسة صباحاً، فهو من العاشرة حتى منتصف الليل يمرّ في المرحلة الأولى والثانية وبجزء بسيط من المرحلة الثالثة، وبعد 90 دقيقة من الدخول في النوم يمرّ الدماغ إجمالاً في مرحلة أحلام قصيرة وبعدها يخرج من الأحلام ليقفز إلي المرحلة الثانية وبعدها يدخل في دورة ثانية، وكل دورة تضمّ الأجزاء الأربعة وهي مرحلة أولى ومرحلة ثانية فثالثة وصولاً إلى الأحلام. ثمة 50 ? من الوقت نمضيه في المرحلة الأولى والثانية من النوم. وتستغرق المرحلة الثالثة في الإجمال نحو 15 إلى 20 ? من النوم... ومرحلة الأحلام توقيتها هو حوالي الـ 25 ?. إذا نقص على المرء الكثير منها، سيبقى دماغه مشوّشاً وثمة ما بقي ولم يتمّ تنظيفه في الدماغ. فنحن ننظّف دماغنا في غالبيته في مرحلة الأحلام كما بنسبة قليلة في مرحلة النوم العميق”. ويقول “النوم لتنظيف الدماغ وقطع هذه المرحلة والاستيقاظ سيجعلنا نفتقد إلى النوم العميق أو نوم الأحلام، حتى لو أمضينا الوقت في السرير لعشر ساعات فإذا لم نصل إلى النوم العميق نستيقظ كأننا لم ننم ولا نزال متعبين”. تقطع النوم ويقول “إن تقطع النوم يجعل الجسد متعباً وكذلك الدماغ، فالقلب الذي يدق سريعاً تخف سرعة نبضاته في النوم لعدم الاضطرار للسرعة وللدفق من أجل بذل المجهود. والضغط الذي يرتفع خلال النهار يهبط في النوم. يجب أن تكون هناك كمية كافية من الركود ومن العمل، وإذا كان العمل متواصلا من دون المرور بمرحلة الركود، يرتفع الضغط.. وغالباً يكون السبب الانقطاع في النوم ووفق الإحصاءات فإن سببها انقطاع التنفّس في الليل”. ويتحدث حرب عن أنواع من العلاجات لمرض عدم النوم، ومنها استخدام جهاز ضغط الهواء (Contin o s positive airway press re) الذي يبعد عضلة اللسان عن البلعوم ويفتح الطريق لمرور الهواء إلى الرئتين فيتنفّس المرء خلال نومه من دون أن يؤدي استرخاء العضلات إلى قطع التنفس...”. ويحذر من إهمال مشاكل عدم النوم “قد يعني انتفاض القدم أو القدمين الذي يوقظ النائم من نومه، علاقة بانقطاع في التنفس. وعلى المدى الطويل، يسبّب التقطع في النوم ارتفاعا في الضغط، الجلطات على الدماغ، وتسارع دقات القلب المؤدي أحياناً إلى الإصابة بجرحات قلبية. كما تمتلئ القدمان بالماء إلى تداعيات جمّة. ومن الأمور التي نهملها ولا نراجع الطبيب في شأنها الشخير خلال النوم، فقد يكون ناتجا عن مشكلة جدية يجب معالجتها. وعلى المدى القصير، يعاني المريض الذي يعاني من التقطّع في النوم، من النعاس خلال النهار وعدم التمكن من العمل بشكل عادي، ويفقد التركيز وتقلّ حدّة ذاكرته وقد يصبح لديه صداع ويعصّب بسهولة وبسرعة. سبب التخصص الاهتمام بمشاكل النوم وأمراضه، حديث نسبياً ويعتبر لجهة العلوم الطبية في مراحله الأولى حيث تجرى عليه الأبحاث والتجارب للكشف عن هذه الفترة الغامضة، يقول الدكتور زهير حرب “حين أنهيت دراستي في الطب العام وسنتين في الطب الباطني في الجامعة الأميركية في بيروت، لم يكن الحديث عن مشاكل النوم شائعاً، فنحن لدينا كمعدل للنوم 8 ساعات من أصل 24 ساعة، يعني أن ثلث حياتنا لا نعرف عنها أي شيء، وكنّا لا نفكّر في هذا الجانب إلا عند حدوث أمر معيّن مثل أن يتوفى شخص في نومه ونسمع “نام ولم يستفق”. سافرت إلى الولايات المتحدة الأميركية بهدف إجراء أبحاث لعامين بعد تخرجي، وعملت مع طبيب في جامعة يال هو الذي اخترع جهاز التنفس للرئتين والذي يستخدم للحساسية، وفي هذا المختبر كان هناك طبيب يجري أبحاثاً حول النوم، ولم يكن ذلك الطبيب مشهوراً في ذلك الوقت، والآن بات من المعروفين جداً في أبحاث النوم. جذبني موضوع النوم ولكنني لم أسق لأكثر من ذلك الاهتمام العرضي لاهتمامي في ذلك الوقت بمواضيع القلب والعناية المكثفة. وقررت متابعة تخصصي في الطب الباطني لثلاث سنوات وبعدها كان عليّ حزم أمري بين التوجه نحو العناية المكثفة وأمراض الصدر أو أمراض القلب، فاخترت الأولى. إنما من ضمن ما أدرسه، كان ثمة جزء مخصص للنوم ومن ضمن تماريننا كنا نرى مرضى يعانون من مشاكل في النوم”. ويضيف “صار عندي اهتمام أكبر بالموضوع، فتوجهت في التخصص نحو مواضيع النوم ومشاكله التي لا تتعلّق تحديداً بما يسمّى بالأرق لأن هذا الجانب يتولّاه الأطباء النفسيون. فمن لا ينام في الليل ولا سبب صحيا طبيا يمنعه عن النوم، نجد علاجه عند الطبيب النفسي. وثمة أيضاً من يعانون من الأرق، ويخافون الاستغراق في النوم خوفاً ممّا قد يجري معهم خلال النوم ويعانون من الكوابيس وسببها في الغالب انقطاع التنفس أثناء النوم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©