أصبحت القارة السمراء في قلب الحماسة والطفرة الهائلة لأموال المستثمرين التي غمرت الأسواق الناشئة في العالم، وفي ظل السعي المستمر عن العائدات والأرباح المجزية فقد بات المستثمرون ورجال المصارف والشركات من كل نوع يركزون أبصارهم على الفرص المتاحة في أحد أفقر أركان العالم·
ويقول ريتشارد سيغال استراتيجي المداخيل في مصرف ريناسيانس كابيتال الاستثماري في روسيا ''لقد أصبحت افريقيا أحد أكبر الأسواق جاذبية واستقطابا لرؤوس الأموال كما ان جميع المستثمرين اصبحوا يرغبون في ان يصبحوا جزءاً من هذه الفورة والنشاط''·
وكما ورد في صحيفة ''الفاينانشيال تايمز'' فإن هذا الاهتمام قد أخذ يشهد المزيد من الزخم مؤخرا -وسط اضطراب الاسواق المالية الغربية بفعل أزمة الائتمان والرهونات- بسبب أن الاسواق الافريقية لم تختبر سوى القليل من العلاقة التفاعلية بين بعضها البعض ومع الاسواق الاخرى النامية والناشئة·
وكما يقول جيرمي جاردنر مدير مكتب إدارة الاستثمارات والاصول الذي يدير موجودات بقيمة 34 مليار دولار في افريقيا ''انه عالم نعمة الله عليه بعدم الاكتراث والتأثر بأزمة الرهن أو كارثة سوق المساكن الأميركي''، على ان اكثر ما يثير اهتمام المستثمرين إمكانيات النمو التي تزخر بها منطقة افريقيا شبه الصحراوية والتي شهدت تحسنا اقتصاديا ملحوظا في السنوات الاخيرة بدعم من ازدهار في السلع والبضائع وانتشار اعفاءات الديون وترقية وتحديث السياسات الاقتصادية كما يشير المحللون· وعلى الرغم من ان تدفقات رؤوس الأموال الخاصة نحو افريقيا شبه الصحراوية مازالت صغيرة بالمقارنة بحجم الأموال المتوجهة نحو مناطق اخرى مثل القارة الآسيوية إلا انها تضاعفت الى ثلاثة امثالها منذ العام 2003 وفقا لاحصائيات صندوق النقد الدولي، اذ بلغ اجمالي تدفقات الأموال الخاصة الى افريقيا نحو 45 مليار دولار في عام 2006 اي حوالي 6 في المئة من اجمالي إنتاجها المحلي مقارنة بحوالي 9 مليارات دولار فقط في عام ·2000
وذكر الصندوق ايضا ان صافي الاستثمارات الأجنبية المباشرة المصدر الأكبر لتدفقات رؤوس الأموال الخاصة في المنطقة بات من المتوقع له ان يصل الى مستوى 18 مليار دولار في هذا العام·
وأحد أكبر هذه الاستثمارات سوف يتمثل في صفقة بقيمة 5,5 مليار دولار أبرمها بنك الصناعة والتجارة الصيني لشراء حصة بمقدار 20 في المئة في بنك ستاندرد في جنوب افريقيا، وكانت شركة نيو ستار قد اطلقت ايضا في الاسبوع الماضي الصندوق الذي يعرف باسم ''هارت اوف افريكا فاند'' والذي يغطي جميع انحاء افريقيا شبه الصحراوية باستثناء جنوب افريقيا بعد ان نجح في تجميع أموال بقيمة 34 مليون جنيه استرليني (47,6 مليون يورو)، وهو أحد آخر الصناديق المخصصة للمنطقة التي يتم إطلاقها في الأشهر الأخيرة· ومع ذلك فإن بعض المستثمرين مازالوا يلتزمون الحذر وهم يشيرون الى نوع من المخاطر المتضمنة والتي تتمثل في ان معظم أسواق البورصة والديون مازالت صغيرة الحجم في المنطقة كما انها تفتقد للسيولة اللازمة وتعاني من قلة التطوير ونقص المعلومات المتوفرة بشكل عام في الاسواق الاخرى، هذا بالاضافة الى المخاوف من الفساد، وكذلك مازال من المبكر معرفة الفترة التي سيستغرقها هذا الازدهار الذي تشهده السلع والبضائع في المنطقة·
عدد اليوم
