الحدائق المنزلية لوحات حية من الأشجار والزهور

لا يمكن أن نتصور منازل خالية من النباتات الحية التي هي روح المكان ونبضه، وسر الجمال فيه، فمن غيرها سيبقى المكان شاحباً، صامتاً يلفه الجمود ويصرخ في ثناياه الملل، فلا يمكن ان يتفاعل فيه المرء ويجد فيه الراحة التي يتوق لها، فاللون الأخضر إنما يساهم في بث لغة الهدوء والراحة، ويكسر حدة البناء، وسرعان ما سيتدفق هذا الإحساس لحظة النظر إلى المساحات الخضراء الممتدة والأشجار التي نجدها قد أخذت مكانها في زوايا المنزل، والزهور التي وقفت تنشر أريج عطرها في المكان. (دبي) - هذه التوليفة الجمالية الحية، المتنوعة تشكل منظومة فنية رائعة، تزينها الكثير من الاكسسوارات والتفاصيل الجمالية التي ابدع فيها المصممون والمهتمون في رسم تشكليات لونية غاية في الجمال على مساحات الحديقة، بطريقة فنية مدروسة وفق مقاييس دقيقة. يقول المنسق الزراعي حسن البلوشي: لقد انتشرت الحدائق المنزلية بشكل واسع واصبح هناك رغبة من الأفراد في امتلاك حدائق خاصة بهم في أحضان منازلهم، يمارسون حياتهم وعلاقاتهم الاجتماعية بطريقة مريحة وعفوية، بعيدا عن أعين الفضوليين، فتبقى الحديقة ملاذا آمنا، وبيئة تمتص وتيرة الحياة وضغوطه، فيما لو استرخى المرء في ثناياها واستظل بظلالها واستنشق عطر ازهارها، وسمع هدير الماء المنساب من خلال الأحجار التي رصت بطريقة فنية اقرب إلى الطبيعية في شكلها. وعلى ايقاع أنغام العصافير التي تشدو على الاغصان. لوحة فنية حية، ولقطة حاضرة في الاذهان. فلا يكتمل جمال البيت إلا بلمسات من الرداء الأخضر. ويؤكد البلوشي: إن عملية رسم ملامح الحديقة المنزلية لاتتم بصورة عشوائية، وإنما العمل يتطلب المزيد من المعرفة والاطلاع حول نظم إنشاء الحدائق الذي يصاحبه أيضا الذائقة التي لابد ان يتمتع بها الفرد في عملية تنسيق المساحات التي أمامه، فتنسيق الحديقة المنزلية عبارة عن تخطيط وترتيب المساحات حول المبنى وتوزيع النباتات والعناصر الأخرى، بطريقة فنية إبداعية وهندسية مدروسة، والتصميم الجيد هو التصميم الذي يأخذ في الاعتبار أمورا مهمة منها نظام البناء والعادات والتقاليد أي الخصوصية التي يجب أن تتسم بها الحديقة من حيث اختيار المكان المناسب لإنشائها ونمط الحديقة المطلوبة من قبل أفراد الأسرة، والميزانية المخصصة لذلك، كل ذلك يتحكم في عملية التصميم، وقبل البدء في وضع تصميم الحديقة، يجرى للموقع دراسة تحليلية لبيان الشكل العام للموقع (طبوغرافية الأرض ) إلى جانب شكل وأبعاد المبنى والمناظر المحيطة بالوقع، وتحديد نقاط الجمال والعيوب المعمارية في المبنى. عندها يتم دراسة هذه الأبعاد وأخذ القياسات المطلوبة للمساحة المراد إقامة الحديقة عليها مع أخذ عينة من تربة الموقع وتحليلها لمعرفة مدى صلاحية التربة للزراعة، وعلى ضوء النتيجة يتم استصلاح هذه التربة، ومن ثم تقديم عدة تصميمات للزبون. ومن ثم تتم عملية الشروع في التنفيذ بدءا بتقسيم الموقع وفقا لطبيعة ووظيفة كل حديقة، منها الحديقة الأمامية الواقعة بين الشارع ومدخل المنزل فتعد واجهة المنزل وأول ما يقع عليه أعين الزوار أو المارة فيجب الاعتناء بتفاصيلها الصغيرة بدءا بالحجارة المثبتة بطريقة فنية وصولا إلى الإضاءة، أما المنطقة الخاصة وهي عادة ما تقبع خلف المبنى أو في زاوية بعيدة عن مدخل المنزل فتضفي خصوصية على المكان حيث تستخدم لتناول وجبات الطعام، أو استقبال الضيوف، إقامة الحفلات، لعب الأطفال، الاسترخاء، التمتع بالراحة والسباحة وممارسة الألعاب الرياضية المختلفة، ويشترط فيها العزلة التامة عن الحديقة الأمامية التي يطغى عليها عناصر التزين بشكل واسع. عملية تسوية الأرض ويضيف البلوشي: بعد الموافقة على التصميم نبدأ العمل بعملية تسوية التربة ووضع بعض التمديدات المطلوبة، وزراعة المسطحات الخضراء، وتوزيع الأشجار والنباتات بشكل تنسيقي بحيث يتناغم مع طراز البناء فلا يغطي على البناء بقدر ما يبرز تفاصيله الجمالية.بعد أن تتم المرحلة الأساسية وتبدأ تتضح ملامح الحديقة، نبدأ بمرحلة التزيين من خلال انتقاء المكان الملائم. على جانبي المدخل، في الزوايا والاركان بعيدا نوعا ما عن شبكات الري، ومن أن تطأ عليه الأقدام. حيث يتم عمل تصمم التشكيل بالأحجار على برنامج معين وفق ضوابط ومقاييس دقيقة جدا. وعادة ما تكون هذه التصاميم مستمدة من الحياة النباتية فمنها على أشكال الزهور أو شكل أوراق الأشجار والنخيل المطبوعة على مساحات من الحديقة، كلوحات فنية رائعة. مراحل العمل حول مراحل العمل يقول البلوشي: فبعد انتقاء المكان يتم عمل التصميم المطلوب، ثم نبدأ مرحلة التطبيق العملي من خلال تحديد المكان وتسوى الأرض جيدا، ثم تغطى المساحة المحددة للعمل بمادة عازلة تعمل كحاجز بين الأحجار والتربة، حتى لا تنغرس الحجارة فى الرمل مع مرور الايام، ثم يتم وضع حدود من البلاستيك كقوالب مصممة وفقا للشكل المنتقى. وتثبت في الأرضية، وبعدها يتم توزيع الأحجار ورصها بتأن وحرص حتى يظهر العمل بشكل جيد ومتقن وفق مقاييس التصميم. أنواع الأحجار يتابع البلوشي: هناك العديد من الأحجار المستخدمة في عملية التزيين منها أحجار الجبال والأودية، المختلفة من حيث اللون، فدائما الأحجار الغامقة ترص في منتصف التصميم أو الشكل بينما الألوان الفاتحة من الحجارة ترص في المساحة الخارجية من العمل. كما يمكن ان تستخدم الأحجار الكبيرة في تزيين جزء من الحديقة ووضعها كمجموعة حجرية على أن تتخللها بعض نباتات الزينة كالصبار ونحوه. ولابد أن تتناسق كافة جزيئات الحديقة من حيث المكان وحجم النبات والأشجار وأحواض الزهور والأسوار والجلسات والإضاءة التي تساهم في خلق أجواء حية في المكان متى ما وزعت بطريقة فنية مدروسة كوضعها على مدخل المنزل وفي أطراف الحديقة وعند مصب الشلالات والنوافير وأماكن الجلوس كما أن النباتات والأشجار في الحديقة تحتاج أيضا لإضاءة لإبراز قيمتها الجمالية وألوانها حيث تعكس ظلالها على السور أو تظهر تفاصيل سطحها الجميل كجذوع النخيل. الاهتمام بالحديقة يؤكد البلوشي على أهمية العناية بالحديقة، ويقول: عملية الاهتمام بالحديقة ورعايتها من الأمور المهمة لتبقى الحديقة متألقة ومتجددة دائما، من خلال صيانة وقص وتقليم الغطاء النباتي، ومنها المسطحات الخضراء ونظرا لأهمية هذا العنصر والدور الذي تلعبه بالحديقة فيجب المحافظة عليها لتكون دائما خضراء يانعة، من خلال القيام بأعمال الرعاية المطلوبة منها الري وذلك باستخدام أنظمة الري بالرش المتوفرة بالحديقة، وقص المسطح الأخضر صيفا 5 - 6 مرات شهريا وشتاء 3 مرات شهريا وكذلك مراعاة اتجاه القص في المرة الواحدة وتغييره كل مرتين. وضرورة اتباع بعض النصائح قبل الشروع بالقص منها استخدام ماكينات نظيفة ذات أسلحة حادة، ووقف الري قبل قص المسطح لضمان جفاف المسطح ولسهولة عملية القص عنها في حالة المسطح المبلل. كما يفضل تشغيل الري بعد قص ونظافة المسطح من المخلفات ويفضل قص حواف المسطح وحول الأشجار وأعمدة الإنارة والرشاشات قطع حواف المسطح في خطوط مستقيمة موازية للمشايات والطرق وذلك لإكساب المسطح المظهر الجيد، نظرا لأهمية المسطح الأخضر كونه المنظر الخلفي للحديقة، والتي تبرز جمالية التنسيق.