الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

بورشرت يبحث عن شكل آخر للحياة

بورشرت يبحث عن شكل آخر للحياة
23 نوفمبر 2007 23:21
كانت حياة الكاتب الألماني فولفجانج بورشرت سلسلة مآسٍ متصلة، وقد ولد في هامبورج في العشرين من مايو عام 1921م، وفي العشرين من عمره كان مجنداً في الجيش الألماني في الجبهة السوفييتية، أغضبت بورشرت الظروف غير الإنسانية للحياة العسكرية في الجيش النازي، فكتب في رسائله إلى عائلته وأصدقائه عن لحظات الرعب والمهانة التي يعانيها الجنود، وكتب إلى أمه ذات مرة: ''أشعر أن الثكنات ليس سوى حصن لعبيد الرايخ الثالث''· 24 قصة بسبب بعض الرسائل التي كتبها للأصدقاء وضمنها رأيه الناقد لهتلر والنظام، فقد أودع في السجن، ثم أفرج عنه وتم إرساله مجدداً إلى الجبهة، وفي ختام الحرب عاد إلى بلاده مشياً على الأقدام وكان مريضاً، فتضاعفت علته، وتحت ضغط آلام كبده المريض في نهاية عام 1945 أجبر على البقاء في السرير حتى آخر أيامه، وأدخل بورشرت إلى المستشفى في بدايات عام 1946 ولكنه سرعان ما غادره بعد أن رأى الأطباء أن مرضه غير قابل للشفاء وأن نصيبه المتبقي من الحياة لا يزيد على العام·· لم يعبأ بورشرت بذلك ولم يعرْ انتباهاً لآلامه، واتجه إلى التأليف، فكتب 24 قصةً حتى نهاية العام، من ضمنها قصة ''زهرة سن الأسد'' التي يصور فيها تجربة أحد السجناء الذي أعياه صمت الحياة وتكرار مفرداتها داخل السجن، وقد كره مشاعر الألم النابعة من الوجوه المترعة بالخوف، فبدأ بحثاً مهموماً عن شكل آخر للحياة انتهى به إلى وردة صغيرة في باحة السجن· موضوع الحرب وبعد صراع مرير وقاس مع المرض توفي بورشرت في المستشفى بمدينة بازل السويسرية، ولم يتسن له أن يحضر العرض الأول لمسرحيته الوحيدة والتي كتبها تحت وطأة المرض وآثار الحرب النفسية وهي مسرحية ''في الخارج أمام الباب''، إذ قدمت للجمهور في مسرح هامر شبيل في هامبورج في اليوم التالي لوفاته، وهو كان يعتقد أنها لم تمثل؛ لأنها على حد قوله تصور الحقيقة عارية، ولا أحد من المشاهدين يشتري بطاقة لكي يشاهد مسرحية تصدمه فيها الحقيقة، وهي من أولى المسرحيات بعد الحرب العالمية الثانية التي تناولت موضوع الحرب· وتحكي المسرحية قصة مجند ألماني يدعى ''بيكمان'' كان يقاتل في سيبريا وهو الآن عائد إلى بلاده بعد نهاية الحرب مكسور الركبة بلا بيت ولا شيء لديه سوى العراء، وفي مشهد هو بين الحلم والواقع نعرف أنه يرغب في الانتحار بإلقاء نفسه في النهر، إذ إضافة إلى ويلاته وجد سرير الزوجية في بيته وقد احتله رجل آخر، بعدما يئست زوجته من عودته حياً، لكن النهر يرفض انتحار الرجل ويقذفه إلى الشاطئ، ويلتقي بزوجة مجند انقطعت أخباره، فتدعوه إلى منزلها ويخشى أن يتورط معها، فيعود زوجها ويجده في بيته؛ ولذلك رفض عرض السيدة وفضل أن يبقى في الخارج أمام الباب، ثم توجه إلى رئيسه السابق في الجيش، لكن الضابط منهمك في العشاء مع زوجته، ولا وقت لديه لسماع كوابيس الآخرين، فيرجع بيكمان إلى الشارع مرة أخرى، وأينما ذهب وجد الطرق مسدودة في وجهه، حتى عندما أراد أن يعمل مغنياً في مسرح تم رفضه؛ لأنه سيروي الحقيقة في أغانيه ولا أحد يريد أن يسمع الحقيقة·
المصدر: برلين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©