الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الراتب يا فرحـــة ما تمــت!

الراتب يا فرحـــة ما تمــت!
25 نوفمبر 2007 12:20
من منا لا ينتظر آخر الشهر بفارغ الصبر لكي يتسلم راتبه، ثمرة تعبه وعمله طيلة 30 يوما؟ هذا هو حال الموظفين عموماً، فالراتب بالنسبة لهم حياتهم وأمنهم واستقرارهم، وإذا انقطع، لا سمح الله، أو اقتطع جزء منه، اختلّت ميزانيتهم وغزت المشاكل دارهم·· ولكن بالمقابل، من منا لا ينفق معظمه في أول الشهر؟! المشكلة أن رواتب اليوم، مهما ارتفعت، تتبخر سريعاً بل وتطير على أقصى ارتفاع ممكن فور وصولها إلى البنك أو اليد: دفعة لإيجار البيت، وأخرى للماء والكهرباء والهاتف، وثالثة للمدارس، ورابعة لقسط السيارة، وخامسة للمأكل والمشرب، وسادسة للملبس و··· غيره وغيره· الحديث عن الراتب الشهري ذو شجون بين معظم الناس الذين يرون بأن الغلاء الفاحش وكثرة الالتزامات المادية المترتبة عليهم، أفقدتهم الشعور بفرحة استلامه وحلاوة طعمه· أبو خالد، مواطن لديه 3 أولاد ويعمل في أدنوك، يقول: لم أعد أشعر بطعم الراتب ولا توجد فيه بركة، فالمتطلبات كثيرة والأسعار ارتفعت بشكل جنوني، والغلاء طال مختلف السلع، حتى محل مبيعات ''الستلايت'' رفع أسعاره بحجة ارتفاع أسعار البنزين (!)، والمشكلة أنه لا يوجد رقابة حقيقية تحمينا من جشع التجار الذين يتلاعبون بالأسعار كيفما يريدون''· ويقول صديقه أبو خليفة: ''أصبحنا نتمنى لو لم تطرأ الزيادة على رواتبنا، فمنذ تلك الزيادة ارتفعت الأسعار كثيرا، أقساط المدارس والأكل والشرب والبضائع حتى أصبحنا نشتري البضائع المقلدة بسعر الأصلية·· فماذا يتبقى لنا من الراتب؟'' ماذا يبقى؟ أمام الصراف الآلي كان يقف متفقداً حسابه في البنك، وعندما انتهى سألناه ماذا تبقى من الراتب؟ فابتسم، وقال، مفضلا عدم ذكر اسمه: وماذا سيتبقى من الراتب ما دام السكن يقتطع 40% منه، فأنا أدفع 4 آلاف درهم شهرياً إيجار بيت، وألف درهم قسط سيارة، فضلاً عن البنزين، والكهرباء والماء، ولديَّ طفلتان بحاجة إلى أكل وشرب وهذا يستنفذ 20% من الراتب، ناهيك عن ضرورة التوفير لشهر الإجازة، مع ذلك، أشعر أنني أفضل حالاً من غيري، فأنا على الأقل لست مديناً لأحد وذلك بفضل نظام الإنفاق الذي أسير عليه شهرياً· منزوع البركة ويقول ياسر اللحام: لا يوجد بركة في الراتب هذه الأيام، فكثرة الالتزامات المالية نهشت عظام الراتب ولم تبقِ منه شيء، وما أن يحل يوم 20 أو 25 من الشهر حتى يبدأ الواحد منا يعد الأيام بانتظار الراتب، والمشكلة الكبرى أن أسعار المواد الغذائية في البلد ارتفعت بشكل كبير ما دفع كثير من الشباب للقروض التي زادت أوضاعهم المالية سوءا· ولا يختلف الأمر مع أحمد سالم الذي يعتبر أن راتبه مرتفع مقارنة مع أقرانه (20 ألف درهم، فهو يدفع 8 آلاف درهم شهريا للسكن، و 4 آلاف للسيارة، وألف درهم قسط مدرسة، ومثلها لفواتير الماء والكهرباء وأكثر من ألف للهاتف، وما تبقى ينفقه على الأكل والشرب وباقي المستلزمات الحياتية· يقول: الحقيقة أن التفكير بموضوع الراتب يكاد يصيبني بالجنون، فأنا أتقاضى راتبا جيدا ولا يتبقى منه شيء، فما هو حال الذين يتقاضون رواتب ضئيلة؟''· عزاب بالإكراه ارتفاع إيجار السكن لا سيما في أبوظبي وحش كاسر لا يفترس الراتب الشهري وحسب، بل وحكم على البعض بالعزوبية إلى أجل غير معلوم؛ فها هو شادي الدويك يدفع 2500 درهم شهرياً مقابل غرفة متواضعة يسكن فيها، ويرى بالرغم من راتبه المتواضع وتقشفه في مصاريفه الأخرى بأنه محظوظ قياساً بالشباب الآخرين لأنه غير مدين لأحد، ولكونه أعزب فلو كان متزوجاً فإن راتبه لا يكفي ''لفتح بيت'' وتكوين أسرة· وإذا كانت العزوبية بالنسبة إلى شادي خياراً وميزة، فهي ليست كذلك بالنسبة لصلاح الدين الكرد الذي يعيش عازباً، كحال الكثير من الموظفين الذين حكم عليهم ارتفاع الإيجارات وغلاء المعيشة بالعودة مكرهين إلى حياة العزوبية رغم أنهم متزوجون ولديهم عائلات· يقول: ''غلاء المعيشة وارتفاع إيجار السكن بددت فرحتي بالراتب الجيّد الذي اتقاضاه، فهو لا يكفي للمّ شمل العائلة والعيش بصورة كريمة مما اضطرني إلى إرسال عائلتي إلى بلدي والعيش وحدي في غرفة إيجارها 8 آلاف درهم شهريا، ورغم صعوبة الحياة بالنسبة لي كأعزب بعيدا عن عائلته وأولاده، إلا أن الوضع ماديا أفضل، فالحياة هنا أصبحت غالية جدا''· ولّى زمان التوفير ويقول يعقوب آغا، الذي يعمل مدير دائرة في إحدى الشركات الزراعية: ''كنت أعيش في الكويت مع عائلتي ثم أتيت للعمل هنا بعرض عمل جيّد، وقررت اصطحاب العائلة للعيش معي لكنني وجدت الأمر صعباً فالسكن في أبوظبي غالٍ جدا هذا إذا وجد، والمعيشة مرتفعة، لذلك فضلت أن أبقيهم في الكويت· ويتساءل: إذا كنت أقيم وحدي في شقة وأدفع إيجارا شهريا مقداره 8 آلاف درهم، فكم سأدفع إذا ما أحضرت عائلتي وستأجرت شقة كاملة؟· أما هاني عبد الهادي، وهو مدير عام لنفس الشركة الزراعية، فيرى أن فرحة استلام الراتب، مهما ارتفع قدره، قد ولّت منذ زمن بعيد، فهو محكوم عليه بأن ينفد مع نهاية الشهر بسبب الغلاء ومتطلبات الحياة الكثيرة، وكلما زاد الراتب زادت النفقات وارتفع مستوى المعيشة، لذلك لا يستطيع الواحد أن يوفر منه شيئا· وخلافاً للآخرين لا يشكل الراتب بالنسبة لعبد الهادي مشكلة كبيرة رغم أنه يدفع 16 ألف درهم شهريا إيجارا لغرفة فندقية، و يدفع حوالي 6 آلاف درهم شهريا بدل تذاكر طيران حيث يسافر أسبوعيا إلى أهله في الكويت، وإنما تكمن مشكلته الحقيقية في عدم وجود سكن يقيم فيه رغم بحثه عن سكن منذ أكثر من عام·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©