الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كولومبيا··· وطريق الثقة مع أميركا

كولومبيا··· وطريق الثقة مع أميركا
25 نوفمبر 2007 23:08
ما زالت اتفاقية التجارة الحرة المقترحة مع كولومبيا موضوع مماطلة في الكونجرس، والحال أن نجاح واستقرار كولومبيا، بل والمنطقة الأميركية اللاتينية عموما، مرهونان بقدرتنا على إدراك مدى أهمية هذه الاتفاقية بالنسبة للولايات المتحدة، واقتصاد كولومبيا، وتقدم حقوق الإنسان، وتعزيز الأمن القومي الأميركي· هذا الخريف أمضيت عدة أيام في كولومبيا مع الرئيس ألفارو أوريبي ومسؤولين رفيعين آخرين في الحكومة والجيش؛ وزرت مخيمات اللاجئين ومناطق التنمية الاقتصادية وعمليات محاربة المخدرات، فوجدت أن كولومبيا التي زرتها مؤخرا مختلفة تماما عن المكان الذي زرته قبل سبع سنوات عندما كنت رئيس ''مكتب سياسة مراقبة المخدرات''· إن تحول كولومبيا من دولة فاشلة عام 2000 إلى ديمقراطية تقدمية اليوم يعد انتصارا للسياسة الخارجية الأميركية؛ ففي أقل من عقد، تمكن الزعماء الكولومبيون من تحقيق إنجازات مهمة على صعيد تقليص أعمال العنف وعدد المجموعات غير القانونية، إضافة إلى الرقي بوضع حقوق الإنسان في البلاد، فمعدل جرائم القتل هو اليوم في أدنى مستوياته منذ عشرين عاما، وعمليات الاختطاف قلت بـ80 في المائة، أما بخصوص المجموعات المسلحة غير القانونية التي تبتلي بها كولومبيا، فقد تم تفكيك 45000 مقاتل، كما فقدت المنظمات الثلاث الرئيسية التي تنشط في مجال المخدرات كل مصداقيتها السياسية تقريبا وعانت من مغادرة 13000 عضو فيها· وبموازاة ذلك، نما الاقتصاد، وتراجعت البطالة، وارتفعت الاستثمارات الخارجية في وقت يواصل فيه سجل كولومبيا في حقوق الإنسان التحسن· صحيح أن مستوى العنف ضد النقابيين وعدد جرائم القتل ذات الدوافع السياسية مازال غير مقبول، إلا أن معدلات هذه الحوادث انخفضت بشكل كبير· الواقع أن إنتاج الكوكايين والهرويين مازال يمثل تحديا كبيرا بالنسبة لكولومبيا؛ إلا أن أكثر من 525 تاجر مخدرات تم تسليمهم خلال إدارة ''أوريبي''، ما يعد أكبر عدد لعمليات تسليم المجرمين إلى الولايات المتحدة على الإطلاق· ونجاح حملة محاربة المخدرات واضح وجلي؛ فقد تم القضاء على 66 في المائة من إنتاج الأفيون في البلاد· و''أوريبي'' زعيم ذو شعبية كبيرة؛ إذ حقق هذا المحامي، الذي درس في جامعتي ''هارفرد وأكسفورد''، ما يشبه المعجزات السياسية عبر تفاوضه الناجح مع المجموعات الإجرامية· ونتيجة لذلك، انخفضت الأعمال الإرهابية بـ63 في المائة خلال فترة حكمه؛ وأضحت جميع الطرق الرئيسية في كولومبيا اليوم مفتوحة في وجه المسافرين، وذلك لأول مرة في تاريخ البلاد الحديث· كما ترك ''أوريبي'' بصماته على النظام القضائي كذلك؛ حيث نقل صلاحية النظر في انتهاكات حقوق الإنسان من الجيش إلى المحاكم المدنية، وعين أول شخصية مدنية (وهي امرأة) لرئاسة النظام القضائي العسكري· لقد حققت كولومبيا قفزات كبيرة خلال السنوات الأخيرة؛ غير أنه، ومثلما هو الحال بالنسبة لأي كيان يمر بفترة انتقالية، فإن جذور التقدم السياسي والاقتصادي مازالت ضعيفة· ولذلك، فمن شأن الموافقة على اتفاقية التجارة الحرة أن تمكن كولومبيا من مواصلة مسارها الإيجابي· ولنتأمل فيما يلي ثلاثة أسباب لمدى أهمية وضرورة هذه الاتفاقية: أولا: تعد كولومبيا حليفا مستقلا وديمقراطيا قديما للولايات المتحدة؛ وقيمة العلاقة مع هذا البلد ذي الموقع الاستراتجي لا يمكن التقليل من أهميتها، وإذا كانت أغلبية من الحزبين في الكونجرس قد أيدت تقديم المساعدات لكولومبيا أثناء إدارة بوش والإدارات السابقة، فإن من شأن التخلي عن كولومبيا اليوم أن يعرض أمنها للخطر ويشكل مقدمة لانتكاسة لحقوق الإنسان فيها· ثانيا: في حال لم تمرر الاتفاقية، فإن من شأن ذلك أن يصور ''هيوجو شافيز'' والنظام الفنزويلي باعتباره أفضل نموذج بديل بالنسبة لأميركا اللاتينية، وغني عن البيان أن من شأن خيار من هذا القبيل أن يضعف ديمقراطية كولومبيا الآخذة في التطور· ثالثا: إن من شأن الاتفاقية أن تقلص البطالة في كولومبيا بنسبة 2 في المئة - وهو ما من شأنه أن يبدد التهديدات الممكنة التي يطرحها المقاتلون الذين يتم تفكيكهم· وإذا كان الجوع عدوا أنتج الآلاف من مزارعي المخدرات غير القانونيين، فإن الاتفاقية ستساهم في ضمان توفرهم على عمل منتج وقانوني· إننا نواجه فرصة غير مسبوقة لدعم انتصار حققته سياسة الولايات المتحدة الخارجية ويتعلق بحليف ذي قيمة كبيرة، والواقع أن كولومبيا تتوفر أصلا على امتياز الوصول إلى الأسواق الأميركية بدون تعرفات جمركية، وذلك بفضل موافقة الكونجرس على ''قانون التفضيل التجاري''· ولكن مزايا وفوائد اتفاقية التجارة الحرة المقترحة تكمن في تنصيصها على الانفتاح الاقتصادي، ودور القانون والشفافية، وهما عنصران بالغا الأهمية بالنسبة لنمو واستقرار وأمن كولومبيا على المدى البعيد· لقد عمل ''أوريبي'' بنجاح على محاربة العنف والفقر، حارصا في الوقت نفسه على دعم التنمية الاقتصادية في بلاده· فنجح في تحسين حياة مواطنيه وأمن المنطقة؛ واليوم لدينا التزام استراتيجي وأخلاقي لدعم قيادته الناجحة لأمة في حرب -أمة لا تبعد عن مدينة ميامي الأميركية سوى بثلاث ساعات عبر الطائرة-، لقد انتهت المفاوضات، ووافق البرلمان الكولومبي على هذه الاتفاقية التاريخيـــة· وإذا كان دعـــم كولومبيا واتفاقية التجارة الحرة معها يمثل سياسة خارجية ذكيـــة، فعلى الكونجرس أن يتحرك الآن· باري ماكافري جنرال أميركي متقاعد، وأستاذ الشؤون الدولية بأكاديمية ويست بوينت العسكرية ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©