السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المحاكمـة الطعنـة

25 نوفمبر 2007 23:09
أخيراً حل اليوم الذي يمثل فيه ''بلال حسين'' المصور الصحفي العراقي بوكالة ''أسوشيتد بريس'' أمام المحاكمة، وكان قد اعتقل من قبل القوات الأميركية في مدينة ''الرمادي'' في الثاني عشر من إبريل ،2006 وهي مدينة قلما سلك دروبها الصحفيون الغربيون؛ أما سبب اعتقاله فيعود إلى شكوك لدى القوات الأميركية في أن تكون له صلات مشبوهة بجماعات التمرد هناك· أما الجديد الذي طرأ على قضية هذا الصحفي، فهو ما نشر مؤخراً عن تعديل الجيش الأميركي لاتهامه السابق بالقول إنه ''إرهابي'' في الأصل، وقد تمكن من اختراق ''وكالة أسوشيتد بريس'' التي يعمل فيها· أما من جانبنا نحن، فلا يزال في اعتقادنا أن الجريمة الوحيدة التي ارتكبها بلال هي التقاطه لصور لم ترغب الحكومة الأميركية لشعبها أن يراها؛ الغريب أنه وخلال التسعة عشر شهراً الماضية على اعتقاله، لم توجه إليه أي تهمة، على رغم كثرة واختلاف المزاعم الصادرة بحقه من قبل الجيش الأميركي· فما صدر أي زعم منها وراجعناه من طرفنا إلا وتأكدنا من زيفه وتلفيقه المتعمد من قبل المؤسسة العسكرية· وهاهي المؤسسة نفسها تسعى اليوم إلى تقديمه بتهم جنائية أمام النظام القضائي العراقي؛ ورغم ذلك لم يقل لنا الجيش شيئاً عن تلك الاتهامات، ولا عن الأدلة التي ستقدم ضده لهيئة المحكمة، بل لم يقل لنا حتى عن مجرد تاريخ بدء جلسات السماع للقضية· وحين توجه ''بول جارديف'' محامي ''حسن بلال'' -وممثل الادعاء الفيدرالي السابق-، بمجموعة من الأسئلة والاستفسارات حول قضية ''بلال'' محاولاً الحصول على إجابات عنها، كان نصيبه من ذلك السعي صفراً تقريباً· وفيما يلي نلخص الطريقة التي سار بها الحوار: ؟ متى ستبدأ جلسات الاستماع للقضية؟ آسف لا أستطيع أن أخبرك متى، باستثناء القول إنها ربما تكون في يوم أو بعد 29 نوفمبر الحالي· وطالما أننا نحاول إبداء التعاون معكم، فسوف نخبركم بالموعد المحدد في تمام الساعة السادسة والنصف من صباح يوم انعقاد جلسة الاستماع، إن قدّر لك أن تكون في بغداد حينها· ؟ ما هي الاتهامات المتوقع توجيهها إلى ''بلال''؟ آسف، ليس بوسعي أن أخبرك· فالقاضي العراقي الذي سوف يستمع للأدلة المقدمة ضده، هو الذي سيقرر بشأن الاتهامات هذه· ؟ ما هي الأدلة التي سيبني عليها القاضي اتهاماته المتوقعة؟ آسف ليس بوسعي أن أقول لك· فبحسب نظامنا القضائي العراقي، يمنع الكشف عن أي أدلة قبل رفع الدعوى رسمياً للمحكمة· هكذا يبدو الحوار، وكأنه جزء من قصة بوليسية رديئة: ''اذهب إلى الهاتف العام في تقاطع الشارع الثالث مع شارع جونز في تمام الساعة السادسة والنصف صباحاً، وانتظر هناك لتلقي الأوامر اللاحقة''· والحال هكذا، فكيف لمحامي الدفاع أن يدافع عن موكله؟! إن في هذا الغموض القضائي المتعمد ما يثير السخرية من مبادئ العدل والقضاء وسيادة القانون، وهي المبادئ التي تدعي الولايات المتحدة الأميركية أنها تساعد على تأسيسها في عراق ما بعد الحرب· فقبل عام مضى كان تقديمنا إلى المحاكمة خبراً ساراً بالنسبة لنا، أما اليوم فقد غادر العراق كثير من المسؤولين العسكريين الأميركيين الذين أثاروا الاتهامات والمزاعم بحق ''بلال''· وفي الوقت نفسه فسوف يصعب الحصول على الأدلة والشهود الذين ربما يحتاجهم بلال للدفاع عن نفسه، حتى وإن توفر الوقت لملاحقتهم وإحضارهــم إلى قاعــة المحكمــة· والأهم من ذلــك كلــه أنه لا يزال بلال مواجهاً بخطر خسارته لهذه القضية، حتى وإن كان منتصراً فيها في واقع الأمر؛ لأنه -وكما علمنا- لا يزال في وسع الجيش الأميركي الاستمرار في اعتقاله حتى في حال إخلاء سبيله من قبل المحكمــة العراقية المختصة التي ستنظر في قضيته، متى ما شعر الجيش بأن المتهم لا يزال يشكل خطراً أمنياً مباشراً· وفيما نعلم فإن جذور النظام العدلي العراقي تعود إلى وقت مبكر من فجر الحضارة الإنسانية، ونحن على أتم الثقة في أن يبذل هذا النظام قصارى جهـــده فــــي كشـــف الحقيقـــة في هـــذه القضيـــة الملتبســـة؛ غير أنـــه لا ينتقص من كفاءة هذا النظام العدلي العراقي شيئاً، مجرد الاحتجاج على ما سيحدث لـ''بلال حسين'' خلال الأيام المقبلة· وعلى أية حال، فإن ما يواجهه ''بلال'' ليس سوى حالة واحدة بين حالات كثيرة، تقف شاهداِ على الطريقة التي تعبّر بها حكومة بلادنا عن سعيها لمشاركة قيم الديمقراطية ومبادئها مع الشعب العراقي· توم كيرلي رئيس ومدير تنفيذي لوكالة أسوشيتد بريس ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©