الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

إيكو يبحث في تجربة إنسانية تحتمي بالرموز

إيكو يبحث في تجربة إنسانية تحتمي بالرموز
25 نوفمبر 2007 23:09
صدر عن مشروع ''كلمة'' الذي أطلقته هيئة أبوظبي للثقافة والتراث كتاب ''العلامة·· تحليل المفهوم وتاريخه'' للكاتب المفكر والروائي ''امبرتو ايكو'' ترجمة سعيد بنكراد ومراجعة سعيد الغانمي عن دار المركز الثقافي العربي في بيروت· ''ايكو'' من مواليد 1932 في إيطاليا بدأ باحثاً في الجماليات في الفنون الوسطى كما أنه أبرز منظري المنهج السيميائي المعاصر في مجال السرديات والوقائع اليومية والطقوس وكل النصوص البصرية، كما أنه لمع كروائي قاربت مبيعات كتبه الـ(30 مليون نسخة)، له ''العمل المفتوح Opera Operta 2691 و''البنية الغائبة'' 1968 و''العلامة'' 1973 و''القارئ'' في الحكاية ،1979 و''اسم الوردة'' و''''بندول فوكو'' و''باودولينو''، والثلاثة الأخيرة أعمال روائية معروفة· عالم ثقافي ''العلامة'' عند ايكو ليس تاريخاً للنظريات السيميائية ولا تحليلاً للنهج السيميائي أو استذكاراً للأسماء الكبيرة التي صنعت السيميائية الحديثة، بل هي بحث في تجربة إنسانية في محاولات لاحتماء الإنسان بعالم ثقافي ''رمزي'' حيث بدأ يصنع تراثه السلوكي والذهني باعتبار العلامة اللبنة الأساس في السيرورة المنتجة للدلالات وتداولها· ارتحل الإنسان مع الرموز وأشكالها المتعددة، لذا فإن هناك تاريخاً لهذه المرحلة في رؤاها الدينية والفلسفية· يبقى النفس الراوائي عند ايكو جاذباً للتحليل الفلسفي، فهو ينطلق من الرواية ليؤسس المفهوم الفلسفي عبرها في الخاتمة· لذا تراه في ''العلامة'' يروي قصة مواطن إيطالي ''السيد سيغما'' حيث كان في باريس، فأحس فجأة بألم في معدته فقرر زيارة طبيب، وعبر رحلته في أول خطوة يكتشف الشفرات التي تعينه على فهم ما يحيط به· سيغما هو الإنسان وليس الذات المنفردة إذ لابدّ أن نكتشف علاقاتنا بالبعض لا علاقتي بذاتي فقط··· ثمة نسق صريح أو ضمني هو الذي يحيلني إلى التعرف والتمييز بين الأشياء، إذاً ما هي العلامة؟ إنها بحسب ''ايكو'' هي الاستبدال عندما يستعمل الإنسان شيئاً محل شيء آخر· ذلك ما أسسه المجتمع الذي ارتهن بوجوده تجارة العلامات حيث خلق سننه وعلاماته التي تحمل ضمناً الدلالات· هي إذاً الشكل الرمزي بين الإنسان والأشياء حيث تخلص الأول من هيمنة الطبيعة عبرها، فدخل عالم الثقافة الذي منحه طاقات تعبيرية مضافة· هل الإنسان حيوان رمزي؟ ذلك ما يقوله ''ايكو'' في مناقشته للعلاقات والملابس التي تحتوي فكرة ''الابلاغ'' بعد أن ''صنف'' الموجودات وأطلق الحكم عليها· وعليه يبدو أن صناعة الثقافة انفلات من الطبيعة بإيقاعها المكرر لذا كان لابد أن يخلق الرمز''· التبادل الاجتماعي ''سيغما'' يجد نفسه داخل ''العلامات'' التي هي رموز داخل التبادل الاجتماعي بوصفها سيرورة ابلاغية تستند إلى سنن· في الفصل الأول ''السيرورة السيميائية'' يدرس ''ايكو'' العلامة باعتبارها عنصراً داخل السيرورة التواصلية التي تستخدم من أجل نقل معلومات كما يقرأها باعتبارها عنصراً داخل سيرورة دلالية، لذا فإنه يجد أن ثمة ثلاث نظرات في تصور العلاقة وهي الدلالة والتركيب والتداول، وهو في ذلك لابدّ أن يحيلنا إلى قراءة الوحدة السيميائية الدنيا التي تكتنف العلامة بوصف الكلمات·· علامات· والحروف كذلك وعليه تصبح الأصوات علامات أيضاً· أما تصنيفه للعلامات فيرى ''ايكو'' أن مصدر العلامة شيء من المفترض فهمه عبر فرضيات أدرجها ايكو كشواهد هي في ذاتها سيميائية على مفهومه للعلامة، أما درجة الخصوصية السيميائية أي العلامات التي يستعمل دالها لغايات غير سيميائية فيصنف في ضوئها ''ايكو'' العلامات إلى طبيعية وأخرى اصطناعية· الأولى لا تؤول متسائلاً عن إمكانية تأويل الثانية· أما القصدية ودرجة وعي الباث (المرسل) فقد أدخلها ''ايكو'' بمنطق السالب والموجب عبر مفهوم القصدية الإرادية أو اللاإرادية··· ويستمر ''ايكو'' في دراسة المعايير عبر قراءة نوعية العلاقة المفترضة مع المرجع والسلوك الذي تثيره العلامة عند المتلقي ووظائف الخطاب الذي تندرج ضمنه العلامة· وكل ذلك يأتي هذا الفصل المهم ضمن إطارة قراءة مركبات السيرورة التواصلية التي اكتشفها مهندسو الاتصالات ''المصدر- باث - قناة- إرسالية - مرسل إليه''· العلامة والفكر أما المقاربة البنيوية فإنها تأخذ حيزاً مهماً في كتاب ''العلامة'' إذ يقرأ ''ايكو'' ''اللسان باعتباره سنناً وبنية'' متدرجاً في تناوله هذه الموضوعة منذ بدايات الطروحات المتعلقة بـ''البنية'' عند سوسير 1916 في تعريفه المشهور وتفريقه بين اللسان والكلام·· بوصف الأول سجلاً من القواعد والثاني بوصفه الفعل الفردي الذي تستعمل من خلاله الذات اللسان من أجل التواصل· ولابدّ إذاً أن يقرأ ''ايكو'' الابدال والمركب بوصفهما تمفصلات ثم يتحول ''ايكو'' إلى أنماط الإنتاج السيميائي بقراءة العلامات غير اللسانية أي العلامات الاصطناعية، ليخلص في فصله الخامس والأخير إلى طرح نتائج بحثه المهم هذا حول فكرة الإنسان بوصفه حيواناً رمزياً والطبيعة بوصفها لغة إلهية، واللغة باعتبارها صوتاً للكينونة، ليدخل في العلاقة بين العلامة والفكر والواقع وقوانين العلامة والفكر· في كل تجليات العلامة من حولنا وفي علومنا الفيزيائية والكيميائية والإشاريات والايقونية وفي تجليات الطبيعة وفي رمزية ما اصطنعه الإنسان لدرء هيمنتها·· يقرأ ''ايكو'' شمولية العلامة ودلالاتها في إطار معلوماتي وحفريات معرفية قل نظيرها·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©