الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العائدون إلى العراق... أرقام للاستخدام الحكومي فقط

العائدون إلى العراق... أرقام للاستخدام الحكومي فقط
26 نوفمبر 2007 22:11
في العراق وتحديداً في الشارع المؤدي إلى سوريا، حيث تصطف وكالات الأسفار، تعرف خطوط الهجرة تحولا جذرياً بعدما كفت الباصات وسيارات النقل عن التوجه إلى دمشق؛ بينما زادت وتيرة تلك القادمة عبر الحدود إلى داخل العراق بشكل ملحوظ· ويبدو حسب الأرقام التي توفرها الحكومة العراقية أن اللاجئين العراقيين الذين فروا خارج البلاد بسبب الوضع الأمني المتدهور بدأوا في الرجوع مجددا للاستقرار في مدنهم وأحيائهم· لكن حجم العراقيين العائدين إلى وطنهم والأرقام التي أوردتها السلطات العراقية خضعت لاعتبارات سياسية الهدف منها تحويل المد العكسي للهجرة إلى معيار لقياس التقدم المحرز على المستوى الأمني· فبفعل الضغوط المتنامية على الحكومة العراقية لإظهار نتائــج إيجابيــة لجأت السلطات المختصة إلى الإعلان عن أرقام تبالغ في حركة العودة إلى العراق، وتعكس -حسب البعض- ثقة الحكومة في أن الهدوء الحالي الذي يعرفه الوضع الأمني يمكن استدامته· وفي هذا الإطار أعلن الجنرال ''قاسم الموسوي''، المتحدث العراقي باسم الجهود الأميركية العراقية لتهدئة العراق، أنه ما لا يقل عن 46 ألف عراقي عادوا إلى البلاد في شهر أكتوبر الماضي بفضل ''التحسن الملموس في الحالة الأمنية''· كما صرح في الأسبوع الماضي الوزير العراقي لشؤون الهجرة والنازحين، ''عبد الصمد رحمان سلطان''، أن عدد العراقيين العائدين إلى ديارهم يقدر بحوالي 1600 في اليوم الواحد· غير أن اللقاءات التي أجريت مع مسؤولين عراقيين من الوزارة نفسها كشفت أن الأرقام تشمل جميع العراقيين الذين يعبرون الحدود إلى الداخل، بما فيهم العائدون· وقد عبر عن ذلك ''ستار نورس'' -المتحدث باسم وزارة الهجرة والنازحين- قائلا: ''لم تسأل الوزارة العائدين ما إذا كانوا نازحين، أم مجرد مسافرين''· وهكذا ضمت الأرقام التي وفرتها الحكومة العراقية عن العائدين موظفي ''نيويورك تايمز'' من العراقيين الذين سافروا إلى سوريا لزيارة أقاربهم، لكنهم بالتأكيد ليسوا جزءا من مليوني عراقي أجبروا على مغادرة العراق؛ وشملت الأرقام الحكومية أيضا ثلاثة أشخاص كانوا قد اعتقلوا يوم السبت الماضي بالقرب من ''بعقوبة'' بمحافظة ''ديالا''، حيث اعتبرتهم الشرطة من السكان المحليين الذين فروا إلى سوريا ثم عادوا إلى البلاد· وقد أكد بعض المشرعين العراقيين أن الأرقام التي أوردتها الحكومة بشــأن عدد العائدين العراقيين تنطوي على مبالغة كبيرة، وتم الاستناد إليها لتحقيق أغراض سياسية· وقد أوضح ذلك ''سالم عبدالله'' -برلماني عراقي وعضو في جبهة التوافق العراقية، كبرى الكتل السنية في البلاد- قائلا ''إنهم يوظفون أرقاما كبيرة ليظهروا أن حكومة المالكي تحقق النجاح المطلوب، لكن الأرقام تبقى بعيدة عن الحقيقة، بحيث لا يتجاوز عدد العائدين إلى العراق العشرات يوميا وليس 1600 عراقي''· ويتفق مع هذا الطرح العديد من أصحاب وكالات السفر العراقيين وسائقي الباصات الذين يسافرون بانتظام إلى سوريا، حيث اعتبروا أن الأرقام التي أوردتها الحكومة العراقية لا تعكس الحقيقة· فرغم ارتفاع عدد العائدين من العائلات العراقية بمعدل خمسين عائلة يومياً في شهر أكتوبر الماضي، تراجع هذا الرقم منذ مطلع شهر نوفمبر بشكل ملحوظ· ويعتقد العاملون في وكالات السفر أن العراقيين سيواصلون العودة إلى بغداد قادمين من سوريا والأردن، لكن التدفق الكثيف الذي عرفه شهر أكتوبر لن يتكرر مجدداً؛ ويبدو أن التقرير الذي أصدرته الأمم المتحدة في الأسبوع الماضي حول 110 عائلات عراقية رجعت إلى العراق، يشكك هو الآخر في مزاعم المسؤولين العراقيين من أن اللاجئين يعودون أساساً بسبب تحسن الوضع الأمني وشعورهم بالأمان· فقد كشف التقرير أن 46 بالمائة من العائدين إنما غادروا سوريا لأنه لم يعد بمقدورهم البقاء، كما أن 25 بالمائة منهم أرجعوا سبب عودتهم إلى التشدد في منح التأشيرة من قبل السلطات السورية· أما فيما يتعلق بتحسن الوضع الأمني فإنه فقط 14 بالمائة من العائدين اعتبروه السبب في عودتهم إلى العراق· وتعبيرا عن مدى التردد الذي مازال يساور العديد من العائدين إلى العراق، فإن الكثير منهم يفضل عدم الرجوع إلى منزله والاستقرار في مناطق أخرى؛ وقد أوضحت ''أم دينا'' التي كانت تستعد للنزول من أحد الباصات القادمة من سوريا، أن العديد من أصدقائها يحذرونها من مغبة العودة إلى منزلها بسبب العنف الذي يحيط بالمنطــقة، لذا فهي تفضل الانتقـــال إلى جنوب العراق مع ذويها· ويؤكد هذه المخـــاوف ''رعد الكيهاني''، أحد زعماء القبائل الشيعة البارزة في بغداد، ومؤيد لحكومة المالكي بقوله: إن معظم العائدين إلى العراق يقيدهم العنف الطائفي، مضيفاً أن ''العائلات الشيعيـــة لا تستطيــع الرجـــوع إلى الأحياء السنية، كما أن السنة لا يستطيعون العودة إلى الأحياء الشيعية''· ومن جانبها تلجــأ الحكومة العراقية إلى مجموعة من الحوافز وحملة علاقــات عامة كثيفة لتشجيع الناس على العودة إلى العراق؛ وفي هذا السياق يخطط المسؤولون العراقيون لتسديــــد تذاكر الباصات التي تنقل العراقيين من سوريا إلى العراق، كما قام مجموعــة من المسؤولين العراقيين البارزين بزيـــارة بلدة ''صعــب البور''، إحدى المناطق الخطرة والمهجورة بالقرب من بغداد لإثبات مدى تحسن الوضع الأمني وتدني أعمال العنـف· داميان كايف - بغداد ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©