الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فيديو .. «كفاليا».. قصة علاقة الإنسان بالخيل عبر العصور

فيديو .. «كفاليا».. قصة علاقة الإنسان بالخيل عبر العصور
20 فبراير 2014 09:41
أبوظبي (الاتحاد) - «عليكم بالخيل فإنها حصون الرجال».. هذا ما قالته العرب قديما في مديح الخيل وقد أدركت تماما ما الذي يعنيه حضورها في المجتمع العربي ككل والفرد العربي بحدّ ذاته أيضاً، ولم يكن ما جرى في العرض «كافاليا» بأقل من هذا المديح. كذلك، لم يكن العرض «كفاليا في قصر الحصن» أيضاً مكتملاً، مثلما سيعرض في الثامنة من مساء اليوم، فقط، فإن ما جرى مساء أول أمس أثناء زيارة الإعلاميين لقصر الحصن هو اقتطاع نصف ساعة منه أو يزيد قليلاً، وكان الهدف من ذلك أن يتمكن المصورون من التقاط ما شاؤوا من الصور، لأنه لن تتاح أمامهم فرصة أخرى طيلة أيام العرض المقبلة التي تبدأ أمام الجمهور بدءاً من السبت المقبل وحتى الأول من مارس. بل طلب المعنيون أن لا تُستخدم الفلاشات مخافة أن تجفل الخيل. إنما مع انفتاح المشهد على رجل كأنما هو ساجد في صلاة، ثم اقتراب الخيل منه والتئامها حوله في شبه دائرة في خطى رشيقة ومحسوبة، ينسى المرء المحاذير كلها وتبقى عيناه على تفاصيل المشهد الفاتن أمامه. بدءاً، فإن العرض «كفاليا في قصر الحصن» يحكي قصة العلاقة التي ربطت الإنسان بالخيل، بالمعنى التاريخي للكلمة، أي عبر العصور والأمكنة على اختلافهما، هذه العلاقة التي تميزت بأنها شديدة الحساسية وتركت آثارها على التجربة البشرية ككل، إنما هي تأخذ هنا قَدْراً من الخصوصية بحكم المكان الذي تجري فيه، وتجسد ذلك في أمرين: ارتبط الأول منهما بالبيئة، سواء أكانت حضرية أم صحراوية أم بحرية أم سوى ذلك، وكذلك باللباس الفولكلوري الإماراتي مثلما هو مستخدم يومياً في هذه البيئات. تدخل الأحصنة إلى مقدمة الخشبة من جانبها الأقرب إلى الجمهور، ثم إلى الخلف منها ثمة ما يشبه المصطبة سوف يستخدمها المخرج نورماند لاتوريل لتشييد مستويين للعرض، في حين هناك المشهدية التي تتبدل في الخلف لتوحي بالبيئة الإماراتية، وفقاً لما تفعل الخيل وأصحابها من راقصين وراقصات ومروضي خيل. بهذا المعنى، لم يترك المخرج نورماند لاتوريل، وكذلك مصمم الرقصات آلان غوثيير، لعين المتفرج أن تنزاح ولو قليلاً عن تفاصيل المشهد التي تدور على كامل الخشبة طيلة الوقت، أضف إلى ذلك ما تتركه العناصر الأخرى لعرض مسرحي راقص من أثر في المتفرج: اللون، أي الإضاءة، والموسيقا التي خالطتها الموسيقى العربية في بعض الأحيان، بتقاسيم شرقية سماعية بسيطة وقصيرة الوقت قدمها غالبا الكمان منفرداً. رشاقة وجمال كانت الخيل كلها في ذلك المشهد الافتتاحي بيضاء من ذلك النوع الذي ما إن يراه المرء حتى ينفتح قلبه، بحركاتها الرشيقة واستجاباتها العفوية لإشارات الراقص، خاصة أن أزرق شفيفاً بلون البحر والسماء قد غلّف المشهد بشيء من الغموض، فبدا للناظر أن الخيل تستعرض جمالها الفاتن أمام فارسها. ووفقاً لتنويعات مختلفة سوف يتكرر هذا الإحساس تباعاً في المشاهد اللاحقة التي ما من جامع بينها سوى الخيل ببهائها وألقها وبشعرها الطويل الذي كما لو أنه يمتد حتى الغابات، حتى إن المرء يرغب لو يمدّ يده إلى ذلك الشعر الطويل فيجدله أو يعبث به إن بطريقة أو بأخرى، من شدة ما في هذه الخيل من إغواء تبثه جماليات خاصة. ما أبهاها تلك الخيل، واقفةً على الخشبة في لحظة سكون تدوم لثوان ثم تندفع بكل ما فيها من قوة وجمال، خارجة إلى الكواليس لتعود من هناك فتؤدي دوراً آخر مختلفا تماما وبحساسية مختلفة إلى حدّ أنها – أي الخيل في العرض ليست أقلّ أهمية من أي من الفرسان أو الراقصين، بل هي أيضاً ما يمنح العرض مبرره الفني المطلق، إذ هي في هذا العرض الذي بلا كلام تقول بأجسادها ما لا يمكن لأي إنسان أن يقوله بجسده. الفرجة الفاتنة المشهد الآخر الأخاذ حقاً، هو ذلك المشهد الذي يدخل الماء أو البحر بوصفه عنصراً من عناصر العرض. يشعر المرء بالخيل وكأنها حرّة تماما، ليس بسبب حركتها في المشهد وعلاقة أجسادها بالأجساد الأخرى سواء أكانت خيلا أم بشرا فحسب، بل ذلك القَدْر الكبير من الحرية الداخلية الذي تمارسه الخيل على الخشبة حتى لكأنها تعرف ما تفعل، وتدرك تماما أثر جمالياتها الخاص على متفرج عربي حتى لو لم يكن يوما قد ركب الخيل. يلحظ المرء أيضاً ذلك التوازن الدقيق في كل حركة لدى الخيل، خاصة في ما يتصل بتلك اللحظات عندما تبدأ بأخذ أوضاع مختلفة تجاه بعضها البعض، لتعرض في لحظات تشكيلاً غير متوقع على الخشبة سرعان ما ينتزع تصفيقاً يملأ قاعة العرض المسرحي. أمام هذه الجماليات، لم يعد للحكاية الأم من معنى، تقريباً إذ ينساها المرء بإزاء فتنة المشهد، خاصة عندما تبدأ الخيل بالرقص. إنها بإرادتها الحرة تترك للموسيقى أن تؤثر فيها إلى هذا الحدّ أو بقدر ما يتطلبه الموقف الدرامي ذاته، ربما يعني ذلك أن أثر الموسيقى في الخيل تجاوز الجسد الحرّ والمرئي إلى ذلك الوجدان العميق للخيل حيث لا يستطيع أحد الحديث عنه أو التكهن به. على هذا النحو، ربما لا مبالغة في القول بأن الخيل هي فكرة العرض وجوهره الأصيل مثلما أنها أيضاً المعنى. ربما بسبب ذلك النقصان في الحكاية، واجتزاء مشاهد بعينها من «كافاليا.. في قصر الحصن» بدا أن العرض هو استعراضي فقط، أي أقرب في مضمونه إلى السيرك وفنون الإكروبات، التي تتكئ بالدرجة الأولى على القوة الجسدية للخيل وذكائها الخاص، ثم على الراقص ومدى رشاقته وقدراته على استعراض مهارات توقف القلب أحيانا من شدة ما هي خطيرة. صحيح أن ذلك لا يخلو من جماليات، غير أن ما يصبو إليه العرض مكتملا هو تقديم عرض درامي راقص عن علاقة تربط الإنسان بالخيل، منذ أن كانت وحشية برّية على مبعدة من أي مجتمع ثم ذلك التقارب الذي حدث بين كائنين مختلفين، لم تكن كلها إيجابية مثلما أن فيها من الفعل الدرامي ما يجعلها أنبل ما فعل البشر لكائن سوى البشر، وأوفى ما فعلت الخيل لكائن آخر، إلى حدّ أنها دخلت إلى بيته وعائلته وصارت علامة على المكان وأصالته.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©