الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ظاهرة المستقلين: جديد الانتخابات الهندية

ظاهرة المستقلين: جديد الانتخابات الهندية
2 مايو 2009 00:49
بنظارتها المرفوعة على شعرها، تجوب ''منى شاه''، طبيبة العيون التي تحولت إلى سياسية، أزقة وحواري الأحياء الفقيرة في مدنية مومباي، وهي ترفع مكبر الصوت وتشق طريقها بين السكان الذين خرجوا من أكواخهم المترعة بالشقاء ليستمعوا إلى ما تقوله السياسية الجديدة، ومن بين هؤلاء ''سونيتا تشالدوادي''، وهي أم لأربعة أطفال أطلت من نافذة بيتها المكون من غرفة واحدة مستطلعة الأمر• وأثناء حملتها الانتخابية، كانت ''منى شاه'' تنادي بأعلى صوتها عبر مكبر الصوت: ''ألم تسأموا الوجوه القديمة التي تكرر نفسها في الانتخابات الهندية؟ ألم تملوا من الخيارات القديمة نفسها بين المجرمين واللصوص؟''، فتحلق حولها العشرات من أصحاب المهن البسيطة، مثل العمال والخدم وغيرهم يصغون إلى خطاب لم يعهدوه من قبل• وتشكل مشاركة مواطنين عاديين مثل ''منى شاه'' في الانتخابات الهندية التي تمتد على مدى شهر كامل وتنتقل من ولاية إلى أخرى، ليصل دور سكان مومباي في الاقتراع يوم الخميس المقبل تغييراً جوهرياً في بلد يتوق إلى التغيير، حيث يمثل الانتشار الملحوظ للمرشحين المستقلين وظهور عشرات الأحزاب الجديدة في السباق الانتخابي، حراكاً جديداً تسعى من خلاله النخب المدنية وأعضاؤها من المصرفيين ورجال الأعمال ورموز المجتمع، إلى العمل السياسي في بلد تظل فيه السلطة موزعة على الأسر السياسية العريقة• ويرجع هذا الانخراط الجديد من جانب الطبقة الوسطى في الانتخابات إلى الهجمات الإرهابية التي ضربت مومباي في شهر نوفمبر الماضي ودفعت شريحة واسعة من الشباب والنخب الحضرية إلى تغيير مواقفها السابقة المنغلقة على نفسها والبعيدة عن السياسية، فمباشرة بعد الهجمات ساعد نجوم بوليوود على تسجيل 50 ألف شخص في اللوائح الانتخابية بالمنطقة الجنوبية لمومباي التي يقطنها الأغنياء، كما شجعت الهجمات العديد من المهنيين على دخول الحلبة السياسية، حيث يواجه خمس إجمالي المرشحين، والبالغ عددهم ،5500 تهماً بارتكاب جرائم• ولا شك أن مومباي كانت أكثر ولاية هندية تأثرت بتداعيات الهجمات التي دامت ثلاثة أيام وخلفت 170 قتيلا، لتطلق غضب الرأي العام تجاه قادة الحزبين الرئيسيين في الهند، وهما حزب ''المؤتمر الوطني'' وحزب ''بهاراتيا جاناتا''، بعدما حُملا مسؤولية الإخفاق في التعامل مع الهجمات وحماية المواطنين، والنتيجة تنافس 19 مرشحاً على المقعد المخصص لجنوب مومباي في البرلمان الهندي، وهو ضعف عدد المرشحين في الانتخابات السابقة• وعن هذا الموضوع، تقول ''شاه'' رئيسة حزب ''المهنيين'' الذي تشكل حديثاً، إن ''هجمات مومباي كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، فلفترة طويلة كنت لا أهتم بالسياسية وأعيش حياتي دون مشاكل، لكن اليوم أُريد أن أعيد الثقة إلى المواطنين الهنود وأنا مستعدة من أجل ذلك للتضحية بمشواري المهني''• ولم تتأخر انعكاسات الهجمات الإرهابية التي شهدتها مومباي في التبلور على أرض الواقع، حيث سارع حزب المؤتمر الذي يقود الائتلاف الحاكم إلى تغيير قيادته في المدينة، فاستقال وزير الداخلية، ثم تبعه الوزير الأول لولاية ماهرشترا التي تعتبر مومباي عاصمة لها• وسعياً منه للاستفادة من الأجواء التي خلفتها الهجمات، قام حزب بهاراتيا جاناتا المعارض، خلال حملته الانتخابية، بتعليق ملصقات تظهر أطفال المدراس يحملون حقائبهم وإلى جانبهم عبارة تقول: ''هل نحن في أمان؟''• لكن في ظل استبعاد حصول الحزبين الرئيسيين على أغلبية مقاعد البرلمان الهندي البالغ عددها 543 مقعداً، يرجح المراقبون أن يضطرا إلى الدخول في تحالفات مع الأحزاب الصغيرة والمرشحين المستقلين بعد إعلان النتائج منتصف شهر مايو المقبل• ويتوقع المحللون أن المشاركة الكثيفة للمستقلين في الانتخابات الحالية قد تدفعهم إلى تشكيل طرف ثالث في الحكومة إذا ما تمكنوا من الحصول على عدد أكبر من المقاعد البرلمانية• وفي هذا السياق يقول ''جوليون فرانسيس روبيرو''، قائد الشرطة السابق في مومباي، إن بروز مرشحين مستقلين وأحزاب جديدة ''يشكل تعبيراً حقيقياً عن الديمقراطية، لاسيما في جنوب مومباي؛ لأنها تشير إلى مدى استياء المواطنين من الحزبين الكبيرين''• ومع ذلك، تشير استطلاعات الرأي إلى أن الناخبين لم يحسموا بعد خياراتهم، خاصة في الشوارع المزدحمة لمومباي التي شهدت الهجمات• ويعبر عن هذا الوضع ''بير باشا شيخ'' الذي قُتل أخوه أثناء الهجمات بقوله: ''لقد فقدت الأمل، لذا لن أصوت، فلست متأكداً من أن النظام ما زال قادراً على حل مشاكل الناس''• وفي المنطقة التي ترشحت فيها ''منى شاه'' بجنوب مومباي، تقول ''ميليند ديورا''، منافستها من حزب المؤتمر الوطني: ''في البداية اعتقدت أن مشاركة المرشحين المستقلين والأحزاب الجديدة شيء مؤقت، لكني اليوم أخشى أن يؤدي ذلك إلى تشتت أصوات الناخبين، مما سيفيد الأحزاب اليمينية''• لكن هذه المخاوف لم تمنع حزب شاه من توضيح موقفه بصورة صريحة ومباشرة في بيانه التأسيسي المنشور على موقعه الإلكتروني، والذي هاجم فيه على نحو عنيف وقاس الطبقة السياسية في الهند قائلا: ''لقد انتشوا بالسلطة وأعمتهم طبقات من المتملقين المنكفئين داخل غلالة من البذخ ليتحولوا إلى مجموعة من المستبدين المنغلقين على ذواتهم''• وواصل البيان منتقداً الطبقة السياسية متهماً إياها بـ''إضفاء أهمية لا دستورية على نفسها، يرافقها الغطاء الأمني القبيح وغير المبرر، مكملة الصورة التي تسعى إلى إسباغ الشرعية على حالة الانعزال التام عن هموم المواطن الهندي العادي''• إيميلي واكس - مومباي ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©