الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أيها المبدعون العرب: هل أنتم مجانين؟

أيها المبدعون العرب: هل أنتم مجانين؟
28 نوفمبر 2007 21:13
هل أنت مجنون؟ تسأل أحدهم، فيرد لك الصاع اثنين، على اعتبار أن مضمون السؤال هو اتهام بعدم السوية النفسية والعقلية والسلوكية· لكن إن وجهت السؤال نفسه إلى أي فنان منتسب إلى واحد من الفنون السبعة فماذا تكون النتيجة؟ وجهنا السؤال إلى عدد كبير من المثقفين والفنانين، ليس من قبيل الاستفزاز ولكن محاولة لتلمس الخيط الواصل بين الإبداع والجنون· فهناك شعرة رفيعة تفصل بين العبقرية والجنون: نيتشه عاش آخر عشر سنوات من حياته مجنوناً· هولدرلين الشاعر الكبير قضى نصف عمره مجنوناً· سلفادور دالي هناك تماه في شخصيته بين المجنون والمعافى· بالنسبة إلى المبدعين العرب: إذا كانوا قد نجوا من لوثة الجنون الكامنة في العملية الابداعية·· فهل يستطيعون السيطرة على بواعث الجنون المحيطة بهم في السياسة والاقتصاد والثقافة و··؟ هذا هو السؤال الذي يستحق الإجابة· القاهرة ـ حمدي أبوجليل صنعاء ـ علي المقري بيروت ـ رولا عبدالله الشارقة ـ ابراهيم الملا الكويت ـ د· الياس البراج أصلان: رؤية مغايرة يقول الروائي المصري إبراهيم أصلان: أنا طول الوقت أحس بأنني مجنون، بمعنى طبيعة رؤيتي للأشياء وإحساسي بأنها مغايرة ما تعارف عليه الناس مما يجعلني في حالة من عدم الاتزان أشبه بالجنون، فالمعروف أن الناس يكتسبون توازنهم النفسي من خلال اتفاقهم مع الآخرين المحيطين بهم حول أشياء بعينها، بمعنى أننا، أنا وأنت، عندما نرى معا ''أوتوبيسا'' وأقول أنا انه ''اوتوبيس'' وتقول أنت انه مركب لابد أن يحدث خلل لأي منا· الفنان، المبدع، بكافة اشكاله وأنواعه، طوال الوقت يرى الاشياء بطريقة مغايرة، وربما هذا بالذات ما يدفعه للابداع، خلق عوالم مغايرة تعبر عن رؤيته وفي نفس الوقت تلتقي مع عوالم الناس وتكسبه التوازن المفقود، بمعنى ان الفنان في حالته العادية متوحد ومنعزل ومستغرب، ولا يلتقي بالناس إلا في العمل الفني· شلبي: الفنون جنون ويعتبر الكاتب خيري شلبي أن الفنون والكتابة تحديدا هي الجنون بعينه، والمثل الشعبي الذي يقول ''الفنون جنون'' حقيقي جدا، والجنون هنا بمعنى الخروج على المألوف من المنطق والتقاليد والأعراف، الفن عملية خروج متواصلة ولكن في أشكال يقبلها العقل، لذلك يمكن القول ان الفن جنون يكرس العقل· ذكري: تحت السيطرة ويقول الكاتب مصطفى ذكري إن العملية الابداعية جنون من نوع خاص، بدليل أن هناك مجانين لا ينتجون، والابداع يتبع الجنون في منطقة أخرى، يمكنك أن تعتبرها جنونا تحت السيطرة، جنون من يبحث عن علاج لجنونه وعادة ما يجده في قصة أو قصيدة أو لوحة، مثلا نيتشه في الفترة الأخيرة من حياته كان يبحث عن حل لجنونه، بل كان يعبر عن جنونه، ورغم ذلك أنتج أهم كتبه على الاطلاق وهو ''هذا هو الانسان''، رغم أن جنونه كان أقرب للمرض وكان لا ينام ويعاني الصرع والبرانويا والاحساس بالعظمة والاضطهاد· أبورية: المجنون حر ويقول الكاتب يوسف أبورية: شغلتني شخصية المجنون منذ صغري، وكنت أتمنى أن أعيش حريته، ولدي شعور بأن المجنون ينطوي على فيلسوف ما، شكل المجنون نفسه يشبه شكل فلاسفة اليونان مثل سقراط ويوجين وغيرهما، ثم إن المجنون شديد القرب من الكتابة والتفكير بشكل عام، فضلا عن أن حياة المجنون تكاد تتطابق مع حياة الفنان في عدم الثبات والعيش بحرية والضرب في المستحيلات، وما أصدق فوكو حينما قال ''وما الجنون إلا رؤية جديدة للعالم''· علي: نصف نصف وفي رأي إدريس علي: أي فنان هو نصف عاقل ونصف مجنون، وأبلغ دليل على جنونه انتاجه الفني، فالشخص السوي لا يكتب ولا ينتج فنا، وان أنتج فكتاباته باهتة ومحدودة القيمة لانها مقيدة بما يؤمن به من أعراف وتقاليد، فالفنان الحقيقي يحلق خارج التابوهات والتقاليد، وهو شديد الاختلاف، يمكنك أن تقول انه ليس شيطانا ولا ملاكا وانما هو صاحب رؤية مختلفة عن الشكل العادي· البساطي: بلا قواعد أما الروائي محمد البساطي فيرى أن الكاتب على حافة الجنون أو بينه وبين الجنون شعرة، وما يفعله اثناء الكتابة لا يختلف عن الجنون فهو ينعزل في عالم يخصه وحده ويدير حوارا وحياة كاملة مع أشخاص من الوهم، وبمجرد انجذابك لمشهد رأيت فيه وهج الكتابة والحياة تنفصل نهائيا عن العالم المحيط بك وتدخل عالما آخر لا تحكمه أي قواعد أو اعراف وتقاليد مثل عالم المجانين بالضبط· عيسى: الاضطهاد والاكتئاب ويقول الكاتب صلاح عيسى: لحسن الحظ قابلت فنانين عظاما كانوا ملووثين أو مجانين بشكل ما، وأولهم صديقي الكاتب العبقري يحيى الطاهر عبد الله الذي كنت اعتبره قصة مجنونة، وكنت أستمتع به كصديق وككاتب بسبب ''لطشة'' الجنون الظاهرة عليه، وهو مبدع موهوب، كان اهم ابناء جيله على الاطلاق، وكان يحفظ قصصه عن ظهر قلب وكان طوال الوقت يقلد أبطالها، وقصصه نفسها تمثل حالات من الجنون، وكان مصابا بعقدة الاضطهاد، وكان يتوهم طوال الوقت ان المخابرات الاميركية تطارده بالعملاء والجواسيس والطائرات والاقمار الصناعية عقابا له على قصصه المعادية لأميركا· المحمود: تجاوز الواقع ويرى السينمائي الإماراتي خالد المحمود أن العلاقة بين الإبداع والجنون وما يوازيهما من جنون سياسي وثقافي واقتصادي عام يتمثل في كون الجنون تسريبا لما هو متجاوز للواقع، بينما الإبداع هو خلق لواقع جديد ومبتكر· وما يدفع بعض المبدعين للجنون، هو غالبا البحث عن الأمور غير المألوفة، هذا البحث يغوي المبدع نحو طرق لم تسلك من قبل، وترمي به لحياة وسلوكيات غريبة، وتملأ عقل المبدع بالأفكار المكثفة غير الملموسة لإيجاد معنى لها في عالم غير واقعي· الخميسي: الواقع والوهم ويشير الكاتب أحمد الخميسي إلى أن هناك من المبدعين من وصف جنونه في اعماله الادبية مثل ''تشيكوف'' الذي كتب قصة تصور جنونه، وهذا يكفي لإثبات العلاقة الوطيدة بين الجنون والأدب والفنون عموما، فالجنون يعني ان الواحد يعتقد أن الكتابة في أحد معانيها هي حالة تخطي الواقع الى الاوهام، وجنون الكاتب يعتبر الخط الفاصل بين الحقيقة والوهم، واذا انقطع هذا الخيط اصبح مجنونا عاديا مثل كثيرين من نزلاء المستشفيات النفسية· سالم: صلة ظاهرية ويعتبر الممثل والمخرج المسرحي الإماراتي إبراهيم سالم أن الارتباط بين الإبداع والجنون، يعود للأحكام الظاهرية السائدة، التي تصنف الشذوذ السلوكي للمبدع، وتراه نوعا من الجنون والتأزم النفسي، بينما الجنون هو في الأصل فقدان تام للعقل، ولا يمكن للعمل الفني أن يتحقق في هذه اللحظة الفالتة والغائبة عن العقل، قد يعاني المبدع من الوساوس والفوبيا والبارانويا والاحتفاء بالذات، ولكنه لا يتكئ على الجنون الكامل كمنصة للقفز نحو الإبداع، والا المنتج الفني إلى منتج هلامي ووهمي لا يخضع لأحكام النقد والتذوق الفني، والأمثلة هنا واضحة إذا ذكرنا سلفادور دالي، وأوسكار وايلد، وبرنارد شو، وآرثر رامبو· يوسف: رابط خفي ويرى الفنان التشكيلي محمد يوسف أن الرابط الخفي موجود بين الإبداع والجنون، ولكن المجنون الحقيقي هو صاحب أفكار عشوائية ومختلطة، وفي حين أن المجنون المبدع يذهب باتجاه خلق علاقات جمالية بين العناصر المتنافرة، ففي الحالة الأولى نرى فعل تشتيت، بينما في الثانية هو فعل تجميع، والتشتيت يعني الهدم والفوضى، بينما التجميع يعني البناء والتركيب وتكوين منتج إبداعي متأثر بحالات المبدع، ومؤثر في ذوق المتلقي· العامري: مجنون المسرح أما الممثل والمخرج المسرحي محمد العامري الذي يلقبه الفنانون في الإمارات بمجنون المسرح، فيرى أن الخروج عن نطاق وقوانين العقل السائد، لا يعني أن المبدع ممثل دائم للجنون، ولكنه الجنون المخلص للحظة الإبداعية، ويقع المبدع جراء ذلك في منطقة ملتبسة بإزاء الأفكار المتوارثة، يعيش المبدع هذه اللحظة المتقدمة والمتجاوزة، ولذلك تراه متهما في عقله وحواسه وتعابيره، رغم أنه يعبر عن دواخله بعمق وبانتماء فائض بالفن والتخيل والابتكار· سروري: كنز ونعمة وفي رأي الروائي اليمني حبيب عبد الرب سروري أننا لا نحتاج ''للسيطرة على بواعث الجنون المحيطة بنا في السياسة والثقافة والاقتصاد''·· نحن نحتاج أن نتعلم كيف نستثمرها إبداعيا ونرتفع إلى مستواها· هي كنز ونعمة قلما يحظى بها مبدعون في واقع ثقافي آخر، غير أننا بعيدون كل البعد عن الارتقاء إلى مستواها· ربما لهيمنة روح الخوف في الغالب (الخائف لا يفكّر أو يبدع)· في كل الأحوال، نحن كمبدعين عرب بحاجة ماسة إلى قسط كبير من الجنون، لاسيما وأن ''العاقل'' في ثقافتنا العربية ''عقيل'' في الأساس، أسير في الجوهر (كم هو رمزي ومثير أن يكون لكلمتي ''عاقل'' و''عقيل'' في اللغة العربية جذور ايتيمولوجية مشتركة· أن ''تَعقُل'' (بضمِّ القاف) في حياتنا الاجتماعية يعني في الغالب أن تحني رأسك وتستسلم)· السلامي: الاستسلام للواقع ويعتبر الشاعر اليمني أحمد السلامي أن المبدعين العرب لا يعيشون حالة انهماك بالعملية الإبداعية، ولا تسمح لهم ظروفهم الاقتصادية بالتفرغ للإبداع والتأمل، وهذا يمكنهم من التعايش مع كل بواعث الجنون المحيطة بهم، فمعظمهم يرتبطون بالراهن السياسي والاجتماعي، وعلاقة الأغلبية منهم بالسلطات السياسية جيدة، كما أن أوضاعهم الاقتصادية السيئة تجعلهم أيضا في حالة وئام مع المجتمع بكل ما فيه من غرائبية وفقر ومآس· بمعنى أن الجنون بحاجة للاختلاف مع الواقع ورفضه، في حين أن النخبة العربية المثقفة مرتبطة بالواقع ومستسلمة لشروطه، وهذا يحميها من الجنون، بل ويجعلها مساهمة في ازدياد عدد المرضى النفسيين من عامة الناس البسطاء· العريقي: مجتمع مريض وتقول الشاعرة اليمنية سوسن العريقي إن منظومة الحياة المحيطة بنا لم تعد تستند إلى أي منطق، فالجنون قد تمكن من خلخلة مفاصلها، وكل المؤشرات تدل على أن المجتمع أصبح لا إنسانيا مريضاً· لذلك سيظل الإبداع هو نقطة الضوء الوحيدة التي تجعلنا نعيش في صراع داخلي متأرجح بين الوعي واللاوعي لإحساسنا العميق بأن الإنسان ''لا يساوي إلاّ ما يساويه أمام نفسه''· وأمام هذه المكابدات الإنسانية لا نستطيع أن نعيش بمعزل عما يدور حولنا من أحداث تؤجج فينا نار الهزيمة وتغرينا بالانسحاب إلى الداخل فنقاوم بالكتابة ونصرخ بالكتابة ونتداعى كلون يعود إلى البياض· عندها يصبح جل حلمنا هو محاولة الفصل بين ذاتنا الداخلية، وما يجب أن نكون عليه من الخارج· اللوزي: مجانين ولكن ويعتبر الشاعر اليمني محمد محمد اللوزي أن الجنون الحقيقي هو غالبا ما يكون مع المبدعين الذين يميلون إلى الفن والأدب وهذا شيء ملموس في سلوكهم وتصرفاتهم يستطيع الشخص العادي أن يلمسه· على سبيل المثال في مجتمعنا اليمني هناك أدباء كثيرون على الحافة وهم قريبون من الجنون في تعاملهم مع الناس وفي كتاباتهم، ولا داعي لذكر أسمائهم لأنهم سيتحسسون من ذلك، بل وسينعتونني أنا بالجنون وليس هم، لأنهم يعتقدون أنهم متزنون لكن الحقيقة هي العكس وأبناؤهم وإخوانهم يلاحظون ذلك· عثمان: الصمت أولاً ويتناول القاص اليمني محمد أحمد عثمان الموضوع من جانب آخر فيقول: ما سأقوله الآن، عبارة عن إعادة تركيب لمقترح، يستميلني كثيرا، حول العلاقة بين الإبداع والجنون· القرينة التي ينبني عليها الطرح تتمثل في الموقف من اللغة: المبدع والمجنون، لديهما نفس الموقف من اللغة· اللغة الإنسانية مشحونة دوما بدلالات سابقة على وجود الفرد وتفوق قدرته على تغيرها· من جهة أخرى هي أداة تواصل واستطرادا أداة تدجين اجتماعي مشفوعة ممارستها بالعنف على الدوام· من هنا فإن المبدع والمجنون، في حنينهما إلى الحرية، ممسوسان بالنفور من اللغة· في سعيه إلى الانفلات منها يذهب المجنون إلى الانسلاخ كلية والتردي في مهاوي الصمت وفي أحسن الأحوال الاكتفاء من اللغة بفتافيتها وكسورها الصغيرة، فيما يركن الفنان إلى موقف وسط· يعقد صفقة غير مكتوبة· فهو من جهة يبدي موقف الامتثال للغة المتداولة مقابل التمتع بحيز من الحرية في إعادة صياغتها بحيث يخليها من الدلالات والاستعمالات البالية والمستهلكة· حداد: مختلفة حتى الإختلال وتقول الشاعرة اللبنانية جمانة حداد: لا أعرف إذا كنتُ مجنونة بالمعنى ''الطبي'' البحت· ولكن ما أعرفه يقيناً هو أني لست إنسانة عادية· إنني مختلفة· (وأنا هنا لا أقصد الاختلاف بمعناه الأدبي الجدير بالمدح والإشادة، بل الاختلاف بمعناه العلمي، أي كل ما يشكل نقيض النموذج القياسي المتعارف عليه)· حتى أنني أحياناً أنظر من حولي باستغراب وأتساءل: ''ما الذي أفعله هنا؟''· لا، لست عادية بالتأكيد· ولا نموذجية خصوصاً· الصحيح أنني مختلفة· والأصح، أني ''مختلّة''· ويهمني أن أوضح أنني لا أستخدم كلمة ''مختلة'' كاستعارة رومنطيقية، ولا كمرادف لخفة الدم، ولا خصوصاً كبرهان على ذلك الكليشيه البائد الذي ارتبط بالفنانين والكتّاب عموماً، ومفاده أنهم جميعاً ''مخبولون'' و''معتوهون''· لا بل إنني استخدم الاختلال كصفة تلازم طبيعتي الإنسانية، لأنها، في اعتقادي، من جوهرها· أنا إنسانة، يعني أنا ''مختلّة''· أنا صاحبة مخيّلة، يعني أنا ''مجنونة''· وكل ما يخرج على هذه المعادلة الرياضية المنطقية يصبّ، في رأيي، في خانة ''الشذوذ''· جبارة: الإبداع وجع ويشير الكاتب المسرحي اللبناني ريمون جبارة إلى ان الابداع وجع كما هو حال الجنون· يحضرني هنا قول للفيلسوف سنيكا يسأل فيه: أليس هناك عبقرية خالصة بلا مس من الجنون؟· الاجابة برأيي: طبعا يلزم أن يكون المبدع مجنوناً وأن تكون ''طينته'' معجونة بالغرابة· أما الجنون الذي أعنيه فذاك البناء الذي يقدم مغامرات ويحدث في النفس عذابات مثمرة· في أيامنا هذه، ثمة مبدعون، لكن فريقا ملحوظاً منهم طرق أبواب التجارة فاختلط العطاء بالاستعطاء· باتت الساحة تشبه موزاييكاً فيه المواصفات كلها: الجنون، الابداع، التجارة، السياسة، الاقتصاد والمجتمع· وفي المحصلة بعد عملية غربلة صادقة يظهر أن المبدع الحقيقي هو ذلك القادر على انقاذ بلده لجهة عدم تورطه بخوض حروب تنتفي معانيها والدعوة اليها· الشطي: زينة الإبداع ويصر المخرج المسرحي الكويتي الفنان فؤاد الشطي على أن قمة الإبداع تتمثل في حالة حضور الوعي (العقل) وإشغاله والاشتغال عليه ''وهذا ما يفرق بين الإبداع الحقيقي والمؤصَّل وبين الإبداع (مجازاً) السطحي، فما من عمل إبداعي إلا وكان نتاج وعي كبير''· ولا ينفي الشطي في المقابل أن ''يحلو لبعض المبدعين تمثل حالة الجنون لتبرير بعض سلوكياتهم غير المألوفة أو غير الاعتيادية'' معتبراً أن مقولة: ''لكي تكون مبدعاً يجب بالضرورة أن تكون مجنوناً'' لعلها قيلت من باب المجاز والافتراض· آرتي: المهارة ليست جنوناً ويشير الفنان التشكيلي الكويتي ورسام الكاريكاتور عبد العزيز آرتي إلى أن الفنان يتمتع عادة بطقوس خاصة به كأي إنسان آخر، ولكن ربما تنحو هذه الطقوس في اتجاه غير مألوف فيطلق عليه البعض الجنون· وهذا الجنون ليس إلا تعبيراً عن قدرات الفنان الإبداعية غير المتوقعة لدى الناس العاديين، وهي قدرات تقوم على الموهبة بالدرجة الأولى وعلى الخيال والذكاء، بالإضافة إلى مهارة الفنان في التعبير عنها من خلال أدواته الفنية ليصبَّها في عمل إبداعي·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©