هدى جاسم، وكالات (بغداد) ــ شاب الغموض الوضع في مدينة سليمان بيك بمحافظة صلاح الدين العراقية، أمس، وتضاربت الأنباء والتصريحات حيث نفى «المجلس العسكري لثوار العشائر» إعلان قادة بالجيش العراقي استعادة السيطرة على المدينة، وقال إن المدينة تحت سيطرة مسلحي العشائر بشكل كامل، مؤكدا أن مقتل 7 مدنيين وجرح 18 آخرين بسبب قصف الجيش للمدينة ونزوح ألفي أسرة، ومقتل 19 جنديا وجرح 25 آخرين من قوات الجيش والقوات الحكومية في الاشتباكات. واستمرت المعارك في محافظة الأنبار التي أعلنت عشائرها تحقيق تقدم في السيطرة على مدنها، وسط صمت القوات الحكومية التي لاذت بتصريحات رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي، والذي حاول نقل المشهد إلى تخصيصات الإعمار التي أعلنها بحدود مليار دولار للأنبار بعد القصف الشديد على مدنها. بينما أسفرت أعمال العنف في مدن العراق الأخرى عن مقتل 16 شخصا وإصابة 37 آخرين.
ونقلت قناة الجزيرة الفضائية عن القيادي في «المجلس العسكري لثوار العشائر» الشيخ عصام مجهد الهيازعي القول إن «المدينة أصبحت اليوم تحت حكم أبنائها، والمسلحين يسيطرون الآن على أحيائها والحقول الزراعية المحيطة بها»، مشيرا إلى أن هذه السيطرة جاءت بعد معارك كبدت الجيش 19 قتيلا و25 جريحا.
وأشار الهيازعي إلى أن «الجيش يستخدم نفس أسلوبه في الفلوجة بالقصف المدفعي على سليمان بيك، مما أدى إلى مقتل 7 مدنيين بينهم طفل وسيدة كما أصيب 18 آخرون، غالبيتهم كانوا في بيوتهم لحظة سقوط القذائف إلى جانب تشريد نحو ألفي أسرة تركت منازلها بسبب القصف».
وفي المقابل قال عضو ائتلاف دولة القانون خالد الأسدي إن من وصفهم بالإرهابيين اختاروا مدينة سليمان بيك كونها منطقة قريبة من تواجد المجاميع المسلحة، خاصة أنها منطقة تعد جبلية ومفتوحة وبعيدة نسبيا عن مناطق الحمايات الأمنية، ونجحوا في بعض التحركات، لكن تم إحباطها والآن سليمان بيك تخضع لسيطرة القوات العراقية.
أما مدير ناحية سليمان بيك طالب محمد فأعلن «تحول سليمان بيك إلى فلوجة ثانية»، وقال إن «قوات الجيش انسحبت من المدينة بعد تعرضها لنيران كثيفة من قناصة يعتلون سطوح المباني العالية»، مؤكدا وجود اشتباكات بين الحين والآخر بين الجيش والمسلحين الذين يتحصنون داخل المدينة.
وأضاف أن الوضع داخل المدينة حاليا يشوبه غموض كبير، وأن المدارس والدوائر الحكومية فيها أغلقت، وهناك موجة نزوح مستمرة من المدينة. والأنباء التي ترد متضاربة كون المدينة شبه خالية من السكان بعد نزوح 2200 عائلة منها بعد سيطرة المسلحين عليها.
وتوفي مدير شرطة سليمان بيك واثنان من عناصر الشرطة بعد قصف استهدف مركز شرطة الناحية. وشنت قوات عراقية مدعومة بغطاء جوي هجمات مضادة لاستعادة السيطرة على المدينة. وتحدثت مصادر أمنية عراقية عن وصول قوات إضافية مزودة بأسلحة مختلفة من بغداد باتجاه سليمان بيك للبدء بعملية اقتحام هي الثالثة من نوعها في غضون أيام لطرد مسلحين تقول إنهم من تنظيم (داعش).
وشهدت صلاح الدين إلى ذلك مقتل 3 أشخاص وإصابة 20 بانفجار سيارة مفخخة قرب مقهى شعبي وسط قضاء الدجيل جنوب تكريت. وغالبية الضحايا شباب كانوا مجتمعين داخل مقهى لمشاهدة مباراة كرة قدم. وقتل مدير شرطة منطقة ألبوعجيل برصاص مسلحين وهو يقود سيارته، فيما قتل أحد عناصر الصحوات وأصيب اثنان آخران برصاص مسلحين في سامراء. وأسفر انفجار عبوة ناسفة على موكب قائد الشرطة عند مدخل قضاء طوزخورماتو، عن مقتل اثنين من حمايته وإصابة ثلاثة بجروح.
وفي الأنبار استمرت الاشتباكات المسلحة تدور في عدة مناطق من المحافظة بين مثلث أركانه تنظيم (داعش) والقوات الأمنية والعشائر، خصوصا في شمال مدينة الفلوجة وبعض مناطق الرمادي وسط الأنبار.
وقال زعيم قبائل الدليم بالأنبار علي حاتم السليمان للجزيرة إن «قوات العشائر تحقق تقدما مستمرا في معركتها لنيل الكرامة والحرية، وهذا التقدم لن يتوقف في حال استمر تواجد الجيش داخل المدن». وأضاف «الجيش يقتل أبناء الشعب العراقي من المدنيين، والمدن العراقية كلها ستثور ضد المالكي، وستكون ثورة عشائرية تبلع كل قواته وتنسف حجته بداعش أو القاعدة وغيرها فلقد خدع المالكي الجنود عندما أرسلهم لمقاتلتنا».
وقال السليمان أيضا «إن شهداء أبرياء يسقطون يوميا بسبب القصف العشوائي من قبل الجيش على المدن الآمنة، ودماء قوافل الشهداء التي نزفها يوميا لن تكون هباء، ولسنا نعطي هذه الدماء كي نعود إلى نقطة الصفر، ثوار العشائر سلكوا طريقا لا عودة فيه، إما كرامة وعزة أو موت بشرف».
ولم تصدر تصريحات عن القوات الحكومية التي تخوض معارك في الأنبار مع العشائر ومع عناصر تنظيم (داعش). لكن المالكي حاول نقل المشهد إلى الإعمار في الأنبار فأعلن تخصيص مليار دولار لإعادة إعمار أحياء محافظة الأنبار. وقال في كلمته الأسبوعية، أمس، إن مجلس الوزراء قرر إعادة اعمار جميع منازل السكان المتضررة جراء العمليات العسكرية بالأنبار.
وأعلن عن تخصيص مجلس الوزراء مبلغ مليار دولار، ضمن الموازنة العامة للبلاد العام الحالي، لإعمار أحياء المحافظة التي تهدمت جراء القصف، فضلا على مشاريع الطرق والمؤسسات الحكومية التي طالها الدمار.
ودعا المالكي شيوخ العشائر وأبناء محافظة الأنبار إلى الوقوف مع القوات المسلحة لطرد (داعش) والعناصر الإرهابية من محافظتهم، مؤكدا الحاجة إلى تبني استراتيجية عالمية لمواجهة خطر تنظيم «القاعدة» و»تجفيف منابع الإرهاب». وأقر بضعف إقبال الناس على تسلم البطاقة الإلكترونية المخصصة للناخبين في الانتخابات التشريعية المقبلة، المقرر إجراؤها في 30 أبريل المقبل.
وحمل المالكي، مجلس النواب العراقي مسؤولية تأخير إقرار الموازنة العامة للدولة لـ2014، منتقدا إقرار الفقرة المخصصة لتقاعد وامتيازات النواب وأصحاب الدرجات الخاصة ضمن قانون التقاعد الموحد. وقال إن «الحكومة اصبحت متوقفة لأن الموازنة توقفت»، واتهم أطرافا لم يسمها بالسعي لتعطيل الموازنة، وإفشال الحكومة لأغراض انتخابية. وأشار إلى أن «جميع القوانين المشرعة قد تضررت، منها قانون التقاعد الموحد الذي أقر مؤخرا والذي أنصف هذه الشريحة»، مضيفا أن «هذا القانون لن يجد طريقه إلى التنفيذ ما لم تقر الموازنة».
وفي شأن أمني آخر أسفر انفجار عبوة ناسفة قرب مركز شرطة العدالة في منطقة واحد حزيران جنوب كركوك، عن مقتل شرطيين وإصابة أربعة آخرين بجروح خطيرة. وفي محافظة ديالى قتل 3 جنود وأصيب 3 آخرون حين هاجم مسلحون مجهولون حاجزا للتفيش في قرية سفيط، قرب ناحية العظيم شمال بعقوبة.
وفي بغداد أصيب 4 عراقيين بجروح، في انفجار عبوة ناسفة في حي المعلمين بمنطقة الدورة جنوب بغداد. وانفجرت عبوة لاصقة بسيارة مدنية قرب مستشفى الكندي شرق بغداد، مما أدى إلى مقتل مدني وجرح آخر وإلحاق أضرار مادية بالسيارة.
بينما أعلنت وزارة الداخلية عن إلقاء القبض على 81 مسلحا من المنتمين لتنظيم (داعش) والعثور على منازل مفخخة في محافظة نينوى.
عدد اليوم
