الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

ازدحام الموانئ الأوروبية يهدد انتعاش الصادرات الآسيوية

ازدحام الموانئ الأوروبية يهدد انتعاش الصادرات الآسيوية
29 نوفمبر 2007 23:34
في الوقت الذي تشهد فيه تجارة شحن الحاويات العالمية نمواً بمعدل 11 في المئة في كل عام بفضل ازدهار الصادرات من آسيا فإن الموانئ الأوروبية باتت عاجزة عن مواكبة هذا الانتعاش، فخطط التوسعة في جميع أنحاء القارة الأوروبية أصبحت تشهد تباطؤاً ملحوظاً بواسطة خليط من الاجراءات الخاصة بحماية البيئة أو بسبب مقاومة واعتراض جموع السكان والمزارعين المجاورين لهذه المشاريع· ويشير بعض الاقتصاديين الى أن هذا الامر من شأنه أن يتمخض عن تداعيات سالبة على الاقتصاد الأوروبي، وبموجب هذا السيناريو فإن وجود أعداد قليلة من الموانئ الجاهزة لعمليات التحميل والتفريغ سوف يؤدي إلى رفع أسعار سلع المستهلك أو نقص حاد في بعض السلع المنتجة في آسيا، وفي حالة تأثر الصادرات بهذه المشكلة فإن الأمر سوف يؤدي في نهاية المطاف إلى تقييد النمو الاقتصادي في القارة العجوز· وحسبما ورد في صحيفة الوول ستريت جورنال فإن 73 في المئة من سفن الحاويات قد وصلت متأخرة عن مواعيدها في الأرصفة الأوروبية في الربع الأول من عام ،2007 مقارنة بمعدل 45 في المئة فقط في نفس الفترة من العام الماضي وفقاً لتقرير لشركة دريوري لاستشارات الشحن· وكذلك فإن كل يوم في البحر يكبد شركات الشحن متوسطاً بقيمة 30 ألف دولار للسفينة الواحدة، وعمدت كل من ميناء روتردام في هولندا وهامبورج في ألمانيا وساوثهامبتون في بريطانيا إلى تحويل عدد من سفن الحاويات الى موانئ أخرى بسبب عدم توفر ساحة في الارصفة مؤخراً، وفي شهر مارس وحده اضطرت ميناء روتردام لتحويل أكثر من 30 سفينة تحمل 50 ألف حاوية· ويقول نيل ديفيدسون مدير شركة الاستشارات البحرية في لندن: ''لقد تمكنت الصين في نفس هذه الأثناء من بناء روتردام أخرى''· ويذكر ان روتردام الهولندية تعتبر ثالث أكبر ميناء عالمي من ناحية الأطنان التي يتم شحنها بعد سنغافورة وشنغهاي· وفي الوقت الذي تستعد فيه الصين لانفاق مبلغ 54 مليار دولار في السنوات العشر المقبلة لبناء وتوسعة الموانئ من هونج كونج وحتى بكين فإن عدم التوافق بين السعة الآسيوية للشحن والقدرة الأوروبية على استلام البضائع يزيد بوتيرة متسارعة، وبينما تواجه الموانئ الأوروبية العميقة المياه المزيد من التكدس والازدحام فإن السفن القادمة من الصين أصبحت تتكبد المزيد من التكاليف جراد اصطفافها في خارج الموانئ انتظاراً لدورها في الدخول الى الارصفة· وبلا شك فإن هذا التأخير من شأنه أن يؤدي الى إرباك حركة تسلسل الامدادات الخاصة بالشركات العالمية، كما أن التكاليف العالية الناجمة عن الازدحام والتكدس في أوروبا سوف تحفز زيادة الأسعار بالنسبة للمستهلكين الأميركان، علماً بأن الولايات المتحدة استوردت في العام الماضي سلعاً وبضائع بقيمة 333 مليار دولار من أوروبا بما فيها معدات وماكينات من ألمانيا بقيمة 37 مليار دولار وأحذية بقيمة 1,6 مليار دولار تم شحن معظمها من كبريات موانئ الحاويات الأوروبية· على أن الموانئ الأميركية أيضاً أصبحت تواجه أيضاً المعوقات والتأخير في تنفيذ عمليات التوسعة بسبب اعتراضات الجماعات الناشطة في حماية البيئة· لذا فقد أصبحت الفرصة سانحة أمام الموانئ في المكسيك وكندا بالاضطلاع بجزء من هذا العبء، وهو خيار غير متاح للاتحاد الأوروبي بسبب رداءة الطرق والانتقاد الى ارتباط السكك الحديدية مع معظم الدول المجاورة في الشرق مثل روسيا وتركيا· ولعل أحد أكبر الاسباب التي تقف حائلاً أمام بناء المزيد من السعة في الموانئ ذلك الاعتماد العالمي المتزايد على الحاويات والتي يحتاج شحنها وتفريغها الى أرصفة عميقة المياه وانشاء المزيد من البنية التحتية الجديدة الخاصة بعمليات التخزين· وفي هذه الاثناء فإن القارة الآسيوية التي استمرت تشكل أكبر ورشة في العالم قد شرعت في توسعة موانئ الحاويات بحيث تتمكن من شحن وبيع بضائعها بالسرعة اللازمة· والآن فإن سنغافورة وحدها أصبح بإمكانها مناولة 25 مليون حاوية بحجم 20 قدماً في كل عام وهناك 5 موانئ آسيوية أخرى بإمكان كل منها مناولة أكثر من 10 ملايين حاوية، بينما لا تستطيع أي من الموانئ الأوروبية سوى روتردام تحقيق مثل هذا المستوى، كما أن لوس انجلوس أكبر ميناء في أميركا لا تزيد مقدرته على مناولة 8 ملايين حاوية في كل عام، بل إن الموانئ البريطانية ليست لديها سوى سعة قليلة لاستقبال سفن الحاويات الضخمة القادمة من آسيا بحيث تعمل في بعض الأحيان لارسال هذه السفن للرسو على طول القنال الانجليزي حيث يتم تقسيم البضائع وشحنها في سفن أصغر حجماً قبل ان تتوجه الى الموانئ البريطانية· وأمام اعتراضات ومقاومة جماعات حماية البيئة التي تسببت في تعطيل أعمال توسعة ميناء روتردام في هولندا وهامبورج في ألمانيا فقد عكفت المفوضية الأوروبية مؤخراً على صياغة سياسة خاصة تمنح الموانئ الأوروبية المزيد منه الحصانة القانونية في مواجهة نشطاء حماية البيئة· وكان جاك باروث مفوض النقل في الاتحاد الأوروبي قد صرح في العام الماضي قائلاً: ''إذا كانت قوانيننا الخاصة بالبيئة تعمل على تعويق الاستثمارات في الموانئ الأوروبية فإن هذا الأمر سوف يؤدي إلى تعليق وتكدس الشاحنات على الطرق مع ما سيستتبع ذلك من تداعيات وخيمة''· وعلى العكس من ذلك فإن السكان في الصين يتمتعون بالقليل فقط من الحصانة القانونية حيث تعمد السلطات في معظم الأحيان لاجلائهم بالقوة والمضي قدماً في تنفيذ مشاريع توسعة الموانئ·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©