الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

حرب الحب

حرب الحب
30 نوفمبر 2007 00:14
لا تشكل مشاعرنا التباساً إلا عندما نقع في الحب والحرب، وكأنهما الخطر الوحيد والنهائي الذي يجب أن نخاف منه، إله يجب علينا تقديم القرابين له، ويتمثل في التقاء جسدين وروحين وطريقتين في التفكير، يقوم بتهديد الذات المفردة؛ لأنها منذ لحظة إحساسها بالآخر ستكون مرتبطة به، أسيرة حرب، لا تتحرر إلا بالتبادل مع شيء آخر كلما عَنَّ لها أن تتحرر، وبالتالي على المُحِب أن يتناصف الزمن مع المحبوب، أن يَعِده بكل ما يملك أن يظل وفياً له، فحالة السقم التي تصحب توهان الحالة الفيسيولوجية، والزيغان النفسي، تجعل من الهدايا والتقدمات الكلامية مشاعل أبدية لإنارة الحياة··· لكن كل ذلك ليس إلا توصيفاً خادعاً لحقيقة أخرى، إذ عندما يؤول الحب إلى الواقع الاجتماعي للعلاقة، بعد موافقة الطرفين، تبدأ طبقات الممارسة الحياتية اختباراتها، ليتحدد فيما بعد على أي وضع سيستقر كل اثنين، سفينة نوح، أم الطوفان· من الطبيعي أن البدايات لأي علاقة لها وظيفة تدشينية، ليس فقط للحب، إنما لأي شيء آخر مهما كان، لذلك فإن إفرازات التعارف الأول تتواطأ على طبيعة الحياة اليومية الآلية، مرتفعة بالإنسان إلى سماء النعومة والذوبان والأجنحة، وتتمازج الكينونات الوجودية كلها لإعطاء التنهدات صفة اللذة وصفة الألم· تسيطر الروح على البيولوجي؛ لأن البيولوجيا سيدة الظاهر، ولذلك بحث الناس عن الخلود، فالاختفاء الحصري للرؤية، فقدانٌ لحاسة البصر عيناً ومعنى، وتاليه حاسة الأرض، فالحب إذاً كالموت، عبادة غير مرئية، واستئثار بالحفاظ على استمرارية الحياة رغماً عن أنوفنا· بداية الكلام بين عاشقين هو المبدأ للتعرف إلى الخرائط النفسية والعاطفية والواقعية لخليَّة تكوُّنها الأوليّ، إنها لحظة تأسيس للاطمئنان على مصير القلب، وحتى يستطيع أن ينظر كل منهما إلى عين الآخر، كمكتشفين، مغامرين في أراض وعرة وغابات لم يطأها أحد من قبل، عليهما أن يقدما نفسيهما في أحسن صورة، ما الذي نحبه من الطعام، الألوان، ماذا قرأنا، ما هي آراؤنا في الناس، إلى أي تفكير ننتمي، مآسينا منذ الطفولة إلى لحظة اللقاء، إنها البدايات الرومانسية وحُمَّى الاتصال الخفي لارتعشات الجسد· وما علاقة عدم النوم جيداً بذلك التدشين الخيالي للعشق، إن أي تغير يطرأ على النُفوس يأخذها بعيداً عن مسارها المعتاد، ومهما كان المتسبب في التغيير بعيداً أو قريباً، يبدأ كيان العاشقين المعشوقين في تخليق إنسان جديد، لذا فعلى كل ما يتكون جديداً من عادات وصور وأفكار ولمس وهمس أن يُحول الوجود إلى جنة، باحثاً عن الوردة الذهبية للفرح، أين تكمن، وكيف تتغذى وتتنفس· إن روحاً آسرة تعلن عن نفسها، اننا خالدون إلى الأبد، ومنذ الأزل، لم نولد ولن نموت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©