الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

العلاج بالتكريم

العلاج بالتكريم
1 ديسمبر 2007 00:09
حين يرقد الشاعر على فراش المرض، يبدو كأنه نقش خرافي سطر المكان بالزهو، فارتوى بماء الشعر، تزخرف بالقوافي، قميصه ابتل عطرا، سال من جذوة الدفء، كأن خبرا أتى يسطو بأن الشاعر الجميل ربما يودع دنيا الفناء، ربما أنفاسه غدت مزجا من أزهار العبير، فلا يود أن يفصح أو يحنو على شيء، فكم جف نهر العطاء من حوله، فلا يبتدر أحد لإنقاذه، فانحسروا جميعا وبقي الشاعر صامتا يعالج مجتمعات ملؤها خافت إلى حد البكاء! لا أحد يمد يد العون وهو يكسوه الوقار فكان المد الأوحد أن يحتضنه الصالون الأدبي، فكم اعتاد التوهج شعرا في ارجائه إلى حد العطاء! يرقد الشاعر الجميل محمد محمد الشهاوي على فراش المرض فمن شدة الوهن يرقد على هيئة مفكر ، ماثلا أمام إرادة المرض شاعرا حتى في اللحظات الأخيرة ، تحتل القصائد جسده كأنه ينثر عطرها من جديد! قصيدة '' المرأة الاستثناء'' من وحي سر تألق الشاعر في محافل عدة، والقصيدة التي لبست حلة التكريم حين حازت على جائزة سعاد الصباح كأجمل ما كتب في المرأة، ظلت ترافقه في حقائب السفر، فلم يكن يفصح عن المرأة السر في حياته، ربما ذلك سر إلهامه الجميل، لكي يشرع ما بين امتدادات الشعراء الكبار من أمثال شوقي وحافظ،، فالفتى الشهاوي كما يلقبه الأصدقاء رسم جيلا من الشعراء في ذاكرة الزمن حيث ابتدر فيهم شاعرية متألقة! حين زار الشاعر الشهاوي أبوظبي بدعوة من معرض الكتاب أخذ قلبه الزائر ينبض بحب الخليج العربي فكان كما يبحث عن لآلئ الشعر ، يفر نحو البحر ماثلا أمامه ليفضي بينهما العناق طويلا، عشق الإمارات بكل تجلياتها أو أخذت تعشقه حيث امتد العناق في أرجائها فاحتضنته لطفا بالمقام الجليل وحبا في الشاعر الجميل! لا ينحسر شاعر مثله عن منبر الشعر، مما دعا أصدقاءه إلى أن يبلوروا مهرجانا له على منبر بكفر الشيخ حتى يرد أصدقاؤه على انحسار يد العون عن علاجه، ليقيموا له مهرجانا تكريميا بعنوان ''العلاج بالتكريم'' حين عجز التكريم عن علاجه!! أمسية حشد لها الروائي أحمد ماضي رئيس الصالون أطياف مؤلفه من عشاق الشاعر من شعراء وأدباء ليحتفلوا به وكأنهم معه على سرير المرض وليقولوا فيه ما يفيض به عطاء القلب كون الشاعر ذا مكانة كبيرة في نفوسهم! فيا حبذا لو تمتد يد العطاء لهذا المبدع الجميل حتى يزهو من جديد بين محبيه كنهر من عطاء ، يا حبذا لو تبادر الهيئات الثقافية في الوطن العربي من أجل رسم العطاء الشعري على شفاه الشاعر الجميل من جديد!!
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©