الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تونس... استمرار التحدي الأمني

تونس... استمرار التحدي الأمني
20 فبراير 2014 12:13
جهان لغماري وكارولين ألكسندر تونس ليؤمِّن نفسه، ويتأكد من أن أحداً لن يقتحم منزله، أزال “سمير وسلاتي” الذي يعيش بالعاصمة تونس بابه الخشبي واستبدله بباب حديدي ووضع عليه ثلاثة أقفال صلبة لمزيد من الحماية، بل قام بتخزين المواد الغذائية الأساسية ومستلزمات الأطفال وغيرها كي لا يضطر للخروج في حالة الطوارئ، وهو يعلل إجراءه هذا قائلاً: “تحاول العصابات وجماعات اللصوص استغلال غياب الأمن وتراجع سيطرة الحكومة على مقاليد الأمور”. ويضيف وسلاتي، الذي يبلغ من العمر 40 سنة ويعمل أستاذاً بمعهد تونسي بمدينة “باجة” التي تبعد بحوالي مئة كيلومتر عن تونس العاصمة، “بت أخشى على عائلتي وهو ما دفعني لتأمين المنزل وتشديد الإجراءات حوله”. وكان الانتشار الملحوظ للجريمة في المدن التونسية وذيوع الحوادث الأمنية في الشوارع. قد فاقم من التحديات الأمنية التي تواجهها الحكومة التونسية التي تم تشكيلها، خلال الآونة الأخيرة بقيادة مهدي جمعة الذي تولى منصبه في الشهر الماضي كثمرة للتوافق الذي حصل بين الإسلاميين وباقي القوى السياسية ذات الميول القومية والعلمانية لتجاوز الخلافات المستحكمة والتوافق على دستور صودق عليه في الشهر المنصرم. وهذا الدستور حرص على إرضاء الإسلاميين من خلال النص على أن الإسلام هو دين الدولة، وفي الوقت نفسه صيانة الحريات الدينية للتونسيين والتأكيد على مسألة المساواة بين الرجال والنساء. وعلى مدار سنتين من التطاحن السياسي المرير عاشت تونس على وقع اختراقات أمنية خطيرة وصلت ذروتها باغتيال معارضين سياسيين بارزين، وتنامي نفوذ “القاعدة” في المناطق الجبلية المجاورة للحدود الجزائرية، الأمر الذي دفع البنك الدولي إلى التحذير من تراجع النمو الاقتصادي. وعن هذا الموضوع يقول، خليل العناني، الباحث البارز في “معهد الشرق الأوسط” بواشنطن: “لقد تمكنت تونس من اجتياز أصعب مرحلة في انتقالها الديمقراطي من خلال المصادقة على دستور للبلاد، لكن المنجز المهم الذي تحقق يجب ألا يحجب عنا التحديات الأخرى التي ما زالت تواجه البلاد”، فالوقت الذي استُغرق لكتابة الدستور والتوافق عليه وما رافقه من صراع سياسي مرير “أدى إلى فقدان الثقة في مجمل الطبقة السياسية وفتح الباب على مصراعيه أمام العنف”، على حد قول “هشام قرفالي”، مدير إحدى الشركات المتخصصة في البحوث الاقتصادية بالعاصمة تونس، مشيراً إلى الاستطلاعات التي قامت بها مؤسسته وحالة الشك وانعدام اليقين التي تطغى على التونسيين، هذه الاستطلاعات تؤشر على القلق المتزايد لدى المواطنين. ففي شهر ديسمبر الماضي أظهر أحد استطلاعات الرأي الذي قامت به المؤسسة أن ثلث التونسيين قالوا إنهم يفتقدون نظام الرئيس السابق، زين العابدين بن علي، الذي غادر تونس هرباً من ثورة 2011، فأشار ثلثا الذين عبروا عن حنينهم للنظام البائد أن السبب يرجع إلى تردي الوضع الأمني، مع تركيز 62 في المئة منهم على تدهور الظروف المعيشية للناس. هذه المعطيات يؤكدها أيضاً البنك الدولي الذي لفت خلال الشهر الجاري إلى التحديات الأمنية التي عاشتها تونس السنة المنصرمة وإلى تأثيرها السلبي على الاقتصاد، وذلك رغم التوقعات بتحقيق نمو اقتصادي يصل إلى 3 في المئة خلال السنة الجارية مقارنة بحوالي 2.6 في المئة خلال 2013. وكانت الصادرات التونسية ومعها السياحة قد تراجعت فيما ارتفع معدل البطالة إلى 15.7 في المئة وصعد التضخم إلى 5.8 في المئة. وبحسب أرقام المعهد الوطني للإحصاء بتونس، كان معدل النمو الاقتصادي خلال السنوات الخمس التي سبقت الثورة في حدود 4.1 في المئة، في حين وصلت البطالة إلى 14.2 في المئة. ومع المصادقة على الدستور الجديد كانت ردة فعل المستثمرين إيجابية، لأن الأمر يدل “على نوع من المصالحة السياسية الجارية في البلاد”، وهو ما ينعش الآمال بشأن استقرار تونس، وفقاً لما ذهب إليه “ويليام جاكسون”، الخبير في الاقتصادات الناشئة بمؤسسة “كابتال إكونمكس” بلندن. ومن النتائج المباشرة لهذا الاستقرار السياسي انخفاض العائدات على السندات الحكومية ووصولها إلى أدنى مستوى لها خلال الأسبوع الجاري، كما أن التوافق السياسي الأخير الذي توج بالمصادقة على الدستور جعل التجربة التونسية مختلفة عن نظيرتها المصرية والليبية، حيث الاضطرابات السياسية ما زالت قائمة والأفق غير واضح. ورغم التأثير السلبي للعنف الذي شهدته تونس في 2013 سواء لاستهداف المعارضين، أو المعارك بين الجيش وعناصر “القاعدة”، وتضرر الاقتصاد منه، إلا أن هناك من استفاد من الوضع، ومنهم “نبيل غاني”، الذي يدير شركة لتكنولوجيا المراقبة. فقبل الثورة يقول غاني: “كنا نعمل مع المؤسسات الكبرى التي تريد تركيب كاميرات للمراقبة وأجهزة إنذار مبكر، لكن اليوم وبعد الثورة أصبح 60 في المئة من عملائنا من المواطنين، سواء رجال الأعمال، أو الطبقة الوسطى”، وبالإضافة إلى الجريمة العادية في المدن والشوارع تواجه تونس تحدي الجماعات الإسلامية المتشددة، حيث قتل في 4 فبراير الجاري شرطي في حادث إطلاق نار بالقرب من العاصمة تونس، هذا التحدي يشير إليه الصحفي التونسي، “سفيان بن فرحات”، الذي تعرض هو نفسه لتهديدات بالقتل، قائلاً “يظل الأمن الانشغال الأول بالنسبة للتونسيين”، مضيفاً أنه رغم لجوئه إلى تركيب كاميرا للمراقبة في منزله، واستعانته بحارس أمن، تعرض في شهر نوفمبر الماضي للسرقة، ثم في الأسبوع الماضي اعترض سبيله أحد الأشخاص وانهال عليه بالضرب، قائلاً: “لقد تغيرت حياتي تماماً ولم أعد قادراً على الخروج مع عائلتي وأصدقائي”. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©