الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العلاقات الروسية الأميركية··· تشنجات متلاحقة

العلاقات الروسية الأميركية··· تشنجات متلاحقة
6 ابريل 2008 00:45
هل مازال ممكناً إنقاذ الزواج الروسي الأميركي؟ فعندما التقى الرئيس ''بوش'' لأول مرة مع الرئيس الروسي ''فلادمير بوتين'' في عام 2001 قال ''بوش'' بحماسة لافتة بأنه ''نظر في عيني بوتين، ونفذ إلى أعماق روحه''، ولفترة من الفترات تحول ''فلاديمير'' إلى أحد أقرب الأصدقاء إلى قلب ''بوش''، وهكذا وفي المناسبات المشتركة التي ظهرا فيها معا كان الرئيس الروسي كلما انخرط صديقه ''بوش'' في حديثه المعتاد عن الحرب على الإرهاب إلا وارتسمت على وجهه -وهو رجل الاستخبارات الروسية السابق- ابتسامة ماكرة تدل على دعمه لتلك الحرب، لكنه يعرف في الوقت نفسه أنه يبرر قمعه للمعارضين الروس والأقليات المنتفضة، وكما تعهد ''بوش'' نفسه كان يفترض بهذه الصداقة الخاصة أن تثمر ''علاقة بناءة'' بين البلدين· لكن وككل زواج هناك مصلحة، سرعان ما تدهورت العلاقة عندما رفض ''بوتين'' مساندة الغزو الأميركي للعراق في العام ،2003 ثم نكوصه لاحقاً عن الإصلاحات الديمقراطية في العام 2005 وبقي ''بوش'' على الهامش يتفرج عاجزاً عن الحركة، ومصراً على أن ''فلاديمير'' طمأنه بشكل خاص على التزامه بالديمقراطية، وأنه ''شخص يعني ما يقوله''، لكن رغم كل هذه التطمينات ساءت العلاقات مع روسيا، وبحلول 2006 عندما تمنى الرئيس ''بوش'' أن تقتدي روسيا ''بالعراق حيث تسود حرية الصحافة والتدين'' سخر ''بوتين'' من ''بوش'' قائلا: ''نحن بالتأكيد لا نريد الديمقراطية الموجودة حاليا في العراق''، واحتدت النبرة أكثر في العام 2007 عندما ندد ''بوتين'' بالسياسة الخارجية الأميركية ووصفها بأنها ''لا علاقة لها بالديمقراطية''، وبأنها بدلا من ذلك ''تلجأ إلى الاستخدام المفرط للقوة في العلاقات الدولية''، ووصلت العلاقات ذروة تشنجها إثر تهديد ''بوتين'' بتوجيه الصواريخ الروسية نحو بولندا إذا ما نشرت الولايات المتحدة نظامها الأوروبي للصواريخ كما كان مخططاً له· والواقع أنه إذا كانت العلاقات الروسية الأميركية قد انحدرت إلى هذا المستوى، فإن اللوم يرجع في جزء كبير منه إلى إدارة الرئيس ''بوش'' نفسها، فرغم ادعاءات الصداقة التي يرددها ''بوش'' تعاملت الولايات المتحدة مع روسيا وكأنها قوة متلاشية مستعدة للخضوع أمام أميركا وقبول الفتات الذي تجود به ''واشنطن'' بين الفينة والأخرى، بيد أن هذه المقاربة في التعامل مع روسيا أثبتت خطأها بشكل واضح، لأنه مهما بدا على روسيا من ضعف داخلي يتخلله الفساد والقمع، فهي مازالت قادرة على المساعدة في تحقيق الأهداف الأميركية، أو إعاقتها سواء في إيران أو العراق، فضلا عن قدرتها على زعزعة استقرار وسط آسيا وأوروبا، ولا ننسى أن روسيا مازالت تمتلك ثاني أكبر ترسانة نووية في العالم، وستبقى كذلك في المدى المنظور بعدما توقفت المفاوضات بين البلدين حول تخفيض ترسانتهما النووية، غير أن الولايات المتحدة لا تستطيع دفع روسيا إلى معاداتها، فإنه يتعين على ''بوش''، إذا كان فعلا حريصاً على إنقاذ ما يمكن إنقاذه فيما تبقى من فترة رئاسته، أن يحسن استغلال زيارته إلى روسيا لترميم العلاقة مع موسكو وإعادتها إلى الطريق الصحيح· بالطبع لن يكون الأمر سهلا لأن زيارة ''بوش'' تأتي مباشرة بعد مشاركته في قمة حلف شمال الأطلسي في رومانيا والتي أعاد فيها إلتزامه ''بخطة عمل تمهد لعضوية كل من أوكرانيا وجورجيا'' في حلف الناتو، فضلا عن نشره للمنظومة الصاروخية في بولندا وجمهورية التشيك، ولأن روسيا تنظر إلى الخطوتين باعتبارهما أعمالا عدائية ضدها، فإنه من الصعب تصور كيف سينجح ''بوش'' في إحراز أي تقدم على مسار العلاقات بين البلدين عند لقائه ''بوتين'' نهاية الأسبوع المقبل، لكن الصعوبات المنتظرة لا تعني استحالة ترميم العلاقات وإعادة الدفء إلى أوصالها، فمن حسن حظ ''بوش'' أن فرنسا وألمانيا تعارضان توسيع حلف شمال الأطلسي في هذه المرحلة وهو ما أعفى ''بوش'' من الضغط في هذا الاتجاه ورفع عنه الحرج تجاه أوكرانيا وجورجيا، وبالتالي سيضع الموضوع برمته على الموقد الخلفي خلال مباحثاته مع ''بوتين''· غير أن التقدم الحقيقي سيعتمد أساساً على مدى العناد الروسي إزاء قضية الدرع الصاروخية التي يريد بوش نشرها في أوروبا الشرقية· فنظرياً يفترض بنظام الصواريخ أن يحمي أوروبا من الصواريخ الإيرانية، إلا أنها في الواقع نظرية مريبة إلى حد بعيد، لا سيما في ظل غياب الدليل القوي على امتلاك إيران للقدرة (أو الرغبة) في توجيه صواريخ باليستية نحو أوروبا، والأكثر من ذلك أنه لا يوجد دليل مقنع على أن منظومة الصواريخ الأميركية قادرة على اعتراض الصواريخ الإيرانية حتى في حال نشرها في بولندا وجمهورية التشيك، وفي عالم يسير وفقاً للحقائق البراغماتية، وليس الاعتبارات الأيديولوجية فإنه من الأفضل للرئيس ''بوش'' قبول العرض الذي قدمه ''بوتين'' في الصيف الماضي ويقضي بفتح حوار ثلاثي بين أوروبا وروسيا والولايات المتحدة حول موضوع نشر الصواريخ، وإقرار التعاون الاستخباراتي وتبادل المعلومات، فضلا عن التشغيل المشترك لمنشآت المنظومة الصاروخية، وأيضا التفكير في المواقع الجديد للصواريخ التي اقترحتها موسكو، وبهذه الطريقة نكسب ثقة روسيا وإمكانية نشر الصواريخ على نحو أكثر فعالية، كما ستضمن روسيا أن الصواريخ لا تستهدف أراضيها، ومن ثم ينتفي مبررها لمضايقة الدول المجاورة والضغط عليها· روزا بروكس كاتبة ومحللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©