الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التغيرات في اتجاه المجتمع نحو المرأة.. نوعية وإيجابية

التغيرات في اتجاه المجتمع نحو المرأة.. نوعية وإيجابية
2 ديسمبر 2007 00:35
تخصص ''دنيا الاتحاد'' في الأسبوع الأول من كل شهر ملفاً شاملاً لطرح ومناقشة قضية من قضايانا المهمة، لتسبر أغوارها، وتدرسها دراسة ميدانية عبر استمارة أو استبيان يتم تصميمه بطريقة علمية حسب المناهج المتبعة في قياسات الرأي وتوزيعه في جميع إمارات الدولة على عينة عشوائية ممثلة لمجتمعنا، لتحقيق أقصى فائدة ممكنة على صعيد التوعية بالقضية المطروحة واستشراف أنجع الحلول لها، لإيماننا بأن الاحصائيات الدقيقة والأرقام المستقاة من الواقع الميداني هي أقصر السبل للتحليل الصحيح والوصول إلى النتائج العلمية الدقيقة، ومن أجل تحقيق هذا الهدف ستعرض نتائج تفريغ الاستبيان بعد جمع البيانات وتحليلها على عدد من المختصين في القضية المطروحة توخياً للدقة والفائدة في نفس الوقت· ونأمل أن نقدم في مثل هذه الملفات الشهرية، معلومات موثقة علمياً وذات رصانة أكاديمية تتميز بالمصداقية على المستوى البحثي، وتفيد ذوي الاختصاص والباحثين والإنسان العادي، ولعلنا بهذا نكون قد ساهمنا في زيادة الوعي المجتمعي وتعميق التواصل بين المؤسسات الأكاديمية والمجتمعية من جهة، ووسائل الإعلام من جهة أخرى، فضلاً عن إشاعة نوع من الدقة والموضوعية في الطرح الصحافي لمشكلاتنا وقضايانا المختلفة· أما ملف هذا الشهر فنخصصه لدراسة التغير في الاتجاهات النفسية نحو مركز المرأة في الأسرة والمجتمع في الدولة· وهو ما نحاول الاجابة عليه في ضوء اتجاهات الشباب من الجنسين نحو بعض القضايا المتعلقة بمركز المرأة ومكانتها، وهل هناك فروق بين الجنسين أم لا؟ وذلك من خلال قياس مجموعة من الاتجاهات هي: الاتجاه نحو تعليم المرأة· الاتجاه نحو عمل المرأة· الاتجاه نحو بعض الأفكار العامة عن المرأة· الاتجاه نحو الاختلاط بين الجنسين· وفي حلقة اليوم نستعرض النتائج التي توصلنا إليها حول عمل المرأة وتعليمها· ولا شك في أن التساؤل الخاص باتجاهات الشباب نحو المرأة في الأسرة والمجتمع في الدولة، لا يمكن تناوله بمعزل عن التغير الاجتماعي والثقافي الذي طرأ على المجتمع الاماراتي، بعد تغيرالصورة التقليدية للمرأة، ودخولها معترك الحياة والتعليم والعمل وهما المتغيران اللذان سنركز عليهما الضوء أفضت الدراسات المتعددة التي أجريت إلى وجود فروق بين الذكور والاناث في بعض جوانب الشخصية ومن بينها الاتجاهات والقيم والاهتمامات، بالإضافة إلى الجوانب المعرفية والانفعالية·· إلا أن المهتمين اختلفوا في تفسير هذه الفروق، فقد عزاها البعض إلى المحددات البيولوجية، في حين ردّها البعض الآخر إلى عوامل ثقافية وحضارية، بينما أرجعها فريق ثالث إلى التفاعل بين المحددات البيولوجية والمتغيرات الاجتماعية· وقد طرأت على الأدوار التي تقوم بها المرأة في الإمارات تحولات كبيرة خلال السنوات الأخيرة· وصاحب هذه التحولات تناقضات ومفارقات لا حصر لها، وزادت حدتها بسبب الانفتاح على العالم الخارجي، وتطور طرق الاتصال، والتقدم التكنولوجي، والانفتاح الثقافي والتعليم والثورة الرقمية وتطور وسائل الإعلام والاتصال··· إلخ، الأمرالذي أدى إلى ظهور عناصر ثقافية غير متسقة وغير منظمة، ومعايير ثقافية لم تعد تلائم وظيفياً المواقف الاجتماعية التي تستخدم فيها، فتعرقل جهود الفرد للقيام بأعمال يمكن أن تعود عليه وعلى المجتمع بالنفع· اختيار العينة لاستطلاع رأى الشباب والفتيات من المواطنين حول الموضوع، تم إعداد ''استمارة استبيان'' خاصة وتضمنت الجوانب ''السبعة'' الرئيسية المشار اليها، في'' سبعين'' سؤالا يجاب عليها بـ ''نعم'' أو ''لا'' دون افساح المجال للاجابات التي تحمل مدلولات وسط، وتبتعد عن المعيارية الوسطية في قياس الاتجاهات· وقد تم اختيار العينة بطريقة ''عشوائية بحتة'' وتكونت من ''150 شاباً و150 فتاة، من المرحلة الجامعية في جامعة الامارات، وكليات التقنية العليا للطلاب والطالبات في أبوظبي، اضافة الى 100 حالة أخرى من الجنسين، من فئات تعليمية ووظيفية، ليبلغ اجمالي العينة 400 حالة مقسمة بين الجنسين بالتساوي· أهمية الدراسة تغيرت صورة المرأة الخليجية بصفة عامة والاماراتية بصفة خاصة عما كانت عليه من قبل، واستتبع ذلك تغييراً في الأدوار والمراكز المنوطة بها، باعتبارها أحد قطبي عملية التنمية الشاملة كهدف ووسيلة، وتعتبر دراسة اتجاهات كل من الجنسين نحو كل منهما ازاء القضايا الاجتماعية المختلفة بمثابة البوتقة التي تتجمع فيها كل العوامل الاجتماعية المحددة لهذه الاتجاهات، كما أن دراسة هذه الاتجاهات لدى الجنسين تيسر الوقوف بموضوعية على مدى الاتفاق أو الاختلاف بينهما، الأمر الذي يمكن معه الوقوف على صورة المرأة والسمات الواسمة لها كما تراها هي، وكما يراها الجنس الآخر عنها· ويعتبر تعليم وعمل المرأة الاماراتية في العقدين الأخيرين أحد المحددات الهامة التي أدت إلى تغير مركز المرأة في الأسرة والمجتمع· ومن الأهمية الوقوف على طبيعة الاتجاهات النفسية والاجتماعية نحو مركز المرأة في الإمارات كما تعكسها نسبة الموافقة أوعدم الموافقة على كل منها، وما إذا كانت هناك فروق بين الجنسين في هذه الاتجاهات أو بعضها من عدمه؟ وإلى أي حد يمكن تعديل بعض الاتجاهات السلبية أو غير المرغوبة لدى الذكور أو الاناث نحو دور المرأة ومركزها في الأسرة والمجتمع إن وجدت· تحليل و نتائج يمكن قراءة وتفسير اتجاهات عينة الدراسة على الوجه التالي: ؟ جميع أفراد العينة من الإناث أجمعن على أن التعليم لا يقلل من أنوثة المرأة، كما أنهن أجمعن على موافقتهن على عملها، وهو أمر طبيعي ومؤشر منطقي· ؟ أيد (25 %) فقط من الذكور مقولة إن التعليم يؤخر سن زواج الأنثى، بينما ذهب (16,5 %) منهم إلى أنه يقلل فرص زواجها، وأيد الرأي الأول (12,5 %) من الإناث ورفضه 77,5 في المئة منهن، ويعود ارتفاع نسبة الموافقات من الإناث إلى أن نسبة كبيرة منهن يرفضن الزواج خلال مسيرتهن الدراسية ويفضلن الانتهاء منها أولاً· ؟ كان المؤشر الأكثر ايجابية أن (5,5 %) فقط من الشباب يفضلون الابتعاد عن الفتاة المتعلمة عند اتخاذ قرار الزواج، وإن أشاروا إلى إمكانية ''التعليم المتوسط''، وهو ما يتفق واختيار (13% من الذكور) أن يقتصر تعليم الفتاة على مجالات محددة بعينها، بينما رفض (92 % من الإناث) هذا الرأي· ؟ أيدت جميع الإناث المساواة بالرجال في التعليم (100 %)، بينما اتجه (87,5 % من الذكور) إلى الموافقة، وهو مؤشر إيجابي يدلل على التغير الملموس في اتجاهات الشباب ''إيجاباً''· ؟ ذهب (22,5 %) من الذكور إلى أن التعليم يجعل المرأة أكثر تعالياً على زوجها ''ولا سيما إن كان يحمل مؤهلاً دراسياً أقل منها''، بينما نفت (90,5 % ) من الإناث ذلك، في الوقت الذي أيدت (92,5 %) منهم مقولة أن التعليم يجعل المرأة أكثر تمرداً على تقاليد المجتمع السلبية نتيجة زيادة وعيها، وأيد جميع الذكور والإناث أن التعليم يشعرها بأهمية دورها في المجتمع، وهو تغير نوعي كبير في التطور الايجابي لمسار الاتجاهات نحو المرأة، وهو ما يتفق أيضاً مع النسبة العالية (95 % من الذكور) الذين أكدوا أن التعليم يجعل المرأة أكثر استقلالية، وينسجم أيضاً مع اجماع عينة الذكور، على أن التعليم يضاعف إحساسها بالحرية، أي أن تعليم المرأة يمثل حجر الزاوية في معادلة الوعي بحقيقة الدور الاجتماعي للمرأة، وشعورها الايجابية بالحرية المسؤولة، والاستقلالية عند اتخاذ أي قرار، وهو أيضاً ما أجمع عليه جميع أفراد العينة ''ذكوراً وإناثاً'' بالنسبة لتأثير التعليم في مساعدة المرأة على بناء أسرة جيدة، ويؤشر نحو الوعي التام بأهمية تعليم المرأة وتأثيره الايجابي على الحياة الأسرية· ؟ من المنطقي أن تجمع جميع الإناث على العمل، كما أجمعن على التعليم، بينما رفض (12,5 % ) من الذكور عمل المرأة، فيما أيد ذلك (61 %) من الذكور، واختاروا عملها عند الضرورة مقابل (65 %) من الإناث· ؟ أيد (32,5 %) من الذكور أن عمل المرأة يسبب كثير من المشاكل، بينما رأت (27,5 %) منهن ذلك· ؟ أجمعت الإناث على رفض مقولة ''عمل المرأة لا يتناسب وطبيعة المجتمع''، كما أيد جميع الذكور والإناث أن عمل المرأة يسهم في رفع المستوى الاقتصادي للأسرة، بينما انخفضت نسبة الموافقين من الذكور على أن عملها لا يتناسب وطبيعة المجتمع إلى (12,5 %) وهي نفس النسبة التي ترفض عمل المرأة على الاطلاق، وإن كانوا اتفقوا على تأثيرها الايجابي على اقتصاديات الأسرة· ؟ رأى (45 %) من الذكور أن المرأة يجب أن تعمل في مجالات محددة تتناسب وطبيعتها كأنثى، وأنهم يفضلون ذلك، ومن الملفت أيضاً أن (92 %) من الإناث أيدن ذلك، ربما لتفضيلهن مهناً وأعمالاً تتناسب وطبيعتهن ومسؤولياتهن الأسرية، في الوقت الذي رفض (94 %) من الذكور صلاحية الأنثى لجميع المناصب، وأيد هذا الاتجاه (8,5 %) من الاناث، كما أيد (8,5 %) من الذكور عملها قبل الزواج ونفس النسبة التي أيدت عملها إن لم يكن لديها أطفالاً· ؟ مما تقدم يمكن أن نستخلص أن هناك تحسنا ملموسا في الاتجاه الايجابي لاتجاهات الشباب الإماراتي نحو تعليم المرأة وعملها، وإن بقيت نسبة محدودة تقرن اتجاهاتها باعتبارات اجتماعية أو ظروف أسرية أو اقتصادية معينة· وأن من الأهمية بمكان أن تغير المرأة الإماراتية اتجاهاتها نحو نفسها أكثر من أي وقت مضى، دون أن تعلق معوقات انطلاقها وعطائها واسهاماتها على سلبية اتجاهات الرجل، وأنها أصبحت مطالبة أكثر من غيرها بهذا الأمر، بما يتفق وجميع المعطيات الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية من حولها·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©