الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

غرب باكستان··· قبائل للإيجار فقط

غرب باكستان··· قبائل للإيجار فقط
6 ابريل 2008 00:47
''دارا آدم خيل''، بلدة صغيرة تقع في مناطق باكستان القبَلية، الواقعة في شمال غرب البلاد، والمحاذية لحدودها مع أفغانستان، وهي بلدة من تلك البلدات التي لا يُطبق فيها قانون الدولة فتحولت إلى معقل للمهربين ومقاتلي طالبان، والشارع الرئيسي في البلدة، يعج بالمتاجر التي تباع فيها الأسلحة والمخدرات علنا، حيث يمكن للزبائن أن يدخلوا أي متجر فيجدوا المخدرات على الأرفف كأنها سلع عادية، كما يمكن لهم أيضا أن يدخلوا إلى أي متجر لبيع الأسلحة المصنعة محليا وينتقوا بنادق ''الكلاشينكوف'' ويخرجوا خارج المتجر ويجربوها من خلال إطلاق زخات من الرصاص في الجو! في الحقيقة يصعب على المرء أن يصدق أن القوة الأميركية يمكن أن تقف عاجزة عن العمل في منطقة غدت ملاذا لـ''أسامة بن لادن'' وغيره من القيادات الجديدة لتنظيم القاعدة، ويعتقد خبراء الاستخبارات الأميركية، أنه لو وقعت هجمات جديدة على الولايات المتحدة فإنها سوف تنطلق من هذه المنطقة، ومن بلدة مثل ''دارا''· بعد مرور 7 أعوام كاملة على تخلي الرئيس الباكستاني ''برويز مشرف'' عن طالبان، وانضمامه إلى الولايات المتحدة في حربها على الإرهاب، نجح الجيل الجديد من مقاتلي طالبان والجماعات المتشددة المتأثرة بهم، في السيطرة على الكثير من المدن في المناطق القبلية الحدودية مع أفغانستان، وفرض قانونهم الخاص، والتصدي لجنود الحكومة الفيدرالية لمنعهم من العمل هناك، ونصب الكمائن لهم وخطف أعداد منهم تصل إلى المئات، وعلى الرغم من أن طالبان لم تُطح بالنظام السياسي ولم تستولِ على السلطة، إلا أنها أطاحت بتقاليد عاشت لمئات السنين في هذه المناطق القَبَلية، وذلك عندما أقدمت على إعدام بعض شيوخ القبائل بتهمة الخيانة، والتواطؤ مع حكومة ''مشرف'' وقوات الأميركيين وحلف الناتو، ولمواجهة هذه الأعمال البشعة اجتمع شيوخ القبائل والوجهاء لرسم خطة لتطهير مناطقهم من المقاتلين، وبمجرد انتهاء الاجتماع قام انتحاري طالباني بالاندفاع نحو الحشد وتفجير نفسه، ما أدى إلى مصرع ما يزيد عن 40 شخصا منهم الكثير من زعماء القبائل ووجهاء المنطقة· ينظر الغالبية العظمى من سكان هذه المناطق -من عرقية ''البشتون''- إلى الوجود الأميركي في أفغانستان بعين الشك، ويعتبرون وجودهم احتلالا لا يختلف عن الاحتلال السوفييتي السابق، كما أن المقيمين منهم في شمال وزيرستان وجنوبها، ينظرون إلى جنود الجيش الباكستاني ومعظمهم من إقليم البنجاب على أنهم غزاة لمناطقهم، أما رد فعل الولايات المتحدة على ''طلبنة'' مناطق غرب باكستان فكان أخرق وقصير النظر· فتأييد البيت الأبيض الثابت لـ''برويز مشرف''، والغارات التي قامت طائراتها بها دون تمييز في هذه المناطق بحجة مطاردة رجال القاعدة، أدت إلى مصرع عشرات المدنيين، وأثارت قدرا كبيرا من السخط والغضب، وسط السكان، ناهيك عن الجهاديين والإسلاميين الذين اتخذوا من تلك الغارات الطائشة وما ترتب عليها من خسائر بشرية فادحة، وقودا يؤججون به نيران الغضب ضد الأميركيين و''مشرف''، مما ساهم في زيادة نفوذ ''طالبان'' في تلك المناطق أن الفائزين في الانتخابات البرلمانية الباكستانية، تعهدوا بسحب الجيش من المناطق التي تديرها الحكومة الفيدرالية في غرب باكستانن لكن تلك المقاربة من السياسيين لم تؤد إلى انخفاض أعمال العنف التي تمارسها طالبان في تلك المناطق، فبعد أسابيع من تلك التعهدات من جانب السياسيين، ضربت سلسلة من التفجيرات منطقة غرب باكستان والبنجاب، بلغت الخسائر في إحداها 40 قتيلا من السكان العاديين الذين تصادف وجودهم في المكان الخطأ والزمان الخطأ· كان من الطبيعي أن تؤدي زيادة السخط تجاه الجهاديين، بسبب القسوة البالغة التي يتعاملون بها مع السكان، إلى انخفاض شعبيتهم، وهو ما يتبين من استطلاع للرأي أجرته مؤسسة ''تيرور فريي تومورو'' أو ''غد خال من الإرهاب'' وجد أن تأييد سكان تلك المناطق وتعاطفهم مع تنظيم القاعدة وحركة طالبان قد هبط إلى أقل حد له حيث لا يتجاوز 18 و19 في المائة على التوالي، وتأمل ''البنتاجون'' أن تتمكن من خلق صحوة في المناطق التي تديرها الحكومة الفيدرالية في باكستان تشبه ''صحوة الأنبار'' في العراق، خصوصا على ضوء تصاعد عمليات العنف الطالباني ضد شيوخ ووجهاء هذه المناطق، ومنها الهجوم الذي تمت الإشارة إليه في بداية هذا المقال· حتى هذه اللحظة هناك عدد قليل من شيوخ القبائل والوجهاء في تلك المناطق، ممن يجرؤون على التحدث بشكل علني ضد طالبان، كما أن عددا أقل منهم هو الذي يجرؤ على المغامرة بالاعتماد على الجيش الباكستاني في توفير الأمن، إذا ما انقلبوا ضد حركة طالبان، والبشتون -بشكل عام- يحاولون إقناع الأميركيين بأنهم قادرون على تعويضهم عن حلفائهم الاستراتيجيين وعلى رأسهم مشرف بالطبع· في العام الماضي شرح لي رجل من ''بيشاور'' السبب في فشل الجهود الأميركية لإخضاع أفغانستان -التي يشكل البشتون أكبر مجموعة سكانية فيها- وذلك عندما قال لي: ''إن الخطأ الذي وقعت فيه أميركا هو أنها اعتقدت أنه يمكن شراء البشتون في حين الحقيقة هي أنه يمكن استئجارهم فقط''· نيكولاس شميدل زميل بمؤسسة '' نيو أميركا فاونديشين'' ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©