الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الليبرالية بعد لوثر كينج

6 ابريل 2008 00:47
قبل أربعين عاما خلت، تلقت الليبرالية الأميركية ضربة قوية لم تتعافَ بعد من تأثيراتها، ففي الرابع من أبريل ،1968 انتهت لحظة قصيرة نسبيا ومثيرة من الإصلاح التقدمي، وبدأت فترة طويلة من الصعود المحافظ، فقد أدى اغتيال ''مارتن لوثر كينج'' وأعمال الشغب التي تلته وعمت أرجاء الولايات المتحدة، إلى انهيار الآمال الليبرالية وسط ضباب اليأس والشك في الذات، حيث وجد المحافظون، الذين كانوا في تراجع خلال معظم ذاك العقد، جمهورا جديدا وواسعا للتحذيرات التي كانوا يطلقونها من الاختلالات والاضطرابات التي قد تنجم عن الإصلاح· فقد فطن رئيس داهية اسمه ''ريتشارد نيكسون'' للاتجاه الذي تهب فيه الرياح السياسية، حيث قال، عندما أفرجت لجنة الرئيس ''جونسون'' عن تقريرها -حول الاضطرابات التي اندلعت في المدن في أوائل 1968 والذي حمل ''العنصرية البيضاء'' مسؤولية أعمال الشغب التي قامت العام السابق- إن اللجنة ''تُحمل الجميع مسؤولية أعمال الشغب ماعدا مرتكبي أعمال الشغب''، وحث على ''الرد''، كان ''نيكسون'' يعرف أن دعوته إلى القانون والنظام تؤدي إلى ابتعاد البيض المنتمين للطبقة العاملة عن تحالفهم مع ''الصفقة الجديدة'' و''المجتمع العظيم''· من السهل نسيان أن المواضيع الرئيسية للتيار المحافظ المعاصر إنما ظهرت كردٍّ على أحداث ،1968 فالهجوم على ''الحكومة الكبيرة''، والدفاع عن حق الولايات، والاستياء من ''النضال القضائي الليبرالي''، و''النشطاء الإنسانيين الليبراليين''، و''النخبويين الليبراليين''، و''الذنب الليبرالي''، و''الإباحية الليبرالية'' جميعها كانت متجذرة في رد الفعل الذي استجمع قوته في وقت كان فيه التفاؤل الليبرالي يتراجع وينحسر· الواقع أنه من مقتل ''جون إيف· كينيدي'' في نوفمبر 1963 حتى انتخابات الكونجرس في نوفمبر ،1966 كان الليبراليون هم المنتصرين، وكانت أعمالهم تغيِّر العالم· ولكن تأثيرهم أخذ في الانحسار عندما مني ''ديمقراطيو'' ''ليندون جونسون'' بخسائر جسيمة في انتخابات ،1966 ثم تأكد التراجع الذي أشارت إليه انتخابات 1966 بعد الرابع من أبريل ،1968 والواقع أن الليبراليين أنفسهم يتحملون جزءا من المسؤولية عن تراجع حركتهم، ذلك أن مجرد استعمال ورقة ''القانون والنظام'' لم يكن يعني أن المخاوف من الجريمة لم تكن مشروعة، بل على العكس، ذلك أن البلد كان في المراحل الأولى من موجة الجرائم الخطيرة، وكان لديه سبب قوي ووجيه للتخوف من ازدياد أعمال العنف· بالموازاة مع ذلك، كان التيار الليبرالي نفسه يتصدع في ،1968 حيث انقلب الليبراليون على بعضهم بعضا بخصوص سياسة ''جونسون'' حول فيتنام، كما انشق ائتلاف الحقوق المدنية القديم في وقت دخل فيه المدافعون عن الاندماج العرقي في حرب مع المدافعين مع ''بلاك باور''، وهو شعار رفعه في 1966 ناشط شاب يدعى ''ستوكلي كارميكل''· لقد رحل ''مارتن لوثر كينج'' عن هذه الدنيا في لحظة اسوداد، على المدى القصير على الأقل، حيث قال قبل أربعة أيام من اغتياله، في عظة ألقاها بالكاتدرائية الوطنية في واشنطن: ''أشعر أن هذا الصيف لن يكون سيئا، بل أسوأ من المرة الماضية''، في إشارة إلى أعمال الشغب التي اندلعت الصيف السابق، ثم جاءت أيام الفوضى التي أعقبت اغتياله· بعد ذلك بأربعين عاما، هل من الممكن استحضار آمال وحماس الأيام والسنوات التي سبقت الرابع من أبريل ذاك؟ وهل قضى التيار الليبرالي ما يكفي من الوقت للتأمل والتدبر من أجل القيام مرة أخرى ببحث مدى ما تحقق باسمه، والاعتراف بأن البلد أحسن وأفضل حالا بفضل ما فعله الليبراليون؟ في ''الساعة الليبرالية'' -وهو رصد جديد ومهم لعقد السبعينيات يرتقب أن ينشر في يوليو يشير ''جي· كالفن ماكينزي'' و''روبرت ويزبورت'' -الأستاذان بجامعة ''كولبي كوليدج''- إلى أنه بالرغم من عيوبها، إلا أن فترة المد الليبرالي ''أظهرت ما تستطيع السياسة الديمقراطية أن تنتجه عندما يكون توافق الجمهور في تصاعد، وعندما تنتصر الأغلبيات المنسجمة، وعندما يوفر الزعماء المهرة التوجيه والإلهام والحماس''· اليوم، حان الوقت كي نضع حدا لاستيائنا من التيار الليبرالي، فثمة عمل لم يُفرغ منه في ذاك اليوم من عام ،1968 وحان الوقت للانكباب عليه مرة أخرى· إي· جي· دايون جونيور محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©