الثلاثاء 7 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

تجربتنا الاتحادية برهنت على أصالتها

تجربتنا الاتحادية برهنت على أصالتها
2 ديسمبر 2007 03:02
وجه سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية كلمة إلى مجلة ''درع الوطن'' بمناسبة اليوم الوطني السادس والثلاثين للدولة فيما يلي نصها: لا تشكل مناسبة الاحتفال بقيام دولة الإمارات العربية المتحدة، ذكرى نتطلع بها إلى الوراء، بقدر ما هي مناسبة لإعادة قراءة تجربة حية متفاعلة، استطاعت بفضل الرؤية الثاقبة والعزيمة الصلبة لبناتها الأوائل أن تتجاوز الكثير من الأنواء والعواصف التي رافقت قيامها، وأن تبرهن على أصالتها في مواجهة من شككوا في إمكانية صمودها أو راهنوا على فتور همة من حمل لواءها، وإذا كان المقام لا يتسع للإحاطة بكل ما تعنيه التجربة الاتحادية الإماراتية، فإن المرء يتوقف أمام أمرين: الأول قدرة هذه التجربة على المزج بين المعنى والمحتوى وتغليب المضمون على الشكل، ففي تلك الفترة التي قامت بها دولة الإمارات العربية المتحدة، كان سقف أماني الوحدة بين أجزاء الوطن العربي عالياً· وكان الذين يعزفون على وتر تلك الأماني كثر، وكان يمكن أن تكون دولة الإمارات واحدة من تجارب الوحدة العربية التي تنتهي قبل أن يجف حبر توقيع أطرافها، لكن صفاء السريرة وطهارة النية التي اتسم بها سلوك آبائنا المؤسسين وعلى رأسهم المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وأخوه المغفور له بإذن الله الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، منعتهم من الاندفاع، الذي يصدر قعقعة ولا ينتج طحناً، وفضلوا بدلاً من ذلك انتهاج سياسة متدرجة مثابرة لإقامة كيان اتحادي راسخ الأركان قادر على تجاوز ما يحيط به من تحديات وما يبثه البعض حوله من شكوك·· ومن هنا كان التزامن في التوقيت، والتوافق في الجهد كاملاً بين المشروع السياسي لإقامة الكيان الاتحادي وبين المشروع التنموي الذي شكل لحمة وسداة المشروع السياسي الإماراتي وضمانة من ضمانات استقراره· الأمر الثاني أن القادة المؤسسين - رحم الله من اختارهم لجواره وأطال عمر من لا يزال يواصل المسيرة منهم - كانوا يراهنون على المواطنين في تعميق التجربة الاتحادية وترسيخها·· ولم يقتصر هذا الرهان على العوامل الاجتماعية والأسرية التي تربط بين أبناء الإمارات فحسب، بل على شبكة المصالح اليومية التي نسجتها التجربة الاتحادية وسهلت قيامها ووفرت لها أسباب الدعم لتصبح بعد ذلك من ضمانات استمرار الكيان الاتحادي ورسوخه كخيار نهائي لأبناء الإمارات وحقيقة سياسية إقليمية ودولية لا مجال للمراهنة على تفككها أو تفسخها، ولعلنا ونحن نقرأ اليوم دفتر التجربة الاتحادية نعيد النظر فيما كان يعتقد البعض أنه دليل على هشاشة تجربتنا الاتحادية وضعفها لتظهر الأيام أنه كان مصدر قوتها وازدهارها· فالبعض إما بحسن نية أو لغرض في النفس، كان ينظر إلى الخصوصية التي ضمنتها التجربة الاتحادية لكل إمارة من الإمارات الأعضاء في الاتحاد، ثغرة لخلخلة المشروع السياسي وباباً للتنافس بين أبناء البلد الواحد وإضعافاً لمؤسسات الدولة وبرامجها، لكن مخرجات التجربة أظهرت أن تلك الخصوصية أعطت مرونة في نشر مظلة الخدمات وتوزيعها بشكل متوازن بحيث لم يعد هناك تفاوت حاد بين الحواضر والبوادي وبين الداخل والساحل، وكان التنافس الذي ظن البعض أنه ثغرة تخلخل المشروع السياسي مصدر قوة حيث أنه ساهم في تحسين أداء المؤسسات وأعطاها المجال لتوسيع نشاطها ووفر لها فرصة إطلاق الكثير من المشاريع التي استقطبت استثمارات داخلية وإقليمية ودولية جعلت من كافة مناطق الدولة مراكز أعمال واستثمار ذات مكانة عالمية مرموقة، وإذا كان الحديث في هذا الجانب ذا شجون كما يقولون، فإنني من موقعي كوزير للخارجية أود أن أركز في هذا المقام على السياسة الخارجية، لأقف بكل الإجلال والتقدير أمام الجهد الذي بذله المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في رسم معالم سياسة خارجية لا تزال تحظى بالتقدير والاحترام في الأوساط العربية والدولية، وهذه السياسة القائمة على قيم رفيعة وأصالة في السلوك جعلت الإمارات تحتل مكانة تتجاوز حجمها الجغرافي وتعدادها السكاني، كما أن هذه السياسة القائمة على التوازن والتواصل مع الجميع على أساس الاحترام المتبادل وحسن الجوار والتمسك بقواعد الشرعية والقانون، هي التي تسهل علينا اليوم، وبتوجيه مستمر من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ''حفظه الله'' وأخيــه صـــاحب الســـمو الشــــيخ محمــد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي ''رعاه الله''، مهمة مواصلة مسيرة علاقاتنا الخارجية على أساس الثوابت التي وضعها الآباء المؤسسون·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©