الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رب العالمين وعد المخلصين بنعيم الآخرة.. و «سورة المؤمنون» إشادة بفضائلهم

رب العالمين وعد المخلصين بنعيم الآخرة.. و «سورة المؤمنون» إشادة بفضائلهم
20 فبراير 2014 22:07
الحمد لله الذي أنعم علينا بالإسلام، وشرح صدورنا للإيمان، والصلاة والسلام على سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد:- أخرج الإمام أحمد في مسنده عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقُولُ: «كَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْوَحْيُ يُسْمَعُ عِنْدَ وَجْهِهِ دَوِيٌّ كَدَوِيِّ النَّحْلِ، فَمَكَثنا سَاعَةً، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ زِدْنَا وَلا تَنْقُصْنَا، وَأَكْرِمْنَا وَلا تُهِنَّا، وَأَعْطِنَا وَلا تَحْرِمْنَا، وَآثِرْنَا وَلا تُؤْثِرْ عَلَيْنَا، وَارْضَ عَنَّا وَأَرْضِنَا، ثُمَّ قَالَ: لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ عَشْرُ آيَاتٍ مَنْ أَقَامَهُنَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ، ثُمَّ قَرَأَ عَلَيْنَا «قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ» حَتَّى خَتَمَ الْعَشْرَ آيَاتٍ»، أخرجه أحمد. جاء في كتاب «إيجاز البيان في سور القرآن للصابوني» حول الحديث السابق قوله: «سميت السورة الكريمة سورة المؤمنون لأن الله تعالى ذكر فيها جلائل أوصافهم، وكرائمَ صفاتهم، وعَرَض فيها للفضائل الإنسانية التي تحلّى بها أولئك الصفوةُ المؤمنون من عباد الله المخلصين، ولذلك سميت «سورةُ المؤمنون» تخليداً لهم وإشادةً بمآثرهم وفضائلهم. وتبتدئ السورة الكريمة بأوصاف المؤمنين العظيمة التي استحقوا بها ميراث الفردوس الأعلى في جنات الخُلد مع النبيين والصديقين (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ، إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ، فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ، أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثونَ، الَّذِينَ يَرِثونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)، «سورة المؤمنون: الآيات 1 - 11»، (إيجاز البيان في سور القرآن للصابوني ص 97 - 98). وعد بالنعيم وجاء في كتاب صفوة التفاسير للصابوني: «أي أولئك الجامعون لهذه الأوصاف الجليلة هم الجديرون بوراثة جنة النعيم، أي الذين يرثون أعالي الجنة التي تتفجر منها أنهار الجنة، وفي الحديث «إذا سألتم الله فسلوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة، ومنه تفجر أنهار الجنة)، وهم دائمون فيها لا يخرجون منها أبداً، ولا يبغون عنها حولاً»، (صفوة التفاسير للصابوني 2/304). ومن هذه الأوصاف الجليلة للمؤمنين كما في الآيات السابقة، قوله تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ)، أي أنهم عفّوا عن الحرام وصانوا فروجهم عمّا لا يحلّ من الزنا واللواط وكشف العورات، أي أنهم حافظون لفروجهم في جميع الأحوال. والعفة خُلُق إيماني رفيع، ومعناها في الإسلام صيانة النفس والروح عن الدّنايَا، حتى ولو كان للبدن في ذلك لذة وشهوة، فالعفة هي طلب العفاف، والكف عن المحرّم الذي حرمه الله سبحانه وتعالى، والاكتفاء بما أحلّ سبحانه وتعالى وإن كان قليلاً. الحكمة والموعظة ونظراً لأهميتها، فقد أمرنا الله سبحانه وتعالى بها، كما في قوله تعالى: (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ)، «سورة النور: الآية 33»، كما حث عليها نبينا - صلى الله عليه وسلم - في عددٍ من الأحاديث الشريفة منها قوله- صلى الله عليه وسلم-: «اللهم إني أسألك الهُدَى والتُّقَى، والعَفَافَ والغِنَى»، (أخرجه مسلم)‏?.? «برّوا آباءكم تبركم أبناؤكم، وعفّوا تعفّ نساؤكم»، (أخرجه الطبراني). «ثلاثة? ?حقٌ? ?على? ?الله? ?عونهم:? ?المجاهد? ?في? ?سبيل? ?الله، والمكاتب? ?الذي? ?يريد? ?الأداء، ? ?والناكح? ?الذي? ?يريد? ?العفاف»، (أخرجه الترمذي). رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُرَبِّي أصحابه على العِفَّة لقد كان - صلى الله عليه وسلم - رحيماً بالبشرية، يأخذ بأيدي الناس إلى الخير والهدى بالحكمة والموعظة الحسنة، كيف لا؟! وربنا سبحانه وتعالى مدحه قائلاً «وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ»، «سورة القلم: الآية 4». وعند دراسة سيرته - صلى الله عليه وسلم - نجد أنه - صلى الله عليه وسلم - قد عالج بعض الحالات الشاذة هنا وهناك بحكمته المعهودة، كما جاء في الحديث عَنْ أَبي أُمَامَةَ قَالَ: «إِنَّ فَتًى شَابًّا أَتَى النَّبيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذَنْ لِي بالزِّنَا، فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ فَزَجَرُوهُ، قَالُوا: مَهْ مَهْ، فَقَالَ: ادْنُهْ فَدَنَا مِنْهُ قَرِيباً، قَالَ: فَجَلَسَ، قَالَ: أَتُحِبُّهُ لأُمِّكَ؟ قَالَ: لا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ، قَالَ: وَلا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لأُمَّهَاتِهِمْ، قَالَ: أَفَتُحِبُّهُ لابْنَتِكَ؟ قَالَ: لا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ، قَالَ: وَلا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ، قَالَ: أَفَتُحِبُّهُ لأُخْتِكَ؟ قَالَ: لا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ، قَالَ: وَلا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لأَخَوَاتِهِمْ، قَالَ: أَفَتُحِبُّهُ لِعَمَّتِكَ؟ قَالَ: لا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ، قَالَ: وَلا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِعَمَّاتِهِمْ، قَالَ: أَفَتُحِبُّهُ لِخَالَتِكَ؟ قَالَ: لا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ، قَالَ: وَلا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِخَالاتِهِمْ، قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ، وَطَهِّرْ قَلْبَهُ، وَحَصِّنْ فَرْجَهُ، قال: فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ ذَلِكَ الْفَتَى يَلْتَفِتُ إِلَى شَيْءٍ»، (أخرجه أحمد). تعاليم إن الإسلام لا يحارب الشهوة أو الغرائز، لكنه يعمل على تهذيبها ضمن الأُطُرِ الشرعية، فقد حرّم الإسلام الزنا وأوجد البديل وهو الزواج، لذلك يجب علينا أن نُيَسِّرَ أمرَ الزواج للشباب، حتى نحميهم من الانحراف، ونسوق هنا بعض النماذج عن العفة، واستشعار عظمة الله، ومراقبته في السرّ والعلن: سيدنا يوسف - عليه الصلاة والسلام - شاب في ريعان الشباب، مكتمل الرجولة، دعته إلى نفسها امرأة العزيز، وهي امرأة ذات منصب وجمال، والأبواب مغلقة، والسّبل ميسّرة، كما حكى القرآن الكريم: (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ)، «سورة يوسف: الآية 23». فماذا كان موقفه أمام هذا الإغراء وتلك الفتنة؟ أَلاَنَتْ قناتُه فاستسلم؟ لا، لأنه يخاف الله ربّ العالمين، حيث قال: (مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ)، «سورة يوسف: الآية 23». ولقد حاولت امرأة العزيز بكيدها ومكرها، وبكل ما أُوتيت من قوة أن تنال من صلابته، حيث أعلنت ذلك للنسوة: (وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ)، «سورة يوسف: الآية 32». وعند ذلك استعاذ سيدنا يوسف - عليه الصلاة والسلام - من شرهنّ وكيدهنّ، واتجه إلى الله سبحانه وتعالى يسأله المعونة والعصمة، واختار السجن على اقتراف الفاحشة: (قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ)، «سورة يوسف: الآية 33». كانت فتنة بين ضمير المؤمن وخشيته الربانية، وبين مغريات الإثم، ففشلت المغريات، وانتصر الإيمان. بقلم الشيخ الدكتور/ يوسف جمعة سلامة خطيب المسجد الأقصى المبارك ‏www.yousefsalama.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©