الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

موجة نمو في قطاع الصناعة الإفريقي تجذب الاستثمارات العالمية

موجة نمو في قطاع الصناعة الإفريقي تجذب الاستثمارات العالمية
20 فبراير 2014 22:42
كثيراً ما يستدل المشككون في تقدم أفريقيا بافتقارها للنشاطات الصناعية، مدللين على ذلك بفشل العديد من الدول في تفادي الفقر دون وجود صناعات قوية ومتطورة. لكن مع ذلك، تشهد القارة انتعاشاً في الصناعة، رغم هيمنة قطاعي الزراعة والخدمات المدعومين بتصدير السلع، في وقت يتم فيه إنشاء العديد من المصانع حول مختلف أرجاء القارة. ويقول ريك راودين، أحد خبراء التنمية في أفريقيا: «بصرف النظر عن الجيوب الضريبية القليلة، لا توجد دولة واحدة قادرة على توفير مستوى معيشي عال بالاعتماد على قطاع الخدمات فقط». وفي غضون ذلك، بدأت الشركات العالمية تتجه صوب القارة، حيث تخطط «سرام»، ثاني أكبر شركة في العالم لصناعة مكونات الدراجات من مقرها في شيكاجو، لإنشاء مصنع في إثيوبيا. وتتميز دراجاتها بإطارات مقاومة للثقب وبمؤخرة ذات سعة حمل قدرها 100 كيلو جرام. ويتم تصميم هذه الدراجات وإنتاجها في أفريقيا، إضافة إلى إنتاج عدد من المكونات بتكلفة زهيدة للغاية هناك. وقال إف كي داي مؤسس الشركة، إن المصنع الأول كان من نصيب جنوب أفريقيا مع التخطيط لإنشاء اثنين آخرين في كل من ممبسا بكينيا وأديس أبابا، في وقت شيدت فيه الصين مصنعاً للأحذية بالقرب من سرام. وبدأت إثيوبيا، التي لم تتخلص من براثن الماركسية بعد، نسبياً في جذب الشركات الصناعية الأجنبية. ويرجح بعض الخبراء تبدد النمو، لعدم وجود العدد الكافي من المصانع التي يمكن أن تدعم اقتصاد القارة. لكن ربما يبدو هؤلاء مفرطون في التشاؤم، حيث استقر نصيب قطاع الصناعة من الناتج المحلي الإجمالي في دول القارة جنوب الصحراء الكبرى، عند ما بين 10 و14% خلال السنوات القليلة الماضية. ويحقق النمو الصناعي في القارة، الذي يعتبر الأسرع في العالم في الوقت الحالي، سرعة مماثلة للقطاعات الاقتصادية الأخرى، حيث يبدو الدليل، كبيراً كان أو صغيراً، واضحاً في جميع أرجاء القارة السمراء. وتستغل كل من «إتش آند إم» السويدية، العاملة في صناعة الأزياء، و«بريمارك» الأيرلندية، الكثير من المواد من إثيوبيا، في حين تقوم «جنرال إليكتريك» ببناء مصنع لها في نيجيريا وتسعى «ماديكاس» الأميركية لصناعة الشيكولاتة، لإضافة عمال جدد لقوتها العاملة البالغ قوامها نحو 650 عاملاً في جزيرة مدغشقر. كما تعكف شركة موبيوس للسيارات في كينيا لمالكها البريطاني جويل جاكسون، على صناعة سيارات رخيصة وقوية للعمل في طرق القارة الوعرة. وفي هذه الأثناء، يحقق قطاع الصناعة المحلي نمواً هو الآخر، حيث تعمل شركة سيمهيل للاتصالات في جنوب أفريقيا لصناعة هواتف محمولة بأسعار رخيصة لبيعها في السوق المحلية. وأعلنت أنجولا أنها بصدد إنتاج الأسلحة بنفسها بمساعدة البرازيل. كما قطع الحرفيون في أفريقيا شوطاً بعيداً في منتجاتهم، حيث يقوم علي لامو، بصناعة حقائب اليد من مواد قابلة للتدوير في الساحل الكيني وبيعها في مواقع إلكترونية غربية. وتعود العديد من الصناعات، بفوائد تنموية كثيرة خارج دائرة قطاع الصناعة. كما يساعد انتشار محال التجزئة، على انتعاش الصناعات الخفيفة. وفي زامبيا، يتم إنتاج عدد كبير من السلع المعروضة في المراكز التجارية على الصعيد المحلي، نسبة إلى ارتفاع تكاليف الشحن عبر الحدود بين الدول. ودفعت الطفرة التي يعيشها قطاع الإنشاءات، إلى طلب المزيد من الكهرباء ذات الضغط العالي. كما ساعد انتشار استخدام الأجهزة المحمولة، بما في ذلك الصرافة المتنقلة، صغار الموردين على تخفيف أعباء العمالة. وبوضع أفريقيا نصب عينيها، أعلنت «آي بي إم»، أن البرامج هي عصب صناعة المستقبل. ورغم أن المستهلك ما زال في حاجة لاستخدام الأجهزة، إلا أن الطلب المحلي المتصاعد، يعمل على توفير سوق لمطوري التطبيقات والبرامج. وما يعزز كل ذلك، التطور الكبير الذي يشهده حقل التعليم. وأكد شارلس روبرتسون، الخبير الاقتصادي في مؤسسة رينيسنس كابيتال المالية في روسيا، أن أفريقيا ولأول مرة في تاريخها تملك كادراً بشرياً قادر على المساهمة في ثورتها الصناعية الجديدة. وقامت شركات صناعة الملابس الغربية في سبعينات القرن الماضي، بإنشاء مصانع لها في بلدان مثل تركيا والمكسيك، حيث يلتحق ربع الأطفال فقط بالتعليم الثانوي. وبنسبة 9% منهم، ولجت أفريقيا حلبة المنافسة. ومن الوسائل الأخرى التي ساعدت على انتعاش الصناعة في أفريقيا، الاستثمارات التي يقوم بها العمال الصينيين الذين يتخلفون بعد انتهاء عقود عملهم، حيث أقام الآلاف منهم أعمالهم الخاصة لجسر الفجوة في الأسواق المحلية. وساعد قانون النمو والفرص في أفريقيا الذي وقعه الكونجرس الأميركي في العام 2000، على انتعاش تجارة السلع المصنوعة محلياً. ونوه البنك الدولي مراراً ولعدد من السنوات بإمكانية هجرة الوظائف الصناعية من آسيا إلى إفريقيا. وذكر أوبياجيلي إزكويسيلي، واحداً من نواب رؤساء البنك، أن من المتوقع هجرة نحو 80 مليون وظيفة من الصين، نتيجة لضغوطات الأجور، يتجه معظمها نحو إفريقيا، في حالة استمرار ارتفاع إنتاجية الفرد العامل في القارة، خاصة إذا تم القضاء على عاملي الرشوة والفساد اللذان يهددان مسيرة التنمية في إفريقيا. وعلى العكس من الصين، أصبحت ممارسة العمل التجاري أقل تكلفة في إفريقيا، في ظل تحسن البنية التحتية ورفع العقبات المضروبة حول التجارة. وربما يقود ذلك إلى تغييرات جوهرية، علماً بأن الانتعاش الصناعي في آسيا في تسعينات القرن الماضي، وجه ضربة قاسية للمؤسسات الإفريقية، التي خرج بعضها من دائرة النشاط التجاري. وفي غضون ذلك، عجز قطاع صناعة الملابس في شمال نيجيريا الذي عاش سنوات من الانتعاش، عن منافسة السلع المستوردة الرخيصة. وتعاني جنوب أفريقيا من مشاكل مماثلة، حيث فشل قطاعها الصناعي في النمو خلال السنة الماضية، رغم الانتعاش الذي تتمتع به القارة ككل. وتتحمل الحكومات جزءاً من هذا الخطأ، بانشغالها بالتمتع بدخل السلع وإهمالها لاحتياجات قطاع الصناعة خاصة الطرق والكهرباء. لكن ربما خضع ذلك أيضاً للتغيير في الآونة الأخيرة. وقال وولفجانج فينجلر، الخبير الاقتصادي في البنك الدولي: “تحتل إفريقيا الآن موقعاً مناسباً للدفع بعجلة قطاع الصناعات، لاسيما وأنها تملك الكوادر المناسبة، بما في ذلك التوزيع السكاني والمدن والطبقة الوسطى المتصاعدة والخدمات القوية. ولتحويل ذلك إلى أرض الواقع، يترتب عليها زيادة استثمارات البنية التحتية وتحسين مناخ العمل التجاري”. وعلى العكس من كوريا الجنوبية، تسلك القارة طريقاً مغايرة بالاستفادة من نمو عدد ضخم من الأعمال التجارية الصغيرة والمتوسطة بالإضافة إلى بعض الكبيرة منها. ومن المتوقع خلال العقد المقبل أو نحوه، أن توفر الخدمات المزيد من فرص العمل والثروات التي تتفوق على القطاع الصناعي الذي يبلي هو الآخر بلاء حسناً. نقلاً عن «ذي إيكونوميست» ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©