الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المنهج والمؤثرات (2/4)

المنهج والمؤثرات (2/4)
6 ديسمبر 2007 04:11
ظلت جياتري سبيفاك الناقدة الهندية - الأميركية منذ أواخر السبعينات حتى أوائل الثمانينات مرتبطة بتأسيس نظرية مابعد الكولونيالية، وتعد واحدة من أبرز نقادها، وكانت مؤثرة بشكل كبير في فهم مجموعة من الأسئلة تطرح عن الاستعمار والهوية، وكان إسهامها في نظرية مابعد الاستعمار بمثابة مزيج متنوع من الماركسية ومابعد البنيوية والنسوية، رغبة منها في إدراك التشكيل المعقد للذاتية والهوية الثقافية· تهتم سبيفاك بالأبعاد المعرفية والخطابية للتدخلات الأوروبية في ثقافات الآخرين· وقد كان إدوارد سعيد في الاستشراق سنة 1978 يرى أن الشرق قد اخترع وأعيد اختراعه ليس بواسطة القوى الاقتصادية والتنظيم المؤسساتي فحسب وإنما أيضاً بواسطة امتلاك الحقيقة بالاعتماد على اللغة والأدب والأيدلوجيا· وسبيفاك بصورة مشابهة لسعيد تركز على العلاقات النصية المتمثلة بالأدب واللغة التي تسعى إلى إخضاع ثقافة الآخرين لتخدم المركز الثقافي، وهذا لا يعني البتة أنها لا تحاول إظهار القوى المادية للمستعمِر والاستغلال الاقتصادي للأمة المستعمَرة، وإنما تسعى جاهدة إلى فهمها عن طريق البنى التمثيلية والخطابية· وهكذا فإن عملها ينصب بشكل أساسي على الهامش والمركز للبحث في مكانة النساء بصورة مقارنة بين المرأة في العالم الثالث المهمشة والمرأة في العالم الأول السائدة، من أجل الوصول إلى خصوصية وضعية المرأة في العالم الثالث، ولم تكن سبيفاك تتبع الأطروحات الماركسية والنسوية ومابعد البنيوية اتباعاً أعمى؛ لأنها تسعى إلى توضيح ضعف هذه الاتجاهات في فهم بعض الظواهر في المجتمعات مابعد استعمارية· فهي تحاول اكتشاف قصور المناهج الأوروبية في فهم العالم الثالث· وهذا يجعل طرحها في غاية التعقيد نظراً لكثافته وغموضه وصعوبته، كما لاحظ روبرت يونج الذي يقول عن خطابها النقدي: ''إن نقد سبيفاك لا يمكن تلخيصه؛ لأنه يقاوم التصنيفات، ولذلك فإن القارئ لعملها لا يواجه نظاماً أحادياً يتضمن سلسلة من الأحداث''، وكأن يونج يريد أن يلمح إلى أن عملها النقدي يشبه الرواية التي لا تتضمن عقدة واضحة يمكن الإمساك بها· إن سبيفاك ترفض أن تتناول التشكيلات الثقافية المعقدة بأدوات أحادية أو بشرح منسجم، وتفضل أن تستخدم أدوات نظرية مختلفة لاكتشاف تنوع المفاهيم المتصلة بالاستعمار بعد أن تبحث عن علاقات بينية منسجمة تربطها ببعضها بعضاً، وبمعنى آخر فإن مصطلحاتها تنتمي إلى حقول وتصنيفات واسعة، فهي تهتم بالدراسات الثقافية بشكل عام، وكتابتها تركز على النصوص الأدبية والسينما والفلسفة والمؤسسات والبنى الاقتصادية والتأريخ، فهي تقول عن نفسها إنها تسعى إلى اكتشاف الهوامش في حقل من الخطابات القوية التي تتجاوز كل ما هو هامشي، إلى الخطابات المهيمنة والسائدة، وهنا يغيب الهامش ليسود المتن، ومن ثم فإن اكتشاف الهامش في هذه الخطابات يعني بالضرورة الدخول في عالم القوة السياسي، والصراع الرمزي من أجل اكتشاف الذات·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©