الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أسطـورة هوليووديـة صدقها أعداء أميركا ورؤساؤها !

أسطـورة هوليووديـة صدقها أعداء أميركا ورؤساؤها !
6 ديسمبر 2007 04:16
رغم توفر العديد من الكتب التي تتناول الأداء السيء لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية إلا أن كتاب ''ميراث الرماد'' يبقى إضافة جديدة في هذا المجال، لخبرة مؤلفه ولاحتواء الكتاب على سبعمائة صفحة كتبت على مدى عشرين عاما معتمدة على 50 ألف وثيقة من أرشيف الوكالة بالإضافة إلى مقابلات صحفية متنوعة· ويناقش الكتاب الذي صدر عن دار نشر دبلداي تاريخ وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية بما فيه من إخفاقات وانتهاكات· استطاع الكاتب أن يرسم لوحة داكنة لوكالة الاستخبارات الأميركية تصور ضعفها وحقيقة كونها فقاعة ووهما كبيرا· اذ أنها كذبت على الرؤساء الأميركيين، وفشلت في التنبؤ بأهم الأحداث العالمية، وخرقت قوانين حقوق الإنسان، وتجسست على أميركيين، ودبرت لاغتيال قادة دول، وتآمرت لقلب أنظمة حكم، وزورت انتخابات وأهدرت طاقاتها ومواردها في عمليات فاشلة سهل اختراقها من قبل جواسيس أعدائها· مما دفع الموقع الإلكتروني الرسمي لوكالة الاستخبارات الأميركية الى تقديم عرض للكتاب مصحوب برد يدحض كثيرا من الاتهامات· الخدعة الكبرى الأسطورة التي روجت للوكالة الأميركية على أنها المنظمة الذكية القوية كانت خرافة كبرى من صنع أفلام هوليوود· ومع ذلك ظلت الدعاية الكاذبة تسيطر لسنوات طويلة على عقول أعداء أميركا ومشاهدي أفلامها، وحتى معظم رؤسائها المعاصرين· وعندما عرف هؤلاء حقيقة الفقاعة شعروا بمرارة كبيرة· فبعد اطلاع الرئيس الأميركي الأسبق دوايت أيزنهاور على سجلات السي أي إيه استدعى مدير مخابراته ألن دالس غاضبا وقال له عبارته الشهيرة: ''لقد عانيت ثماني سنوات من الخسائر·· وأنت تخلف الآن وراءك تركة من رماد''· أما زميله جون كينيدي فصدم صدمة عمره عندما رأى بعينه بطله الأسطوري ويليام هارفي المكافىء لجيمس بوند والرجل الذي حاول استئصال الرئيس الكوبي فيديل كاسترو بالتعاون مع عصابات المافيا، مجرد رجل بدين متهالك مدمن على الكحول وغير متزن عقليا· وكذلك حدث مع زميلهما ليندون جونسون الذي اهتزت ثقته بجهاز استخباراته اثر قيامه بتلفيق أدلة تدعم قصة هجوم شيوعي على المدمرات الأميركية في خليج تونكين، لدعم قرار الكونجرس المؤيد لشن حرب على فيتنام عام ·1964 ففي التقرير الذي قدمته المخابرات لتقدير حجم القوة النووية للسوفييت شكك المحللون في إمكانية السوفييت إطلاق أية صواريخ نووية· إلا أن مدير الوكالة ريتشارد هيلمز حذف هذه الفقرة من مسودة التقرير لتأكيد جاهزية الصواريخ النووية السوفييتية· آخر من يعلم يؤكد المؤلف في كتابه أن كبار ضباط المخابرات كانوا على الدوام آخر من يعلم· فعندما غزت القوات العراقية الكويت عام 1990 كان وزير الدفاع الحالي روبرت جيتس يشغل منصب نائب مستشار الأمن القومي للرئيس السابق جورج بوش، وقد فاجأه صديق لعائلة زوجته أثناء رحلة عائلية قائلا: ''ماذا تفعل هنا؟'' فأجابه: ''عم تتحدث؟''· فقال: ''الغزو!''· فسأله جيتس بذهول: ''أي غزو؟''· قبل ذلك بعام، وأثناء أحداث سقوط حائط برلين كانت مهمة مليت بيردن مدير السي أي إيه لشؤون الاتحاد السوفييتي هي جمع معلومات من الجواسيس عن حقيقة ما يجري على حدود ألمانيا الشرقية والغربية وإبلاغ البيت الأبيض أولا بأول· لكنه بقي أمام شاشات التليفزيون يجمع المعلومات مما تبثه شبكة سي إن إن· فلم يكن هناك جواسيس يصلحون للمهمة بعد أن تمت تصفيتهم جميعا· ولم يكن أحد يعلم السر وراء ذلك، إلى أن افتضح أمر رجل السي أي إيه الخائن ألدريتش آميس الذي باعهم تباعا للسوفييت· وفي عهد مدير الاستخبارات السابق جورج تينيت كانت السلة فارغة دوما· ففي أوائل مايو عام 1999 إبان حرب البلقان قاد الطيار الأميركي دف جن طائرته في مهمة عسكرية لتفجير ''مديرية الإمداد والتموين'' اليوغوسلافية التي كانت التقارير الاستخباراتية الأميركية تشير إلى أنها تخزن الصواريخ قبل إرسالها إلى ليبيا والعراق· لكن استناد الوكالة على خرائط خاطئة نتج عنه تفجير سفارة الصين في بلجراد· وتسبب الخطأ في أزمة دولية خطيرة· ويلقي الكتاب الضوء على علاقة الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون المتوترة بوكالة الاستخبارات الأميركية، فهولم يلتق مدير استخباراته جيمس وولسلي سوى مرتين فقط على مدى عامين من الزمان· وعندما سئل وولسلي عن ذلك قال: ''من قال إن علاقتي سيئة بالرئيس؟! الحقيقة أنني لا علاقة لي به أبدا''· ويقال إن سبب غضب كلينتون من المخابرات الأميركية يعود إلى اتهامها الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين بمحاولة اغتيال الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش وردا على ذلك قامت المخابرات الأميركية بتدبير شن هجوم ليلي بعشرات الصواريخ على مقر مهجور للقوات العراقية في بغداد· فقال كلينتون غاضبا لمدير مخابراته: ''هم يستهدفون بوش·· وكلينتون يستهدف النساء وحراس المباني المهجورة!''· سجل حافل بالإخفاقات ملفات وكالة الاستخبارات الأميركية مليئة بالإخفاقات، وبالأحداث التي فاجأتها وأربكتها· فقد اعترف مدير المخابرات السابق ستانفيلد تيرنر بأنهم لم يعلموا بأمر أول قنبلة ذرية في الاتحاد السوفييتي ،1949 ولا بغزو الصين لكوريا الجنوبية ،1950 ولا بالانتفاضة الشعبية في أوروبا الشرقية في الخمسينات، ولا بالصواريخ الروسية في كوبا ،1962 ولا بحرب العرب على إسرائيل ،1973 ولا بغزو السوفييت لأفغانستان ،1979 ولا بالثورة الإسلامية في إيران ،1979 ولا بانهيار الاتحاد السوفييتي ،1989 ولا بغزو العراق للكويت ،1990 ولا بالقنبلة الذرية في الهند ،1998 ولا بتفجيرات 11 سبتمبر 2001 ، ولا بمكان أسامة بن لادن حتى الآن! وزير خارجية الولايات المتحدة الأسبق هنري كيسنجر قال ردا على سؤال عام 1971 لرئيس الوزراء الصيني الأسبق شو آن لاي عن وقوف رجال السي أي إيه خلف أي شيء يحصل في العالم : ''إنها سمعة لا يستحقونها··''· ولا يتوقف تيم وينر عن تقديم الأمثلة على فشل وكالة الاستخبارات، منها عندما حاصر الثوريون مبنى السفارة الأميركية في طهران عام 1979 واعتقلوا ضابط المخابرات وليام دورتي واتهموه بإدارة شبكة الاستخبارات الأميركية في الشرق الأوسط والتآمر لاغتيال الإمام الخميني· ولكن بالتحقيق معه شعر الإيرانيون بالإهانة لإرسال المخابرات الأميركية جاسوسا لا تزيد خبرته العملية على تسعة أشهر ولا يعرف اللغة الفارسية ولا دراية له بعادات إيران وثقافتها وتاريخها !
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©