الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المخرج ياسر البرّاك: المسرح العراقي سقط مع الدولة

المخرج ياسر البرّاك: المسرح العراقي سقط مع الدولة
6 ديسمبر 2007 04:19
على الرغم من إبتعاده عن العاصمة بغداد وإختياره العمل في مدينته الجنوبية، إلا أن الفعل الإبداعي للمخرج والناقد المسرحي ياسر البرّاك ظل واضحاً في حركة المشهد المسرحي العراقي، إذ أنه منذ عام 1992 طرح مشروعه المسرحي الذي يعتمد على خلق مراكز مسرحية في المحافظات إلى جانب المركز المسرحي في العاصمة، وقد كانت حصيلة ذلك عدداً من الأعمال المسرحية المهمة التي قدمت في مدن عراقية عديدة إلى جانب مشاركتها في أغلب المهرجانات المسرحية التي تُقَدَّم في العراق، وحصدت أعماله العديد من الجوائز وشهادات التقدير وثناء النقاد، وإلى جانب عمله الإخراجي تبنّى البرّاك الممارسة النقدية في المسرح من خلال كتابته للنقد المسرحي في الصحف العراقية والمجلات العربية، للوقوف على تجربته المسرحية كان هذا الحوار· ؟ الآن وبعد أكثر من أربع سنوات من الاحتلال الأميركي للعراق ما صورة المشهد المسرحي ؟ ـ أعتقد أن الاحتلال قد أثّر تأثيراً سلبياً على المشهد المسرحي العراقي لأن الأميركان عملوا على تدمير الدولة العراقية، وبما أن مؤسسات الإنتاج المسرحي والثقافة العراقية بصورة عامة كانت مرتبطة بمركزية الدولة فإن انهيارها في نيسان 2003 كان نتيجة طبيعية لانهيار الدولة العراقية، وبالمحصلة العامة تكون صورة المشهد المسرحي العراقي قاتمة لغياب مؤسسات الإنتاج المسرحي، ولكن بعد الاحتلال بدأ المسرحيون يعيدون الهيبة والاعتبار للمسرح العراقي عبر ترميم مؤسسات الإنتاج المسرحي في مشروع الدولة الجديدة، ولكن للأسف ظل القائمون على العملية السياسية في العراق منشغلين ببناء كيان الدولة الجديدة تحت سطوة المحتل دون أن يهتموا ببناء مؤسسات الثقافة والفن والمسرح على وجه الخصوص، وباتت وزارة الثقافة في العراق عرضة للمحاصصات الطائفية المقيتة الأمر الذي دفع بالمسرح العراقي للتخلف، وهو ما جعل من هذا المسرح ضائعاً بين محاولات فردية بعضها يتسم بالنبل من أجل إعادة الاعتبار لقيمة المسرح العراقي، وبعضها الآخر يتصف بالانتهازية والوصولية التي تفشّت في مختلف نواحي مؤسسات الدولة الجديدة، لكن الأمل يبقى معقوداً على إرادة المسرحيين· سطوة الأمن ؟ وهل فترة الضياع التي تصف بها المشهد المسرحي العراقي الراهن ستطول أم ستقصر؟ ـ الأمر مرهون بإرادة المسرحيين، إضافة إلى تحسن الوضع الأمني لأنه من المستبعد تماماً أن تكون هناك حركة مسرحية حقيقية مالم تكن هناك حياة مدنية مستقرّة، لذلك فإن حجم التحديات كبير، تحديات تبدأ من ضرورة التوصل إلى نوع من المشاركة السياسية بين الفرقاء السياسيين تضمن حقوق الجميع في القرار السياسي، إضافة إلى القضاء على الإرهاب والعصابات المحلية وجدولة انسحاب القوات المحتلة، والدعوة إلى بناء الدولة العراقية الجديدة على أسس مقبولة للجميع، عندها فقط يمكن أن نتفاءل بصورة مشرقة لمستقبل المسرح العراقي· ؟ ولكن ماذا تسمي التجارب المسرحية العراقية الحالية التي تقدم في بعض مدن العراق ومشاركة فرقه الرسمية في المهرجانات المسرحية العربية؟ ـ هذه التجارب في واقع الحال تجارب فردية وإن حاولت أن تستفيد من سلطة بقايا المؤسسات الفنية والمسرحية في العراق، فالفرقة القومية للتمثيل التابعة إلى دائرة السينما والمسرح التي تمولها وزارة الثقافة وهي الفرقة المسرحية الرسمية الوحيدة، إنشطرت هذه الفرقة في البدء إلى فرقتين (قومية، ووطنية)، وتضاءل معدل إنتاجها المسرحي إلى أدنى مستوياته منذ تأسيسها عام ،1968 والشيء المهم أن الفرقة لازالت تفكر بعقلية النظام الشمولي السابق، وهو ما يخلق نوعاً من المراوحة الإبداعية تحول دون الانفتاح على بقية المدن العراقية وتأسيس فرق شبيهة بها في تلك المدن بحيث تتلقى دعماً حكومياً، أما بالنسبة للأعمال المسرحية التي تقدم في مختلف مدن العراق فهي مازالت تعاني من عقدة سيطرة العاصمة على مجمل الدعم المسرحي الذي يحظى به المسرح· حرية·· ولكن·· ؟ وهل استطاع المسرح العراقي في ظل (مناخ الحرية) القائم أن يتمثل تجربة الاحتلال المريرة ضمن أعماله؟ صحيح أن في العراق الآن فضاءً كبيراً لحرية التعبير، لكنني أعتقد أن المواطن العراقي وبالتالي الفنان لم يُحسن إستغلال هذا الفضاء، فبعد أربع سنوات من الاحتلال لا نجد مسرحيات عراقية تتعامل مع هذا الموضوع كما يجب، إلا مع إستثناءات قليلة وهي مسرحيات تُنتج عادة للمشاركة بها في المهرجانات العربية، ولعل ذلك يعود إلى إشكال كبير في الحياة العراقية الحالية بدأ مع الإحتلال نفسه، فهناك من يرى أن الأميركان محررون، وهناك من يظن أنهم غزاة فاتحون، وآخر يقف على الحياد بين هذا وذاك، ومهما يكن فإن فضاء الحرية الذي أوجده المحتل تحوّل بالتدريج إلى نوع من الفوضى والفلتان، ناهيك عن التابوات الدينية التي بدأت تظهر على سطح المجتمع العراقي والتي تصل حدَّ تحريم بيع الخيار والطماطم في سلة واحدة لأن الخيار ذكر والطماطم أنثى· * على ذكر التابوات الدينية بدأنا نشهد في أغلب المدن العراقية إضافة إلى العاصمة نوعاً من المسرحيات الدينية التي تُقدّم لحساب طائفة معينة ما رأيك بهذه الظاهرة؟ ـ المسرح الديني موجود على الدوام ضمن مسيرة المسرح العالمي، حتى أوروبا وأميركا الآن تشهد تقديم مسرحيات دينية، لكن السؤال يبقى أي مسرحيات دينية يمكن أن نقدّم؟ وظاهرة المسرح الديني في العراق أيضاً ليست جديدة فقد بدأ النشاط المسرحي العراقي أواخر القرن التاسع عشر على يد رجال الدين المسيحيين في مدينة الموصل، وقد أدى صعود نجم الأحزاب الدينية بعد الاحتلال إلى أن يقوم العديد من المسرحيين بتقديم مسرحيات دينية، لكن قلّة منهم وجدت في الموضوعات الدينية والأشكال الاحتفالية الدينية مشروعا للبحث الجمالي والمسرحي يمكن من خلاله تأصيل هوية محددة للمسرح العراقي كما هو الحال مع (مسرح التعزية)، ولا نعتقد أن هذه الظاهرة ستستمر مع استمرار الأداء السياسي السيء لأغلب هذه الأحزاب، مستثنين بذلك الجهود المسرحية التي تعتمد مشروعاً جماليا يمكنه أن يشكل إضافة للمسرح· ؟ أين ترى موقع المسرح العراقي من المسرح العربي الحالي؟ ـ المسرح العراقي والعربي يحملان همّاً مشتركاً ويتوزع هذا الهم على هدفين أساسيين: الأول هو السعي لصياغة مشروع عربي في المسرح يمنحه هويته ويؤصل له خصوصية تتقاطع أحياناً وتتحاور أحياناً أخرى مع النموذج الغربي للمسرح، والهدف الثاني هو تأكيد ضرورة المسرح كممارسة اجتماعية يومية لتوسيع مساحة هامش الحرية القائم·
المصدر: بغداد
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©