الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

النجاح من أول مشهد

النجاح من أول مشهد
6 ديسمبر 2007 04:21
أجواء ممطرة، وبرق ورعد، وسيدة شابة تبدو في حالة غير طبيعية تقف في حديقة المنزل تحت الأمطار تنادي طفلتها ''آية'' تعالي إلى ماما، وعلى الجانب الآخر يظهر رجل ملامحه يعلوها الذعر والقلق، ويصيح محذرا الطفلة·· ''آية لا تذهبي·· تعالي إلى بابا''·· وتمسك السيدة الشابة المسدس·· وتصوبه إلى الصغيرة ''آية'' وتطلق عليها الرصاص ليهوي جسد الطفلة في حمام السباحة الذي يتوسط الحديقة، هكذا دخل المخرج الشاب محمد جمعة في صلب الموضوع مباشرة واستطاع أن يسيطر من الوهلة الأولى على كل من يتابع فيلمه الأول ''أحلام حقيقية'' ولم يسمح بأن يلتقط الجمهور أنفاسه أو يتخلى عن التعلق بالشاشة، حتى في المشاهد الإنسانية والرومانسية كان يقدم صورا مبهرة وأماكن تصوير غير تقليدية· ثراء بصري رغم أن معظم الأحداث تم تصويرها داخليا في ستديوهات أو أماكن خاصة فقد كانت الصورة السينمائية مختلفة وتحقق المتعة البصرية من خلال ديكور مميز في شركة تكنولوجيا المعلومات أو منزل الأسرة المنكوبة بالأحلام المفزعة وغيرها من الأماكن التي شهدت الجرائم والأحلام الحقيقية· وقبل أن نتوقف أمام أداء أبطال الفيلم نسجل أن البطل الأول في هذه النوعية الجريئة من أفلام الإثارة والرعب هو السيناريو الذي استطاع السيناريست محمد دياب أن يؤكد به قدراته وموهبته في أول سيناريو سينمائي يحمل اسمه،· ملامح ماطرة فيلم ''أحلام حقيقية'' قصة وسيناريو محمد دياب وإخراج محمد جمعة وبطولة حنان ترك وخالد صالح وفتحي عبد الوهاب وداليا البحيري، وسواء كنت تحب هذه النوعية من الأفلام أو ترفضها فإنه يبعث شعورا بالأمل يوحي بأن السينما المصرية بدأت تتعافى من غيبوبة الكوميديا الافيهات التي سيطرت عليها طويلا· والملاحظة السلبية التي تلح على من يشاهد فيلم ''أحلام حقيقية'' منذ البداية وحتى النهاية هي تلك الأجواء الممطرة والرمادية التي تؤكد أن الأحداث وقعت في شتاء شديد البرودة كأننا نرى وقائع في عاصمة الضباب لندن وليست مصر المميزة بشمسها الدافئة صيفا وشتاء، وقد تكون الحالة النفسية النادرة التي يتناولها الفيلم هي الدافع لاختيار مثل هذه الأجواء الغريبة· وبعيدا عن الأمطار والبرق والأنفلونزا التي لم تفارق ضابط المباحث طوال الفيلم فقد كانت الموسيقى التصويرية للملحن الشاب تامر كروان أحد المؤثرات الأساسية في استكمال الحالة التي وضعنا فيها صناع الفيلم وكانت معبرة ومواكبة لحركة الكاميرا بتلقائية محسوبة· إنجازات تقنية لعبت الاضاءة والظلال وزوايا التصوير دورا مهما في إضافة المزيد من التشويق والإثارة ليسجل مدير التصوير نزار شاكر صورة غير تقليدية على الشريط السينمائي، اما ديكور حمدي عبد الرحمن فقد توافق تماما مع المستوى الاجتماعي الراقي والترف الذي تعيش فيه الأسرة المنكوبة، ويظل المونتاج هو أحد العناصر الفارقة في نجاح أي فيلم ولذلك تساءل كثير من جمهور العرض الخاص عن المونتير أحمد شحمة الذي لفت الانظار في أولى تجاربه السينمائية من خلال فيلم يعتمد على الايقاع المتوافق والقطع المناسب في التوقيت المناسب· ويؤكد أداء حنان ترك لشخصية ''مريم'' السيدة الشابة التي تعاني حالة نفسية غريبة ونادرة انها ممثلة الأدوار الصعبة حيث تعيش كوابيس وأحلاما مفزعة بصورة متكررة وهذه الأحلام تتحقق بكل ما فيها من جرائم وحوادث بشعة ترتكبها في الحلم لتفاجأ بأنها واقع في اليوم التالي· أدركت حنان طبيعة الشخصية وجسدت معاناة زوجة محبطة عاطفياً تزوجت زواجا تقليديا من طبيب مرموق ''خالد صالح'' بعد أن تخلت عن حبها لزميل الجامعة ''فتحي عبدالوهاب'' ونجدها تعامل زوجها الطبيب الهادئ المهذب بجفاء ولا مبالاة، كما تعامل ابنتها الوحيدة ببرود غير طبيعي وكأنها تتعمد الابتعاد عنها وتترك كل شؤونها للمربية ''كريمة''، اما الفنان خالد صالح فقد نجح في الايحاء بأنه قد يكون المدير لتلك الجرائم وجسد شخصية ''د· أحمد'' طبيب التجميل الوقور الهادئ الذي يوفر كل وسائل الحياة المرفهة لأسرته واستخدم كل ادواته كممثل ليضفي قدرا من الريبة والغموض على الشخصية·
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©