السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كفاكم سفسطة!!

15 مارس 2017 22:15
لا يضيرني البتة أن تصطف مباراة برشلونة وباريس سان جيرمان بالكامب نو عن إياب الدور ثمن نهائي لدوري أبطال أوروبا والمنتهية بفوز لازوردي لأمراء البلوجرانا، في طابور المباريات الأكثر جنوناً وإصابة بالخبل، إلا أنني عند النفاذ إلى مكنونات هذه المواجهة بذهابها المرعب بحديقة الأمراء وإيابها المجنون بالكامب نو، وقفت على حقيقة ملهاة كرة القدم، المعبرة عن السوفسطائية التي يتقمصها تحليلنا للمباريات نقاداً كنا أو مدربين أو شغوفين بكرة القدم. وأستسمحكم في تعريف أظن أن أكثركم سمع به عن السوفسطائية التي تعرف كحركة فلسفية غير متكاملة تقوم على الإقناع لا على البرهان العلمي أو المنطقي، وعلى الإدراك الحسي والظن، وعلى استعمال قوة الخطابة والبيان والبلاغة والحوار الخطابي، والقوانين الجدلية الكلامية بهدف الوصول إلى الإقناع بما يعتقد أنه الحقيقة، وبهذا المعنى أصبحت السوفسطائية عنواناً على المغالطة والجدل العقيم واللعب بالألفاظ وإخفاء الحقيقة. وما كان سفسطة في التعاطي مع هذه المواجهة التي تصنف فعلاً كواحدة من عجائب كرة القدم، أن كثيراً ممن سلخوا جلد برشلونة ولعنوا منظومة لعبها، بل وأنبؤونا بوفاتها، بعد السقوط برباعية مدوية في حديقة الأمراء بباريس، انقلبوا على عقبيهم وبرشلونة يحقق الريمونتادا التاريخية بالفوز المهيب بسداسية بالكامب نو. وما كان سفسطة أن الذين وضعوا النياشين على صدر باريس سان جيرمان وجزموا بعد الفوز بالرباعية التاريخية أن لا أحد سيقوى هذه المرة على قطع الطريق أمام أمراء الحديقة ليصبحوا أمراء لأوروبا، هم أنفسهم الذين أخرجوا السيوف من أغمادها ولم يتركوا مكاناً في جسم الفريق الباريسي إلا وشرحوه، بل إنهم ذهبوا إلى تجريد الفريق الباريسي من نياشينه تلك التي وضعوها على صدره بعد ملحمة الذهاب، ولا أقدر فعلاً أن أحصي ما جاء من تقبيح وتقديح للنادي الباريسي في الكتابات المفجوعة والكتابات الشامتة. وما كان قمة في السفسطة أن من يطالبون اليوم بإقالة الإسباني أوناي إيمري من تدريب البي إس جي، مقرين بعدم أهليته لتحقيق الحلم الأوروبي هم أنفسهم الذين طالبوا إدارة الفريق الباريسي توقيع عقد مدى الحياة لإيمري مهندس المباراة الهلامية بباريس قبل 3 أسابيع. أين هو المنطق في كل هذا الذي نقرؤه ونسمعه؟ ليست السفسطة إلا ملمحاً لكرة قدم ترمينا في بحور النقائض والجدالات، والحقيقة التي نجهر بها جميعاً، هي أننا نعشق في كرة القدم هذا الشغب الفكري الذي تمارسه علينا.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©