الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قلعة الجاهلي ومعرض «فجر التاريخ» يرويان تاريخ الإمارات العريق

قلعة الجاهلي ومعرض «فجر التاريخ» يرويان تاريخ الإمارات العريق
15 فبراير 2011 22:11
العين (الاتحاد) - يستقطب معرض “فجر التاريخ .. الكشف عن ماضي أبوظبي القديم”، الذي تنظمه هيئة أبوظبي للثقافة والتراث خلال الفترة من 2 فبراير ولغاية 2 مايو 2011، المئات من الزوار والسياح يومياً، حيث يتيح المعرض بشكل رئيسي الفرصة للاطلاع على عدد من الأعمال الأثرية المهمة التي نفذها آثاريون دنماركيون خلال الفترة الممتدة من 1958 إلى 1972 في إمارة أبوظبي. ويُقام المعرض برعاية سمو الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان ممثل الحاكم في المنطقة الشرقية، بالتعاون مع متحف موسجارد الدنماركي ومؤسسة الشيخة سلامة بنت حمدان آل نهيان. ماض عريق من جهة أخرى، قام عدد من مراسلي وكالات الأنباء والصحف العربية والدولية، إضافة لبعض المحطات الإذاعية والفضائية الدولية بزيارة لمعرض فجر التاريخ وقلعة الجاهلي، حيث أعربوا عن تقديرهم البالغ وإعجابهم بالماضي العريق لدولة الإمارات وتراثها الحضاري الغني، وأشادوا بالمشاريع الرائدة التي تطلقها هيئة أبوظبي للثقافة والتراث في إطار استراتيجية صون التراث الثقافي لإمارة أبوظبي ودولة الإمارات، والتفاعل مع مختلف الثقافات والحضارات، واستقطاب رموز الفكر والأدب والثقافة والباحثين من مختلف أنحاء العالم. وقد اطلع الوفد الإعلامي من قبل إدارة البيئة التاريخية والمكتب الإعلامي للهيئة على مركز الزوار في القلعة المزود بمكتبة ومجلس، والذي يقدم المعلومات عن كل ما يمكن زيارته والقيام به في مدينة العين، مع وجود فريق مطلع ومدرب يقدم النصح و الإرشاد للزوار. وقد تمّت عمليات إعادة تأهيل قلعة الجاهلي بعناية فائقة باستخدام مزيج من المواد التقليدية والتقنيات الحديثة. ونتج عن هذا المزيج مبنى يتميز بانسجامه البيئي والتاريخي مع المكان المحيط به، خاصة مع حديقة الجاهلي القريبة منه. كما تجولوا في صالة “بن لندن وحرية الصحراء” بالجاهلي، التي باتت معرضاً دائماً مخصصاً لويلفريد ثيسنجر الذي عبر صحراء الربع الخالي مرتين في الأربعينيات من القرن الماضي. وقد كان ويلفريد ثيسنجر– صديق المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه – يعرف مدينة العين جيداً حيث كان يستمتع بالاستكشاف والصيد بالقرب من منطقة “جبل حفيت”. ويكشف هذا المعرض عشق ثيسنجر للصحراء وتقديره للبدو الذين قدموا له العون خلال رحلاته الاستكشافية. أما معرض “فجر التاريخ..” المجاور لقلعة الجاهلي فقد استوحى تصميمه من الشكل الدائري لمدفن هيلي الكبير في العين، وتم تقسيمه إلى 14 قسماً تروي قصة اكتشاف فريق من الآثاريين الدنماركيين التابع لمتحف موسجارد في الدانمارك بالتعاون مع الهيئات المحلية عن الماضي الآثاري لأبوظبي. العصر الحجري وتوفر هذه الاكتشافات التي جرت قبل خمسين عاماً لمحة نادرة عن الحياة في الماضي في شبه الجزيرة العربية، وتشمل بعضاً من أهم المواقع الأثرية في جنوب شرقها. ومن بين أهم المكتشفات التي يسلط عليها الضوء في المعرض مكتشفات تعود إلى العصر الحجري يرجع عمرها إلى 10 آلاف عام، بالإضافة إلى اللوحات المنقوشة على الكهف في موقع قرن بنت سعود ومدافن حفيت التي ترجع إلى 5 آلاف عام وحضارة أم النار ومدفن الكبير في هيلي. وتعد قلعة الجاهلي علامة معمارية وتراثية مميزة، خصوصاً بعد انتهاء عمليات الترميم والتجديد التي قامت بها هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، حيث أعادت الهيئة افتتاح القلعة للزوار في ديسمبر 2008 بمناسبة اليوم الوطني لدولة الإمارات، مما حولها إلى متحف دائم ومعرض يستقطب الزوار والسياح في مدينة العين. جائزة العمارة الدولية وكان متحف شيكاغو الأثيني للعمارة والتصميم والمركز الأوروبي لفنون التصاميم المعمارية والدراسات الحضرية، قد اختار قلعة الجاهلي لجائزة العمارة الدولية ضمن أفضل الإنجازات المعمارية الحديثة لعام 2010. ويعود تاريخ قلعة الجاهلي إلى عام 1898، وقد قام الشيخ زايد بن خليفة “زايد الأول” حاكم إمارة أبوظبي في الفترة الممتدة من 1855 إلى 1909 ببناء هذه القلعة بالقرب من إحدى المستوطنات حول واحة الجاهلي، وجعل منها محل إقامته الصيفية وباشر منها بالعديد من المشاريع التطويرية بدءاً بالأفلاج وانتهاء بالمباني الدفاعية. ويدل أحد النقوش المكتوبة على البوابة الجنوبية للقلعة على أن القلعة المربعة الداخلية تعود إلى تسعينيات القرن التاسع عشر ميلادي. وكانت القلعة تستخدم كاستراحة صيفية للعائلة الحاكمة، كما كانت تمثل رمز الاستقرار السياسي الذي حققه الشيخ زايد بن خليفة خلال فترة حكمه الطويلة. ويسعى معرض “فجر التاريخ .. الكشف عن ماضي أبوظبي القديم “ لإبراز عدد من أهم المواقع التاريخية والأثرية في المنطقة كمستوطنة أم النار، ومدافن جبل حفيت، ومدفن هيلي الكبير، وبرج هيلي، وقرن بنت سعود. مستوطنة أم النار كشفت حفريات أم النار عن حضارة جديدة بكل معاني الكلمة تعود إلى عام 2400 قبل الميلاد تقريباً. وتم العثور على الكثير من آثار إنتاج النحاس وتصنيعه. عاش تجار أم النار ومارسوا أعمالهم في بيئة منظمة تنظيماً جيداً وفي ظل العديد من الأنظمة المعترف بها عالمياً للأوزان والمقاييس، بما فيها النظام المطبق في بلاد الرافدين. وكانت مستوطنة التجارة على صلة وثيقة بمجتمعات المزارعين. عاش شعب أم النار حياة كريمة، حين كانوا يكسبون رزقهم من صيد الطرائد والأسماك. وقد كانوا يعملون بجد، حسبما تشير بقايا كثيرة من العظام إلى العمل الشاق على شكل آثار للعضلات وكسور في العظام وألبسة، كما كانت متوقعة لدى البحارة وصيادي الأسماك. في عام 1958، اكتشف البروفيسور غلوب للمرة الأولى أدوات مصنوعة من الصوان في أم النار. وبعد ذلك جرى تحديد مواقع أخرى تعود إلى العصر الحجري في جبل حفيت وهيلي وقرن بنت سعود. وتم تحديد عُمر هذه المكتشفات النادرة بين خمسة آلاف إلى ستة آلاف سنة. وتعد من أقدم الآثار البشرية في أبوظبي. مدافن جبل حفيت في عام 1970، اكتشفت كارن فريفلت أن عمر القدور الموجودة في هذه المدافن يبلغ 5 آلاف سنة وأنها جاءت من بلاد الرافدين- العراق حالياً! ويبرهن هذا الاكتشاف على الروابط بعيدة المدى بين أبوظبي والمدن القديمة في بلاد الرافدين في هذه الحقبة من فجر التاريخ. ثمة برهان أيضاً على مزاولة نشاطات التنقيب عن المعادن في ذلك الزمن القديم. ومن المعروف أن إجراءات مماثلة للتنقيب عن المعادن كانت مستخدمة في الهند وباكستان خلال الفترة نفسها، مما يشير إلى وجود تبادل للأفكار فضلاً عن البضائع. مدفن هيلي الكبير قام المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، تغمده الله بواسع رحمته، حاكم المنطقة الشرقية من إمارة أبوظبي آنذاك بتوجيه الآثاريين الدنماركيين إلى هذا النصب عام 1962. ونظراً لحجم الهندسة المعمارية وجودتها والبناء الحجري المتقن، يُعتبر هذا الأثر أكثر المدافن أهمية في حضارة أم النار، ويقدَّر عمره بحوالي 4500 سنة. وقد أصبح بمثابة أيقونة لعصور ما قبل التاريخ في الخليج ورمزاً لآثار أبوظبي وتراثها. ومن برج هيلي كان يتم تنظيم الدفاع عن مستوطنة الواحة المهمة هذه. وفي بلاد الرافدين، كان يطلق عليها اسم “مجان” بوصفها بلداً غنياً بالنحاس والأخشاب والحجارة الصلبة والأحجار شبه الكريمة. وحول البرج، وجد الآثاريون فخاراً شبيهاً بالذي تم اكتشافه في مدفن هيلي الكبير. وأظهر ذلك أن الذين دُفنوا في هذا المدفن هم أنفسهم بناة البرج. قرن بنت سعود في فبراير 1970، قام الفريق الدنماركي برحلة قصيرة إلى هذا التكوين الصخري ووجد أنه مغطى بمدافن حجرية. وكان أحدها غنياً بمكتشفات من العصر الحديدي. وفي الرميلة، أشارت حفرية صغيرة أجريت عام 1968 إلى وجود مستوطنة مع بقايا لمنازل وأوان فخارية محفوظة جيداً تعود إلى العصر الحديدي فيما بين 900 إلى 600 قبل الميلاد. وصادف الآثاريان مايكل بيك وبو مادسن آثاراً لمستوطنة أخرى من العصر الحجري إلى الغرب من صخرة قرن بنت سعود، وقد قام متحف العين فيما بعد بإجراء حفريات في هذا الموقع المهم، حيث تم العثور أيضاً على قناة للري الجوفي- الفلج عمرها 3 آلاف عام.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©