الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بوتين··· أب الأمة الروسية بقرار شعبي

بوتين··· أب الأمة الروسية بقرار شعبي
7 ديسمبر 2007 23:29
تمكن حزب الرئيس بوتين ''حزب روسيا المتحدة''، من إحراز نصر حاسم على معارضيه -الذين طالما ضيق عليهم الخناق من قبل الكرملين- في الانتخابات البرلمانية التي أجريت يوم الأحد الماضي· ومع أن هذه النتيجة قد حققت لحزب ''بوتين'' ما تم التكهن به منذ مدة طويلة، إلا أنها جاءت تحمل معها مخاطر مرحلة جديدة من عدم الاستقرار السياسي في روسيا· وعلى رغم تمكن ''بوتين'' من توسيع دائرة سلطاته وشعبيته، إلا أنه لم يكف عن إثارة الكثير من الشكوك إزاء نواياه وخططه المستقبلية، ما يسبب صعوبة كبيرة في الحصول على أي إجابة كان عن السؤال الرئيسي المطروح حول مستقبل روسيا: من سيتولى المنصب الرئاسي بحلول ربيع العام المقبل؟ وفقاً لنصوص الدستور الروسي -التي تقتصر ولاية الرئيس على مدتين رئاسيتين متتاليتين لا أكثر- فقد أعلن بوتين من قبل أنه لن يحق له الترشح في شهر مارس المقبل، غير انه أكد في الوقت ذاته عزمه على أن يحتفظ لنفسه بدور مؤثر في السياسات الروسية، سواء كان ذلك عن طريق توليه لمنصب رئيس الوزراء، أم عبر زعامته لحزبه ''حزب روسيا المتحدة''، أم أن يحقق ذلك تحت مسمى غامض وصف هنا على أنه ''أب الأمة''· وإلى حد ما، فقد عكست نتائج انتخابات يوم الأحد الماضي، رضا الناخبين الروسيين، -كما وصفه ''بوتين'' بأنه أهم إنجاز له على الإطلاق- ورضا الناس عن استعادة قوة الاقتصاد الروسي، واسترداد هيبة روسيا في المسرح العالمي، على إثر ما لحق بها من تراجع كبير عقب انهيار الاتحاد السوفييتي في عقد التسعينيات· بيد أن مستشاري ''بوتين'' أقروا بأنهم لم يفعلوا شيئاً حتى الآن بصدد كيفية انتقال القيادة والمهام الرئاسية بعد نهاية ولاية بوتين الحالية· وربما تعلّق الجزء الأكبر من هذه الصعوبة التي واجهها مستشاروه، بما يبدو تناقضاً في المواقف السياسية لبوتين خلال الأشهر القليلة المنصرمة؛ فعلى سبيل المثال، تمكن ''بوتين'' من قلب انتخابات مجلس الدوما الأخيرة، إلى استفتاء شعبي حول رئاسته، وبالنتيجة فقد دعا مؤيدوه في العاصمة موسكو وغيرها من المدن الرئيسية في البلاد، الناخبين إلى الإدلاء بأصواتهم لصالح ''بوتين''، دون أي ذكر لحزبه السياسي· وبسبب تعمد بوتين عدم الإفصاح عن خططه لمرحلة ما بعد انتهاء ولايته الرئاسية، فقد سادت الصراعات داخل الكرملين، بينما عمت روسيا كلها موجة من نظريات المؤامرة؛ فهناك من مؤيديه من دعا إلى إيجاد ثغرات قانونية ما، تسمح له بالبقاء في منصبه الرئاسي، وهناك من اعتقد أنه سوف يجد من بين مستشاريه، من يحل محله في المنصب الرئاسي لمدة مؤقتة فحسب، حتى يتمكن هو من العودة مجدداً إلى منصبه· ومما أصبح غير قابل للشك بين الناخبين الروس، أن أي مرشح رئاسي يصادق عليه ''بوتين'' ســوف يكــون النصر حليفه بالتأكيد· أما في واشنطن فإن هذه الشكوك المحيطة بمصير قيادة الكرملين عند حلول موسم ربيع العام المقبل، لا تمثل تحدياً لإدارة بوش وحدها، وإنما لكل من يخلفه في البيت الأبيض· وتجدر الإشارة هنا إلى أن لإدارة بوش علاقاتها المتوترة سلفاً مع بوتين، بسبب تزايد تأكيد هذا الأخير لدوره ونفوذه الدوليين، مصحوباً بتنامي صعود النفوذ الاقتصادي العالمي لروسيا، بسبب ضخامة عائداتها النفطية· وكما علّمنا التاريخ الروسي، فقد ظلت السلطة تأتي دائماً من علٍ، على امتداد الأربعة قرون الماضية، سواء كان مصدر هذه السلطة، القياصرة الروس، أم السكرتير العام للحزب الشيوعي، أم الرئيس؛ ولذلك فليس مستغرباً أن يتساءل عامة الشعب، عما إذا كان ''بوتين'' هو من سيحمل العبء هذه المرة، أم سيتولاه من سيخلفه في الكرملين؟ وبهذه المناسبة فإن هناك من المحللين السياسيين المختصين في شؤون الكرملين، من تكهن بتقلص صلاحيات ''بوتين'' وسلطاته، ما أن تنتهي مدة ولايته· لكن وعلى نقيض هذا التوقع تماماً، يتنبأ حتى أكثر اليائسين السياسيين الروس بأن ''بطة بوتين العرجاء'' لن يسهل عليها مطلقاً الانزواء من المشهد السياسي، والابتعاد عن مواقع صنع القرار والسياسات، حتى وإن لم تروّج لنفسها عبر الإعلانات الانتخابية لموسم السباق الرئاسي المقبل· وما يؤكد هذه التوقعات، فظاعة معاملة الكرملين لمعارضي بوتين، والضغوط التي مارسها على مؤيديه الإقليميين لحشد الناخبين لصالح ''حزب روسيا المتحدة''· وتؤكد جميع هذه الممارسات أن الكرملين لا يريد مطلقاً لمنافسي بوتين، الحصول على أي شعبية مؤيدة لهم· وعلى امتداد روسيا كلها، أكد أعضاء الأحزاب المعارضة تعرضهم طوال الأسابيع الأخيرة الماضية، للمضايقات المستمرة من قبل السلطات، في حين أكد العاملون في الشركات الحكومية تلقيهم أوامر بالتصويت لصالح حزب روسيا المتحدة· وبسبب هذه الممارسات وغيرها، فقد تمكن حزب ''بوتين'' من تحقيق انتصار انتخابي كاسح في المعركة الأخيرة، مستفيداً من دعم الكرملين له على حساب خصومه ومعارضيه· وإلى هذه الممارسات جميعاً، تضاف كذلك التغطية الإعلامية التلفزيونية الواسعة التي حظيت بها حملته الانتخابية - قياساً إلى ضعف تغطية الحملات الانتخابية للأحزاب المعارضة- مع العلم أن القنوات التلفزيونية القومية يسيطر عليها الكرملين· كيلفورد جي· ليفي- موسكو ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©