الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ألزايمر مصغر

ألزايمر مصغر
4 مايو 2009 00:35
في العام 1907 وصف الطبيب الألماني (آلوا ألزايمر) مرضًا غريبًا يؤكد وجهة نظره في أن الجنون والنسيان مرضان كيميائيان. وصف حالة امرأة شابة لا تعاني خرف الشيخوخة لكنها بدأت تجد عسراً بالغًا في تذكر الماضي والأحداث القريبة والوجوه .. ثم صار انتقاؤها للكلمات أصعب، وصار من العسير أن تذكر كيف تلبس ثيابها أو تغسل وجهها .. أضف لهذا بعض التصرفات الاجتماعية غير اللائقة ..وبعد موت المرأة وجد علامات مميزة للشيخوخة في المخ. هكذا عرف العلم اسم داء (ألزايمر) الذي يصر كل إنسان على أنه مصاب به، ويصر كذلك على أن (ال) في بداية الاسم أداة تعريف، لذا يقول لك في ثقة: «أنا مصاب بزهايمر شديد». لا أعتقد أن الأمور بلغت معي هذه الشدة، فما زلت أذكر عنوان بيتي وأذكر أنني متزوج وأب (برغم أن نسيان هذا قد يكون لطيفًا أحيانًا)، لكن فيما عدا هذا لا يمكن القول إن ذاكرتي على ما يرام ... مئات الأفكار تتوارد على ذهني طيلة اليوم .. تتواثب كالبراغيث بلا توقف .. بعضها رائع فعلاً.. أنتهي من هذه المكالمة الهاتفية أو تلك أو أفرغ من هذه الوجبة، ثم أحضر مفكرتي الصغيرة وآخذ نفسًا عميقًا لأدون هذه الفكرة .. أية فكرة ؟.. لقد تبخرت تمامًا .. أحاول أن استرجع الخيط بالمقلوب فلا أفلح في أن أجد الخيط ذاته .. لقد نسيت الفكرة .. أية فكرة ؟.. نسيتها .. بعد نصف ساعة أنسى تمامًا أنني نسيت .. المشكلة تزداد سوءًا مع الأحلام. يبدو أنني كنت أحمل بذرة عبقري من طراز (إلياس هاو) أو (كولردج) ممن يجدون أفضل الأفكار أثناء النوم، لكني فقدت هذه البذرة للأسف في ظروف غامضة .. أصحو من نومي منبهرًا متلاحق الأنفاس وأمسك بالقلم لأدون هذا الحلم الذي رأيته .. أي حلم ؟.. عندما يتكلم صاحبي أجد تعليقات مهمة جدًا وممتعة جدًا على كلامه، لكنه للأسف ممن يثرثرون .. هكذا أصغي له في صبر.. في النهاية يسألني عن رأيي فأقول في يأس: نسيت !. طبعًا لن أحدثك عن وقفتي البلهاء في السوبر ماركت أحاول تذكر لماذا دخلته .. عشرات العمال يسألونني عما أريد فأهز رأسي . أبتاع لحمًا وجبنًا وخبزًا ومنظفات وسجائر وخضرًا ومعطر جو .. ثم أعود للبيت لتسألني زوجتي: «هل تذكرت شراء الملح كما طلبت منك ؟» هذا المقال ليس مخصصًا للسخرية، بل هو يهدف لشيء مهم جدًا .. هذا الشيء هو .... هو ... نسيت طبعًا .. أكرر اعتذاري وأتمنى لك يومًا سعيدًا .. د. أحمد خالد توفيق
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©