الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإنفاق الأميركي في أفغانستان: هدر وفساد

الإنفاق الأميركي في أفغانستان: هدر وفساد
4 مايو 2009 00:37
تقوم الحكومة الأميركية بضخ كميات كبيرة من الموارد الجديدة في أفغانستان من أجل الأمن ومشاريع إعادة الإعمار؛ لكنها تواجه خطر تكرار نفس الأخطاء التي ارتكبتها في العراق حيث أهدرت مليارات الدولارات بلا طائل. ويرى بعض المشرعين الأميركيين أن سجل الولايات المتحدة في ما يخص الإنفاق على إعادة الإعمار في العراق، مازال دون المطلوب، مما يزيد المخاوف من أن تشوب إنفاقها في أفغانستان نفس التجاوزات وغياب المحاسبة. وفي هذا الإطار قال السيناتور بايرون دورجان (ديمقراطي) عن ولاية «داكوتا الشمالية» لوزير الدفاع جيتس، خلال اجتماع لجنة تابعة لمجلس الشيوخ يوم الخميس الماضي: «آمل فقط أن تكثفوا الجهود لمراقبة هؤلاء المتعاقدين والمبالغ المالية التي تُنفق، لأن ثمة تجاوزات تشمل الإهدار والفساد». وبعد الجدل المحتدم الذي أثارته مشاكل التعاقد مع الشركات الأميركية في العراق، يريد مشرعون، مثل السيناتور دورجان، التأكد من ألا تقوم الولايات المتحدة مرة أخرى بهدر المال في أفغانستان، حيث يبدو أن المشاكل والتحديات أكثر وأصعب هناك. وقد أنفقت الولايات المتحدة أكثر من 33 مليار دولار على إعادة الإعمار في أفغانستان، علاوة على 25 مليار دولار من بلدان أخرى، غير أنه لا يوجد عدد كاف من المدقيين الماليين لرصد وتتبع مصير الأموال الأميركية، ناهيك عن تتبع الكيفية التي يتم بها إنفاق مليارات الدولارات من الأموال الجديدة، كما يقول مسؤول مطلع. ويضيف هذا المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته قائلا: «لم تكن ثمة أي مراقبة أو إشراف خلال السنوات السبع الماضية، ولأن أفغانستان ليست مجتمعا قبلياً في الواقع بقدر ما هي مجتمع شبيه بالمافيات من حيث تركيبته وبنيته حيث يوجد رجال أقوياء، وطريقة إنفاق المال فضفاضة جداً وتتم بدون حسيب أو رقيب». ويخشى المسؤول أن يجد المدققون الماليون الحكوميون، حين يبدؤون في بحث ودراسة الوثائق بحثاً عن طرق إنفاق مماثلة... أن الولايات المتحدة لم تحصل على أي مقابل لما دفعته من أموال، إذ يقول: «هل استُعمل المال وحقق الأهداف التي رصد من أجلها؟ الجواب بدون شك هو لا ثم لا». وفي هذه الأثناء، بدأ المفتش العام الجديد لإعادة الإعمار في أفغانستان، «آنولد فيلدز»، عمله للتو ؛ وقد أصدر أحدث تقاريره يوم الخميس، ما يمهد لمزيد من التحقيقات. ويوظف «فيلدز» اليوم 44 شخصاً، منهم 17 موجودون في الميدان بأفغانستان. أما الهدف، فهو بناء مكتب لمفتش عام ومعه تسعين موظفاً، وأكثر من 30 شخصاً لتدقيق العقود في أفغانستان، كما تقول المتحدثة باسم المكتب في واشنطن. وعلى غرار ما حدث في العراق، فإنه من المرتقب أن تعتمد الولايات المتحدة على المتعاقدين الحكوميين في أفغانستان، ومن المنتظر أن يعملوا في بيئة حيث الفساد متفش بكثرة. ويستشري في هذا المجتمع كذلك، حيث يبدو مفهوم الحكامة غريباً نوعاً ما، الفقر والأمية... وهو ما يضع مزيداً من الأعباء على المتعاقدين الأميركيين والمسؤولين الحكوميين والمدققين الماليين، لضمان ذهاب المال الذي تنفقه الولايات المتحدة إلى وجهته المقصودة. ولهذا الغرض، أنشأت الولايات المتحدة قاعدة بيانات جديدة لتعقب العقود والمتعاقدين، غير أن تقريراً صدر مؤخراً عن مكتب محاسبة الحكومة التابع للكونجرس، خلص إلى أن النظام الجديد، واسمه المختصر «سبوت»، ليس كافياً بعد للتعاطي مع عدد وحجم كل العقود. وكان ستيوارت بووين، المفتش العام لإعادة الإعمار في العراق، قد حذر الشهر الماضي من أن على الولايات المتحدة أن تستفيد من دروس العراق، إن رغبت في تجنب هدر الأموال في أفغانستان، إذ قال: «إننا بحاجة في أفغانستان كذلك إلى نظام لتتبع المشاريع وتعقب البرامج»، مضيفاً القول: «غير أنه لا يوجد نظام جيد هناك الآن». وهكذا، فالولايات المتحدة مطالبة بأن تراقب جيداً ميزانيتها، وقدرة المتعاقدين الأميركيين الذين تتعاقد معهم على النهوض بمهامهم على أحسن وجه. وهي تقوم حالياً بالضغط على أفغانستان لمواجهة مشاكل الفساد التي تعيق تطورها. هذا ومن المتوقع أن يُصدر فيلدز، الذي سافر إلى أفغانستان يوم الخميس، تقريراً خلال الأسابيع المقبلة حول عقد بقيمة 404 ملايين دولار في أفغانستان. ويعتقد جيتس، الذي يشتكي من إنفاق البنتاجون، أن صميم المشكلة يكمن في عدم إشراف البنتاجون على إنفاقه الخاص في الخارج؛ فبكل بساطة هناك عدد صغير جداً من الموظفين الحكوميين الذين يستطيعون القيام بمراقبة مليارات الدولارات التي تنفق في مناطق الحرب والإشراف عليها. كما أن كثيرا من المدققين الماليين هم أنفسهم متعاقدون. ويأمل جيتس حل مشكلة «الثعلب الذي يحرس خم الدجاج»، عبر تحويل بعض أولئك المتعاقدين إلى خبراء تفتيش محترفين ومدربين. لكن البعض يعتقد أنه سيكون من الصعب استقطاب متعاقدين يتقاضون رواتب عالية إلى وظائف حكومية ذات رواتب أدنى. وعموماً، يطمح جيتس إلى أن يكون ثمة 4000 من مثل هؤلاء الموظفين خلال السنة المالية 2010. وقال أمام لجنة الاستماع في الكونجرس هذا الأسبوع: «إننا لا نستطيع إنفاق دولار واحد لسنا مضطرين إلى إنفاقه لأنه ينقص موارد يمكن أن تستعمل للقيام بأشياء أخرى»، مضيفاً القول: «ثم إن إنفاقه على المتعاقدين الذين لا يقومون بمهامهم، ليس هدراً وغشاً وتجاوزاً فحسب، بل يؤثر على قدراتنا أيضاً». جوردون لوبولد -واشنطن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©